المعنى بفحصهم واستفراغ وسعهم وإعمالهم النظر في القرائن والقواعد ، وقد ذكرنا مرارا أنّه لا يجدي نفعا في إحراز الصحّة بالقياس إلينا بالمعنى الّذي يوجب لنا الوثوق والاطمئنان ، بل لا مناص لنا من الفحص واستفراغ الوسع تحصيلا لما هو مناط العمل من الأمر المذكور.
وأمّا القول بالتفصيل بين متعارضات الأخبار فيمسّ فيها الحاجة إلى الرجال وغير متعارضاتها فلا حاجة فيها إليه.
فمستنده على الأوّل ـ على ما حكي ـ دلالة الأخبار على الترجيح بالأعدليّة وغيرها ممّا يعلم بالرجال بل بشهادة الاعتبار القاضي بأخذ الراجح دون المرجوح ودون التسوية بينهما لقبحهما.
وعلى الثاني أنّ أخبار الكتب الأربعة لأخذها من الاصول المعتمدة ـ بشهادة مؤلّفيها ـ معتضدة بقرائن الوثوق والصحّة ، وهذا القول في شقّه الأوّل حقّ ومستنده متين ، وأمّا في شقّه الثاني فقد تبيّن ما فيه وما في مستنده بما لا مزيد عليه.
وأمّا القول بالتفصيل بين وجود الشهرة بأحد قسميها على وفق بعض الأخبار وغيره ، فهو خيرة كلّ من يرجّح أحد المتعارضين بالشهرة بقول مطلق ـ كما يستفاد من غير واحد منهم السيّد في الرياض ـ أو إذا كانت الشهرة استناديّة ، خلافا لغير واحد منهم ثاني الشهيدين على ما يستفاد منه في جملة من كتبه من عدم اعتداده بالشهرة حتّى في مقام الترجيح.
وأمّا مستنده فيما وافق الشهرة فلا يحتاج معه إلى مراجعة الرجال على ما نقل أنّ الشهرة من أقوى المرجّحات المنصوصة والاعتباريّة ، لوضوح قوّة الظنّ بتراكم الظنون من شخص واحد فكثيرا مّا ينتهي إلى القطع ، بل لعلّ أغلب العلوم من هذا الباب ، وكذا إذا كانت من أشخاص فإنّ موافقة الآراء خصوصا مع شدّة اختلاف الأفهام من أقوى أسباب الاعتضاد والقوّة.
وأيضا فإنّ غالب أحكام هذا المذهب كغيره من المذاهب ممّا لم يذهب بذهاب الموجودين من أهله في كلّ طبقة ، بل وصل من المتقدّم إلى المتأخّر يدا بيد.
قال في بعض مقدّمات كشف الغطاء ما مفاده : « أنّه لا حاجة في كلّ مسألة إلى مراجعة الكتاب والسنّة ، بل هما ممّا ينبغي أخذهما ذخيرة ليوم الفاقة وهو حيث تعارض مقتضى القواعد وفقد الإجماع ولم يعلم ما كان في أيدي الطائفة المحقّة ، وإلاّ فلا افتقار إليهما ، لأنّ مذهبنا ليس أقلّ عن المذاهب الأربعة عن أربابها ، وكلّ أو جلّ ما صدر عنهم في أيدي تبعته ».