يردّدون كلام ابن عباس : إنّ الحسين من بيت النبوة ، وهم ورثة العلم.
وجّه الإمام (عليه السّلام) هذه الكلمة النيّرة إلى الأنصار والمهاجرين ، ونعى عليهم تسامحهم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الّلذَين بني عليهما المجتمع الإسلامي ، كما عرض إلى المظالم الاجتماعية التي مُنيت بها الاُمّة ، والتي كانت ناجمة عن تقصيرها في إقامة هذا الواجب الخطير ، وهذا نصّها : «اعتبروا أيّها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار ، إذ يقول : لَوْلاَ يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمْ الإِثْمَ (١). وقال : لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٢).
وإنّما عاب الله ذلك عليهم ؛ لأنهم كانوا يرون من الظَّلَمة الذين بين أظهرهم المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك ؛ رغبة فيما كانوا ينالون منهم ، ورهبة مما يحذرون ، والله يقول : فَلاَ تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي (٣). وقال : وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ (٤).
فبدأ الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه ؛ لعلمه بأنّها إذا اُدّيت واُقيمت استقامت الفرائض كلّها ، هيّنها وصعبها ؛ وذلك أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الإسلام ، مع ردّ المظالم ، ومخالفة الظالم ، وقسمة الفيء والغنائم ، وأخذ الصدقات من مواضعها ووضعها في حقّها ... ثم
__________________
(١) سورة المائدة / ٦٣.
(٢) سورة المائدة / ٧٨.
(٣) سورة المائدة / ٤٤.
(٤) سورة التوبة / ٧١.