كل الناس أفقه من عمر حتّى المخدّرات في البيوت. وقد دلّل المحقق الأميني على ذلك بما لا مزيد عليه (١).
وانطوت نفس الإمام الحسين على حزن لاذع وأسى عميق على مَن احتلّ مقام أبيه ، فبعث ذلك في نفسه عنصراً من عناصر الاستياء والتذمّر ، وكان يشعر بالمرارة بكل وعي ، وهو في سنّه المبكّر ، ويقول المؤرّخون : إنّ عمر كان يخطب على المنبر ، فلم يشعر إلاّ والحسين قد صعد إليه ، وهو يهتف : «انزل ... انزل عن منبر أبي ، واذهب إلى منبر أبيك».
وبهت عمر ، واستولت الحيرة على إهابه ، وراح يصدّقه ويقول له : صدقت ، لم يكن لأبي منبر. وأخذه فأجلسه إلى جنبه ، وجعل يفحص عمّن أوعز إليه بذلك قائلاً له : مَن علّمك؟
ـ «والله ما علّمني أحد» (٢).
شعور طافح بالألم انبعث عن عبقرية وإدراك واسع ، نظر إلى منبر جدّه الذي كان مصدر النور والوعي ، فرأى أنه لا يليق بأن يرقاه أحد من بعده غير أبيه رائد العلم والحكمة في الأرض.
ويقول المؤرّخون : إنّ عمر كان معنياً بالإمام الحسين (عليه السّلام) وطلب
__________________
(١) الغدير ٦ / ٨٣ ـ ٣٣٣.
(٢) الإصابة ١ / ٣٣٢.