من دون إثم مقتض لاستحقاق المؤاخذة على ما تقدّم ، ولو سلّم انتفاء الجزم أيضا فدلالة الوجوه المذكورة على العفو عن المؤاخذة ليست بأولى من دلالتها على جواز التقليد ولو ظنّا.
وأمّا ما ذكره من كفاية وجود الأدلّة العقليّة والنقليّة في النكير على المقلّدين في الاصول في منع دلالة التقرير على الجواز.
يدفعه : أنّه على تقدير وجود الأدلّة إنّما يكفي في سقوط الردع والمنع من باب الهداية والإرشاد دون الردع والمنع في مقام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فعدم النكير من هذه الجهة أيضا ربّما يكشف عن الجواز فليتدبّر.
ولنختم المسألة بذكر امور :
الأمر الأوّل : إنّ مسائل الاصول على قسمين :
أحدهما : ما يجب فيه الاعتقاد والتديّن بالمعتقد من غير اشتراطه بشيء ، وعليه فيجب تحصيله بالرجوع إلى طرقه وتحصيل كلّ ما له مدخليّة في حصوله مقدّمة ، وقد عرفت أنّ الأقوى عدم كفاية غير العلم.
وثانيهما : ما يجب فيه التديّن والقبول بشرط حصول الاعتقاد والعلم ، فالواجب مشروط ، وما لم يحصل العلم لم يجب شيء فلا يجب تحصيله ولا الرجوع إلى الأسباب المحصّلة له نعم إذا حصل وجب التديّن.
ومن حكم القسم الأوّل لزوم الكفر تارة بانتفاء الاعتقاد ، واخرى بانتفاء التديّن والقبول.
ومن حكم القسم الثاني لزوم الكفر بعدم التديّن بعد حصول الاعتقاد.
هذا ولكنّ التمييز بين آحادي القسمين لا يخلو عن غموض وإشكال إلاّ أنّ الّذي ينبغي الإذعان به هو كون معرفة الله وصفاته الثبوتيّة الراجعة إلى إثبات العلم والقدرة ، والسلبيّة الراجعة إلى نفي الحدوث والحاجة ، ونبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم وإمامة الأئمّة الاثني عشر ، والمعاد الجسماني ووجود الجنّة والنار والحساب والكتاب والصراط والميزان من قبيل القسم الأوّل ، وكون كلامه تعالى حادثا أو لفظيّا وعينيّة صفاته ونبوّة سائر الأنبياء وعصمة نبيّنا وكونه أفضل أمّته أو أفضل من سائر الأنبياء أو من الملائكة وعصمة الأئمّة عليهمالسلام وكونهم أفضل من الأنبياء أو الملائكة وكونهم عالمين بما كان وما يكون ، وكون علمهم حضوريّا أو إراديّا من قبيل القسم الثاني.
ومن مشايخنا من بسط هذا المقام بإيراد طائفة من الأخبار وكلام جماعة من العلماء الأخيار.