بأن يكون عنده من الاصول المصحّحة ما يجمعها ، ويعرف موقع كلّ باب بحيث يتمكّن من الرجوع إليها * وأن يعلم أحوال الرواة في الجرح والتعديل ولو بالمراجعة ** وأن يعرف مواقع الإجماع ليحترز عن مخالفته.
__________________
أيضا معرفة السنّة ، لكن لا جميعها حتّى ما كان منها متعلّقا بالاصول والمواعظ والآداب وأحوال المعاد والمعاش وأحوال القرون السابقة والامم السالفة وغيرها ممّا لا تعلّق له بفروع الأحكام ، بل القدر الكافي في استنباط الأحكام الفرعيّة ، لكن يعتبر مع ذلك معرفة ما تقدّم في بيان الحاجة إلى الكتاب من الناسخ والمنسوخ وغيرهما من الأنواع المذكورة.
وفي كلام غير واحد مع ذلك اعتبار معرفة أنواع الحديث من المتواتر والآحاد والصحيح والضعيف والمسند والمرسل وغيرها من الأنواع الّتي يختلف أحكامها من حيث الاعتبار والترجيح ، وكأنّ المراد بمعرفة هذه الأنواع معرفتها باعتبار المفهوم وحينئذ فلا يخلو عن وجه.
وأمّا معرفة مصاديقها فالظاهر أنّها من فروع معرفة الرجال الّتي هي شرط آخر من شروط الاجتهاد.
ولك أن تقول : بأنّ معرفتها باعتبار المفهوم أيضا من توابع معرفة اصول الفقه لجريان العادة بالتعرّض لبيانها في طيّ مسائله.
* يعني لا يعتبر في معرفة القدر الكافي من السنّة حفظها عن قلبه ، بل يكفي فيه وجود أصل مصحّح عنده يرجع إليه عند الحاجة.
** صرّح به في النهاية والتهذيب ، وعن المبادئ وشرحه والقواعد والدروس والكشف والزبدة وشرحها والوافية والفوائد وفي رسالة الاجتهاد والأخبار ، بل التتبّع في كتب الاستدلال والكتب المؤلّفة في الرجال يقضي بأنّ الحاجة إليه ممّا لا خلاف فيه بين قدماء الأصحاب ومتأخّريهم من لدن فتح باب الاجتهاد إلى هذه الأعصار ، إلاّ من الفرقة الشاذّة الأخباريّة لشبهة قطعيّة الأخبار الموجودة بأيدينا أو خصوص المودعة في الكتب الأربعة.
ووجه الحاجة إليه ـ مع وضوحه ـ : إنّ العمل بالأخبار الّتي هي العمدة في طرق استنباط الأحكام ـ بل لا يكاد يتّفق مسألة إلاّ ولها أصل من السنّة عموما أو خصوصا بحيث لو لا التعويل عليه لم يتأتّ الغرض الأصلي من النظر فيها ـ.
إمّا (١) من جهة الأدلّة الخاصّة المرخّصة في الاستناد إليه من الإجماع والنصوص المستفيضة
__________________
(١) خبر لقوله : « إنّ العمل بالأخبار » الخ.