من في أصلاب الرجال من الامّة ويتركوا حيارى يلتجئون إلى التشبّث بظنون واقية ، بل مهّد لهم اصول معتبرة يعملون بها في الغيبة كما هو الواقع والمعلوم بالتتبّع في أحوالهم والتأمّل في الأحاديث الكثيرة الدالّة على أنّهم أمروا أصحابهم بكتابة ما يسمعونه منهم وتأليفه والعمل به في الحضور والغيبة بالنصّ عليها بقولهم : « سيأتي زمان لا يستأنسون فيه إلاّ بكتبهم ».
وفي الأحاديث الكثيرة الدالّة على اعتبار تلك الكتب والأمر بالعمل بها ، وعلى أنّها عرضت على الأئمّة عليهمالسلام فمدحوها ومدحوا صاحبها ، وقد نصّ المحقّق بأنّ كتاب يونس ابن عبد الرحمن وكتاب الفضل بن شاذان كانا عنده ، وذكر علماء الرجال أنّهما عرضا عليهم عليهمالسلام ، فما الظنّ بأرباب الأربعة؟
وقد صرّح الصدوق في مواضع بأنّ كتاب محمّد بن الحسن الصفّار المشتمل على مسائل وجوابات العسكري عليهالسلام كان عنده بخطّه الشريف ، وكذا كتاب عبد الله بن عليّ الحلبي المعروض على الصادق عليهالسلام ، ثمّ رأيناهم يرجّحون كثيرا مّا حديثا مرويّا في غير الكتاب المعروض على الحديث الّذي فيه ، وهذا لا يتّجه إلاّ بأنّهم جازمون بكونه في الاعتبار وصحّة الصدور كالكتاب المعروض ، إلى آخر ما ذكره.
وثالثها : الوجه الأخير من الوجوه المتقدّمة مصرّحا فيه بحصول القطع العادي من شهاداتهم ـ كالعلم بأنّ الجبل لم ينقلب ذهبا ـ وقال : إنّه لاتّفاق الشهادات وغير ذلك أولى من نقل ثقة واحد كالمحقّق والشهيدين لفتوى من فتاوى أبي حنيفة في كتابه ، مع أنّا نرى حصول العلم لنا بذلك فكيف لا يحصل بشهادة الجماعة ... إلخ.
والجواب أمّا عن الأوّل : فبأنّ القرائن الحاليّة تحصل غالبا حال الخطاب ، فاطّلاع من ليس حاضرا مجلس الخطاب عليها بحسب العادة بعيد ، وعلى فرض الاطّلاع عليها أو على القرائن المقاليّة فأيّ قرينة منهما توجد في المتن وترجع إلى إحراز السند ومع ذلك تفيد العلم بالصدور؟ فلا بدّ له من ذكر مثال حتّى يلاحظ فيما هو حقيقة الحال ، وإلاّ فالغالب في القرائن الموجودة في المتن رجوعها إلى إحراز الدلالة وهي ظنّيّة غالبا ، وعلى فرض كونها علميّة بحسب ذواتها فإفادتها العلم بالدلالة على أنّها حكم الله النفس الأمري مبنيّ على إحراز السند بطريق العلم بالصدور ، وعلى فرض رجوعها إلى السند تبقى الدلالة موقوفة على إعمال ظنون اجتهاديّة كثيرة ، إذ لا ملازمة بين القطع بالصدور والقطع بل الظنّ