امتنّ على جماعة هذه الاُمّة فيما عقد بينهم من حبل هذه الاُلفة التي ينتقلون في ظلّها ويأوون إلى كنفها ، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ؛ لأنها أرجح من كلِّ ثمن ، وأجلّ من كلِّ خطر» (١).
وناهض كل مَن يدعو إلى التفرقة وتصديع الشمل ، وأمر بأن يعلا وجهه بالسيف ـ على حدّ تعبيره ـ وقاوم العصبية التي هي من أسباب التفرقة والبغضاء بين الناس ، ودعا إلى التعصّب لمكارم الأخلاق ، يقول (عليه السّلام) : «فإن كان لا بدّ من العصبية فليكن تعصّبكم لمكارم الخصال ، ومحامد الأفعال ، ومحاسن الاُمور التي تفاضلت فيها المجداء والنجداء من بيوتات العرب ويعاسيب القبائل بالأخلاق الرغيبة ، والأحلام العظيمة ، والأخطار الجليلة ، والآثار المحمودة ؛ فتعصّبوا لخلال الحمد من الحفظ للجوار ، والوفاء بالذمام ، والطاعة للبر ، والمعصية للكبر ، والأخذ بالفضل ، والكفّ عن البغي ، والإعظام للقتل ، والإنصاف للخلق ، والكظم للغيظ ، واجتناب الفساد في الأرض» (٢).
لقد عنى الإمام بوحدة الاُمّة وتبنّى جميع الأسباب التي تؤدي إلى تماسكها واجتماع كلمتها ، وقد حافظ على هذه الوحدة في جميع أدوار حياته ؛ فقد ترك حقه وسالم الخلفاء صيانة للأمة من الفرقة والاختلاف.
ولم يعهد عن أحد من الحلفاء أنه عنى بالناحية التربوية أو بشؤون التعليم كالإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، وإنما عنوا بالشؤون العسكرية ، وعمليات الحروب ،
__________________
(١) نهج البلاغة ـ محمد عبده ٢ / ١٨٠.
(٢) نهج البلاغة ٢ / ١٧٥.