وليس في تاريخ هذه الدنيا ثورة هزت العالم ، ومجدت الحق ، وسجلت فخرا للانسان مثل ثورة الامام الحسين ، فجميع فصولها نور ، وكل آفاقها شرف ومجد ، وقد حفلت بالدروس الخالدة عن العقيدة التي لا تضعف ، والايمان الذي لا يقهر ، والإباء الذي لا يذل. وقد فتحت لأمم العالم وشعوب الأرض عصرا جديدا اتسم بروح الثورة والتمرد على الظلم والطغيان ، ومقاومة الاضطهاد ومناهضة الفساد :
لقد كانت ثورة ابي الأحرار هي الثورة الاولى في التاريخ البشري وذلك بما حققته من المكاسب على الصعيد الفكري والاجتماعي والسياسي والتي كان من بينها.
واحرز الامام العظيم بشهادته النصر الهائل الذي لم يحرزه أي ثائر في الأرض فقد انتصرت أهدافه ومبادئه التي ناضل من اجلها ، وكان من أهمها انتصار القضية الاسلامية في صراعها السافر مع الأموية التي عبثت بمقدرات الاسلام ، وراحت تستأصل جميع جذوره حتى لا يعد له أي ظل على واقع الحياة ، وقد اخذ الحسين على عاتقه مصير الدين الاسلامي فاستشهد في سبيله ، وقد اعاد سلام اللّه عليه للاسلام نضارته ، وأزال عنه الخطر الجاثم عليه ، يقول الفيلسوف الألماني ماريين : «لا يشك صاحب الوجدان اذا دقق النظر في أوضاع ذلك العصر وكيفية نجاح بني أمية في مقاصدهم ، واستيلائهم على جميع طبقات الناس وتزلزل المسلمين .. ان الحسين قد أحيا بقتله دين جده وقوانين الاسلام ، ولو لم تقع تلك الواقعة ، ولم تظهر تلك الحسيات الصادقة بين المسلمين ... ولو لا قتل الحسين لم يكن الاسلام على ما هو عليه قطعا ، بل كان من الممكن ضياع