والتفت إلى أبي طلحة الأنصاري فعهد إليه بما يحكم أمر الشورى فقال له : يا أبا طلحة ، إنّ الله أعزّ الإسلام بكم ، فاختر خمسين رجلاً من الأنصار ، فألزم هؤلاء النفر بإمضاء الأمر وتعجيله.
واتّجه نحو المقداد بن الأسود فعهد إليه بمثل ذلك ، وقال له : إذا اتّفق خمسة وأبى واحد منهم فاضربوا عنقه ، وإن اتّفق أربعة وأبى اثنان فاضربوا عنقيهما ، وإن اتّفق ثلاثة منهم على رجل ورضي ثلاثة منهم رجل آخر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمان بن عوف ، واقتلوا الباقين إن رغبوا عمّا اجتمع عليه الناس.
وأنذر عمر الصحابة وهدّدهم بمعاوية وعمرو بن العاص إذا لم تتفق كلمتهم وتنازعوا على الحكم والسلطان ، فقد قال لهم : يا أصحاب محمد ، تناصحوا ؛ فإن لم تفعلوا غلبكم عليها عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان.
وعلّق شيخ الإمامية الشيخ المفيد على هذا الكلام بقوله : إنما أراد عمر بهذا القول إغراء معاوية وعمرو بن العاص بطلب الخلافة وأطماعهما فيها ؛ لأن معاوية كان عامله وأميره على الشام ، وعمرو بن العاص عامله وأميره على مصر ، وخاف أن يضعف عثمان أن تصير إلى علي فألقى هذه الكلمة إلى الناس لتنقل إليهما وهما بمصر والشام ، فيتغلّبا على هذين الإقليمين إن أفضت إلى علي (١).
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٣ / ٩٩.