جانب حتّى لقد وُطئ الحسنان ، وشقّ عطفاي (١) ، مجتمعين حولي كربيضة الغنم» (٢).
وأجّلهم إلى صباح اليوم الثاني لينظر في الأمر ، فافترقوا على ذلك.
ولم يجد الإمام (عليه السّلام) بدّاً من قبول الخلافة ؛ خوفاً أن ينزو إليهم علج من بني اُميّة ، كما كان يتحدّث بذلك ، يقول (عليه السّلام) : «والله ، ما تقدّمت عليها إلاّ خوفاً من أن ينزو على الاُمّة تيس من بني اُميّة ، فيلعب بكتاب الله عزّ وجلّ» (٣).
لقد دعته الضرورة والخوف على الإسلام إلى قبول خلافتهم التي لا إرب له فيها سوى إقامة الحقّ ودحر الباطل ، فلم يكن ابن أبي طالب رائد العدالة الاجتماعية في الإسلام من عشّاق الملك والسلطان ، ولا ممن يبغي الحكم لينعم في خيراته ، إنه ربيب الوحي الذي أثبت في جميع أدوار حياته زهده في الدنيا ، وعزوفه عن جميع رغباتها.
وازدحمت الناس في الجامع الأعظم تنتظر بفارغ الصبر لعلّه قد أجابهم
__________________
(١) شقّ عطفاي : أراد به خدش جانبيه من كثرة زحام الناس عليه للبيعة.
(٢) ربيضة الغنم : الطائفة الرابضة ، يصف جثومهم بين يديه.
(٣) أنساب الأشراف ١ ق ١ / ١٥٧.