لقد وطأكم ابن الخطاب برجله وضربكم بيده ، وقمعكم بلسانه فخفتموه ورضيتم به (١).
ووصف الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بعد حفنة من السنين سياسة عمر ومدى محنة الناس فيها بقوله : «فصيّرها ـ يعني أبا بكر في توليته لعمر ـ في حوزة خشناء ؛ يغلظ كلمها ، ويخشن مسّها ، ويكثر العثار فيها ، والاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصعبة ؛ إن اشنق لها خرم ، وإن أسلس لها تقحّم ، فمُني الناس ـ لعمر الله ـ بخبط وشماس ، وتلوّن واعتراض» (٢).
وتتجافى هذه السياسة عن سيرة الرسول (صلّى الله عليه وآله) وسياسته ، فقد سار بين الناس بالرفق واللين ، وساسهم بالرأفة والرحمة ، وكان لهم كالأب الرؤوف ، وكان يشجب جميع مظاهر الرعب التي تبدو من بعض الناس تجاهه ، فقد جاءه رجل ، وقد أخذته الرهبة منه ، فنهره (صلّى الله عليه وآله) وقال له : «إنّما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد».
وقد سار (صلّى الله عليه وآله) بين أصحابه سيرة الصديق مع صديقه والأخ مع أخيه ، من دون أن يشعرهم بأنّ له أيّة مزيّة أو تفوّق عليهم ، وقد مدح الله تعالى معالي أخلاقه بقوله : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم).
ويقول المؤرّخون : إنّ عمر فرض الحصار على صحابة الرسول ، ولم يسمح لهم بمغادرة يثرب ، فكانوا لا يخرجون إلاّ بإذن خاص منه ،
__________________
(١) حياة الإمام الحسن بن علي (عليه السّلام) ١ / ١٧٥.
(٢) نهج البلاغة ١ / ١٦٢.