وكانت عند النبي (صلّى الله عليه وآله) قبل مرضه سبعة دنانير أو ستة فخاف (صلّى الله عليه وآله) أن يقبضه الله وهي عنده فأمر أهله بالتصدّق بها ، ولكن انشغالهم بتمريضه أنساهم ذلك ، وكان (صلّى الله عليه وآله) يفكر بها فسألهم عنها فأجابوه : إنها لا تزال باقية عندهم ، فطلب منهم أن يحضروها ، فلمّا جيء بها إليه وضعها في كفه وقال : «ما ظنّ محمد بربّه لو لقى الله وعنده هذه».
ثمّ تصدّق بها ، ولم يبقَ عنده أي شيء من حطام الدنيا (١) ، وقد تحرّج (صلّى الله عليه وآله) في حياته عن جميع ملاذ هذه الحياة ، فكان فيما يقول الرواة : إنّه خرج من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير (٢) ، وقد توفّي ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير (٣) ، وكانت وسادته من أدم حشوها ليف (٤) ، وكان يجلس على حصير حتّى أثر في جنبه فقال له أصحابه : يا رسول الله ، لو اتخذنا لك وطاء. فقال لهم : «ما لي وللدنيا! ما أنا في الدنيا إلاّ كراكب استظلّ تحت شجرة ثمّ راح وتركها» (٥).
وقد جاءته فاطمة بكسرة خبز ، فقال لها : «ما هذه الكسرة يا فاطمة؟». قالت : «قرص خبز
__________________
(١) مسند أحمد ٦ / ١٠٤.
(٢) صحيح البخاري ـ كتاب الأطعمة.
(٣) مسند أحمد ٤ / ١٠٥.
(٤) صحيح مسلم ـ كتاب اللباس والزينة.
(٥) صحيح الترمذي ٦ / ٦٠.