واضطرب عثمان ، وقرأ الرسالة بإمعان وقد أحاط به الثوار ، فبادر إليه المغيرة وطلب منه الإذن بالكلام معهم فأذن له ، ولمّا قرب منهم صاحوا به : يا أعور وراءك.
وصاحوا به ثانياً :
يا فاجر وراءك.
وصاحوا به ثالثاً :
يا فاسق وراءك.
ورجع المغيرة خائباً مهاناً قد أخفق في سفارته ، ودعا عثمان عمرو بن العاص وطلب منه أن يكلم القوم ، فمضى إليهم وسلّم عليهم فلم يردّوا عليه السّلام لعلمهم بفسقه وفجوره ، وقالوا له :
ارجع يا عدو الله.
ارجع يابن النابغة ، لست عندنا بأمين ولا مأمون.
ورجع خائباً في وفادته ، لم يستجب له القوم وقابلوه بمزيد من التوهين والاستخفاف.
وعلم عثمان أن لا ملجأ له إلاّ الإمام أمير المؤمنين فاستغاث به ، وطلب منه أن يدعو القوم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه ، فأجابه إلى ذلك بعد أن أخذ منه المواثيق على الوفاء بعهده ، ومضى الإمام إلى الثوار وهو يحمل الضمان لجميع مطاليبهم ، فلمّا رأوه قالوا له :
وراءك.