ولو قلّد المفضول لعدم تمكّنه من تقليد الأفضل أو تعسّره ثمّ زال العذر أو العسر فهل يجب العدول إلى الأفضل أو لا؟
ولو قلّد أحد المجتهدين المتساويين ثمّ صار المجتهد الآخر أفضل إمّا لأنّه ترقّى لكثرة جدّه في الاشتغال بالشواغل العلميّة أو لتنزّل المجتهد الأوّل بخوضه في الشواغل الدنيويّة وتركه المشاغل العلميّة ، ونحوه ما لو قلّد أفضل المجتهدين فانعكس الأمر بصيرورة المفضول أفضل والأفضل مفضولا إمّا لترقّي الأوّل أو لتنزّل الثاني ، فهل يجب العدول إلى الأفضل أو لا؟ فهاهنا مسائل :
أمّا المسألة الاولى : فلا ينبغي التأمّل في تعيّن العدول إلى من ظهر كونه أفضل بالنسبة إلى الوقائع والأعمال الآتية ، بل هذا ابتداء تقليد في حقّه ، وتقليده الأوّل لخطائه في اعتقاد التساوي أو الأعلميّة لم يصادف محلّه ، لأنّ حقيقة التقليد ـ على ما بيّنّاه مرارا ـ هو الالتزام بالحكم الفعلي الّذي يجب بناء العمل عليه ، وظهور فساد الاعتقاد معناه انكشاف كون حكمه الفعلي من بدو الأمر ما هو بحسب فتوى المجتهد الثاني ، وعدم كون ما هو بحسب فتوى المجتهد الأوّل حكما فعليّا له في الواقع وإن اعتقد كونه كذلك ، لأنّ الاعتقاد لا تأثير له في الحكم الشرعي وجودا وعدما ، فهو في تقليده للأوّل إلى زمان كشف الخلاف كمن لم يقلّد رأسا.
ومن هذا البيان ظهر حكم الأعمال الماضية الواقعة على طبق فتوى المجتهد الأوّل من حيث إنّها محكومة بالبطلان المقتضي لوجوب الإعادة والقضاء ، إذ لا مقتضي لصحّتها المسقطة لهما إلاّ كون الأمر الظاهري مفيدا للإجزاء. ويدفعه أنّ الأمر الظاهري العقلي ـ على ما حقّقناه في محلّه ـ لا يفيد الإجزاء.
فإن قلت : غاية ما هنالك اندراج هذه الأعمال في عبادات الجاهل لعدم استنادها إلى طريق مشروع في حقّه ، وقضيّة ذلك إجراء التفصيل المتقدّم في عبادات الجاهل بين مطابقة الواقع وعدم مطابقته فيها لا الحكم ببطلانها بقول مطلق.
قلت : قد ذكرنا في بحث عبادات الجاهل أنّ المراد بالواقع الّذي يعتبر مطابقته وعدم مطابقته مؤدّى الطريق المشروع في حقّ المكلّف حال التفطّن والالتفات لا غير ، والطريق المشروع في حقّ ذلك المقلّد حين ظهور فساد اعتقاده إنّما هو فتوى المجتهد الثاني