الإسلامية ، فخاض الأهوال ، والتَحَم التحاماً رهيباً مع قوى الشرك والإلحاد ، حتّى قام هذا الدين وهو عبل الذراع بجهاده وجهوده ، قد حَباه الله بكل مكرمة وخصّه بكل فضيلة ، وأنّه أبو الأئمة الطاهرين الذين فجّروا ينابيع الحكمة والنور في الأرض.
وأفرعت دوحة النبوّة وشجرة الإمامة الذرّية الطاهرة التي تشكّل الامتداد الرسالي بعد النبي (صلّى الله عليه وآله) ، فكان الوليد الأوّل أبا محمد الزكي ، وقد امتلأت نفس النبي (صلّى الله عليه وآله) سروراً به ، فأخذ يتعاهده ، ويغذّيه بمثُله ومكرمات نفسه التي طبق شذاها العالم بأسره (١).
ولم تمضِ إلاّ أيّام يسيرة ـ حدّدها بعض المؤرّخين باثنين وخمسين يوماً (٢) ـ حتّى علقت سيّدة النساء بحمل جديد ، ظلّ يتطلّع إليه الرسول (صلّى الله عليه وآله) وسائر المسلمين بفارغ الصبر ، وكلهم رجاء وأمل في أن يشفع الله ذلك الكوكب بكوكب آخر ليضيئا في سماء الاُمّة الإسلامية ، ويكونا امتداداً لحياة المنقذ العظيم.
ورأت السّيدة اُمّ الفضل بنت الحارث (٣) في منامها رؤيا غريبة
__________________
(١) ذكرنا عرضاً مفصّلاً لولادة الإمام الزكي أبي محمد (عليه السّلام) في كتابنا حياة الإمام الحسن ١ / ٤٩ ـ ٥٦.
(٢) المعارف ـ لابن قتيبة / ١٥٨.
(٣) اُمّ الفضل : هي لبابة الكبرى زوج العباس بن عبد المطلب