وأجمع المعنيون في البحوث التربوية والنفسية على أن البيئة من أهم العوامل التي تعتمد عليها التربية في تشكيل شخصية الطفل وإكسابه الغرائز والعادات ، وهي مسؤولة عن أي انحطاط أو تأخّر للقيم التربوية ، كما أن استقرارها وعدم اضطراب الاُسرة لهما دخل كبير في استقامة سلوك النشء ووداعته. وقد بحثت مؤسسة اليونسكو في هيئة الاُمم المتّحدة عن المؤثرات الخارجة عن الطبيعة في نفس الطفل ، وبعد دراسة مستفيضة قام بها الاختصاصيّون قدّموا هذا التقرير :
مما لا شك فيه أن البيئة المستقرة سيكولوجياً ، والاُسرة الموحّدة التي يعيش أعضاؤها في جو من العطف المتبادل هي أول أساس يرتكز عليه تكيف الطفل من الناحية العاطفية ، وعلى هذا الأساس يستند الطفل فيما بعد في تركيز علاقاته الاجتماعية بصورة مرضية ، أما إذا شوّهت شخصية الطفل بسوء معاملة الوالدين فقد يعجز عن الاندماج في المجتمع (١).
إنّ استقرار البيئة وعدم اضطرابها من أهم الأسباب الوثيقة في تماسك شخصية الطفل وازدهار حياته ، ومناعته من القلق ، وقد ذهب علماء النفس إلى أن اضطراب البيئة وما تحويه من تعقيدات ، وما تشتمل عليه من أنوار الحرمان كل هذا يجعل الطفل يشعر بأنه يعيش في عالم متناقض مليء بالغش والخداع والخيانة والحسد وأنه مخلوق ضعيف لا حول له ولا قوة تجاه
__________________
(١) أثر الاُسرة والمجتمع في الأحداث الذين هم دون الثالثة عشرة ـ مؤسسة اليونسكو / ٣٥.