كانت غير ودّية ؛ ويعود السبب في ذلك إلى أنّ عاصم بن عمر شرب الخمر فشهد عليه الحسين بذلك في مجلس القضاء أيّام عثمان فاُقيم عليه الحد ، وقد أوجبت هذه البادرة شيوع التباغض بين الاُسرتين (١).
ولم نبسط القول في خلافة عمر ، ولم نلم بسيرته ولا بما أثر عنه من الأحداث ، خصوصا ما صدر عنه من الفتاوى التي كانت بعضها من الاجتهاد قبال النص كتحريم المتعة وغيرها ، لم نعرض لذلك فقد آثرنا الإيجاز في أمثال هذه البحوث ، وإنما عرضنا للأحداث المتقدّمة ؛ لأنها تصوّر الحياة الاجتماعية والفكرية التي عاشها الإمام الحسين (عليه السّلام) في ذلك العصر ، كما تلقي الأضواء على حياته.
وعلى أيّ حال ، فإن الذي يهمّنا أن نعرض إلى اغتيال عمر وما رافقه من الأحداث الخطير ة ، فقد عزا بعض الكتّاب من المحدّثين إلى أنّ اغتياله كان وليد مؤامرة حاكها الاُمويّون للتخلّص من حكمه ، وفرض سلطانهم على المسلمين (٢) ، وقد أيّدوا ذلك بأنّ أبا لؤلؤة الذي اغتاله كان مولى للمغيرة بن شعبة ، وصلة المغيرة بالاُمويِّين كانت وثيقة للغاية.
وفيما أحسب أنّ هذا الرأي لا يحمل أيّ طابع من التحقيق ؛ لأنّ علاقة عمر كانت مع الاُمويِّين طبيعية وقوية ، فلم تقع بينهما أيّة منافسة أو كراهية ، وكان عمر شديد الميل لهم ؛ فقد استعمل أعلامهم ولاة على الأقطار والأقاليم الإسلاميّة
__________________
(١) المنمق في أخبار قريش / ٤٩٩.
(٢) من أنصار هذا الرأي الاُستاذ العلائلي ، وقد نصّ عليه في سموّ المعنى في سموّ الذات / ٣١ ، الطبعة الثانية.