فلم يرضِه ذلك ، وتلا قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (١).
ثم قال لهم : أما والله ، إنّي وإيّاكم لنعلم ابن بجدتها والخبير بها.
ـ كأنّك أردت ابن أبي طالب.
ـ وأنّى يعدل بي عنه ، وهل طفحت حرّة مثله؟
ـ لو دعوت به يا أمير المؤمنين.
ـ إنّ هناك شمخاً من هاشم ، وأثرة من علم ، ولحمة من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، يؤتى ولا يأتي ، فامضوا بنا إليه.
وخفّوا جميعاً إليه فألفوه في حائط له وعليه تبان ، وهو يتركل على مسحاته ويقرأ : (أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى) إلى آخر السورة ، ودموعه تهمي على خدّيه ، فأجهش القوم بالبكاء ، ثمّ سكتوا ، فسأله عمر عمّا ألمّ به ، فأجابه عنه. فقال له عمر : أما والله ، لقد أرادك الحقّ ، ولكن أبى قومك.
ـ «يا أبا حفص ، خفض عليك من هنا ، ومن هنا». وقرأ قوله تعالى : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً).
وذهل عمر ، فوضع إحدى يديه على الاُخرى وخرج كأنّما ينظر في رماد (٢).
ويقول بعض المؤرّخين : إنّ العلاقة بين الإمام الحسين (عليه السّلام) وآل عمر
__________________
(١) سورة الأحزاب / ٧٠.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٢ / ٧٩ ـ ٨٠.