مما أهاب بكثير من الفئات أن ينظروا إلى الحكم بأنه مغنم وسبب للتمتع بنِعَم الدنيا وخيراتها ، وقد أدّى ذلك إلى تهالك الجماعات والأفراد نحو الملك والسلطان ، فطلحة والزبير ومعاوية وعمرو بن العاص وغيرهم لم يكونوا ينشدون أيّ هدف إنساني أو اجتماعي في تمرّدهم على حكومة الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، وإنما كانوا هائمين في طلب الإمرة والخلافة ، وأعقب عصيانهم بلبلة الروح الدينية ، وزعزعة الإيمان في النفوس ، وانتشار الأحزاب النفعية التي حالت بين المجتمع الإسلامي وبين حكومة القرآن.
٣ ـ وخلقت حكومة عثمان طبقة ارستقراطية أشاعت الترف والبذخ وتهالكت على اللذّة والمجون ، وكان من بينها الاُسر القرشية التي غرقت بالأموال وحارت في صرفها ، في حين أنّ الأوساط الاجتماعية كانت تعاني الضيق والحرمان ؛ ممّا أدّى إلى ثورة المصلح الكبير أبي ذر صاحب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على الرأسمالية القرشية التي جُمعت بغير وجه مشروع ، ومطالبته بتأميمها وإرجاعها إلى الخزينة المركزية ؛ لتنفق على تطوير الحياة الاقتصادية وتنمية الدخل الفردي ، وإذابة الفقر والحاجة في جميع القطاعات الشعبية حسب ما يريده الإسلام.
٤ ـ وعملت حكومة عثمان على إحياء العصبية القبلية التي حاربها الإسلام ، فقد جهد عثمان على تقوية اُسرته وبسط نفوذها ، وحمايتها من القانون ومنحها جميع أسباب القوة ؛ مما أدّى إلى تكتّل الاُسر العربية ، وشيوع النعرات الجاهليّة من الافتخار بأمجاد الآباء والاعتزاز بالأنساب ، وغير ذلك مما سنذكره في بحوث هذا الكتاب.
٥ ـ تطلّع النفعيِّين إلى الوصول إلى الحكم والاعتماد على قوّة السيف من دون أن يعنى بإرادة الاُمّة. يقول (يوليوس فلهوزن) : فمنذ ذلك الحين صار للسيف القول الفصل في أمر رئاسة الحكومة التيوقراطية ، وفتح باب