فإنّهما الثقتان المأمونان ».
وقوله عليهالسلام : « نعم » لعبد العزيز المهدي لمّا قال له : ربّما أحتاج ولست ألقاك في كلّ وقت ، أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني قال : « نعم » (١) وقيل : ظاهر هذه الرواية أنّ قبول قول الثقة كان أمرا مفروغا عنه عند الراوي فسئل عن وثاقة يونس ليترتّب عليه أخذ المعالم منه.
وبالجملة هذه الأنواع من الروايات إذا انضمّت إلى الأنواع المتقدّمة كان مفاد المجموع مرجعيّة الأخبار المرويّة عن أهل بيت العصمة في موضع الاطمئنان والوثوق بالصدق من أيّ سبب حصل ولو من غير جهة عدالة الراوي.
وقضيّة ذلك كلّه أن يكون العبرة في السنّة بما يعمّ السنّة المعلومة والسنّة الموثوق بها.
هذا كلّه من حيث السند ، وأمّا من حيث المتن والدلالة ودفع المعارضة فمسيس الحاجة إلى إعمال الظنون الاجتهاديّة لإحراز كلّ واحد من هذه الجهات ليتأتّى بها استفادة المطلب من الواضحات الّتي لا حاجة فيها إلى البيان وإقامة البرهان.
وقد يتمسّك لمشروعيّة الاجتهاد : بما ورد في الصحاح المستفيضة الّتي رواها زرارة وأبو بصير عن الباقر والصادق عليهماالسلام والبزنطي عن الرضا عليهالسلام وهو أيضا في جامعه عن هشام ابن سالم عن الصادق عليهالسلام من قولهم عليهمالسلام : « علينا أن نلقي إليكم الاصول وعليكم أن تفرّعوا ».
قال بعض الأفاضل : « ومن البيّن أنّ تفريع الفروع على الاصول والقواعد لا يكون غالبا إلاّ على سبيل الظنّ ، إذ دلالة العمومات على حكم كلّ من الجزئيّات المندرجة فيها إنّما تكون في الغالب على سبيل الظهور دون التنصيص ، وأيضا كثير من التفريعات ممّا يختلف فيه الأنظار ويتفاوت الأفهام في إدراجها تحت القواعد المقرّرة ، وكثيرا مّا لا يتأتّى الحكم باندراج الفرع تحت أصل معيّن إلاّ على سبيل يندرج فيها المداليل الالتزاميّة المفهومة بتوسّط الخطاب ، كدلالة الأمر بالشيء على الأمر بمقدّمته ودلالة النهي على الفساد » انتهى (٢).
لكن نوقش فيه : بالمنع من شمولها للتفريعات الظنّية فلا يفيد.
وعن بعض المحدّثين الإيراد عليه أيضا : بأنّه لا دلالة في الأخبار المذكورة على صحّة الاجتهاد الظنّي في أحكام الله تعالى ، فإنّ مفادها الأخذ بالقواعد الكلّية المأخوذة من أهل العصمة كقولهم عليهمالسلام : « إذا اختلط الحلال بالحرام غلّب الحرام » وقولهم عليهمالسلام : « كلّ
__________________
(١) رجال الكشّي : ٤٨٧.
(٢) هداية المسترشدين ٣ : ٦٧٧.