وأمّا غلاماه اللذان قُتلا معه فقد سحبوهما وألقوهما على التلال ، فأكلتهما الكلاب (١).
وعلى أيّ حال فقد كانت الثورة على عثمان ثورة اجتماعية لا تقلّ شأناً عن أنبل الثورات الإصلاحية التي عرفها التاريخ ، فقد كانت تهدف إلى الحدّ من سلطة الحاكمين ، ومنعهم من الاستبداد بشؤون الناس ، وإعادة الحياة الإسلاميّة إلى مجراها الطبيعي.
وتركت حكومة عثمان كثيراً من المضاعفات السيّئة التي امتحن بها المسلمون أشدّ الامتحان ، فقد أشعلت نار الفتن في جميع أنحاء البلاد ، وجرّت للمسلمين الويلات والخطوب ، ونتحدّث ـ بإيجاز ـ عن الأحداث الكبرى التي مُني بها العالم الإسلامي من جرّاء حكومته وهي :
١ ـ إنّ حكومة عثمان قد عمدت إلى التهاون في احترام القانون ، وتجميد السلطة القضائية ، فإنّ أفراد الاُسرة الاُموية قد جافوا في كثير من تصرّفاتهم وسلوكهم الأحكام الدستورية ، وكان موقف عثمان معهم يتّسم بالميوعة والتسامح ، فلم يتخذ معهم أيّ إجراء حاسم ، وإنما كان مسدّداً لهم ومتأوّلاً لأخطائهم ، كما ألمعنا إلى ذلك في البحوث السابقة ، وكان من النتائج المباشرة لذلك شيوع الفوضى في السلوك ، وفساد الأخلاق والتمرّد على القانون.
٢ ـ إنّ حكومة عثمان لم تتخذ الحكم وسيلة من وسائل الإصلاح الاجتماعي ، وإنما اتخذته وسيلة للإثراء والاستغلال ، والسيطرة على الشعوب
__________________
(١) سيرة الحلبي.