ولا ريب أنّ الظنّ القياسي على ما بيّنّاه ليس من هذا الموضوع ، ومثله الظنّ الاستحساني والرملي والجفري والنومي وغيرها.
فإن قلت : ظنّ العلّة في القياس يفيد ظنّ الحكم ويستلزم ذلك الظنّ كون هذا الحكم ممّا قال به المعصوم ، وهذا أيضا ظنّ بالسنّة على حدّ ما ذكرته في الإجماع الظنّي وغيره.
قلت : ليس كذلك ، فإنّ المعتبر من ظنّ السنّة ما كان الحكم الشرعي تابعا للسنّة المظنونة مستندا ظنّه إليها ، والمتحقّق في القياس على عكس ذلك ، فإنّ السنّة المظنونة فيه تابعة لظنّ الحكم مستند ظنّها إلى ظنّه وهو خارج عن مورد الدليل.
والحاصل : المستفاد من دليل الإجماع وغيره أنّ الله سبحانه يريد الاستناد في امتثال أحكامه إلى كتابه وسنّة نبيّه أو خلفائه ، والاستناد بهذا المعنى منتف في القياس كما لا يخفى.
ومن هنا يظهر الجواب عمّا لو قرّر تطبيق القياس على ما ذكرناه من الضابط بأنّ ظنّ العلّة من أيّ سبب حصل يستلزم الظنّ بالحكم ، فإنّ ذلك أيضا في معنى عزل السنّة عن التأثير ، إذ الحكم في الحقيقة مستند إلى ظنّ العلّة الغير المستند إلى ظنّ السنّة بل الظنّ بالسنّة مستند إليه.
وممّا يدلّ على مرجعيّة الكتاب والسنّة والظنون المتعلّقة بهما سندا ومتنا ودلالة ومعارضة الأخبار المأثورة عن أهل بيت العصمة البالغة في الكثرة فوق حدّ التواتر ، وهي على أنواع :
منها : ما ورد من الروايات والخطب والوصايا في ذمّ أهل البدع والضلال المتديّنين بأهوائهم وآرائهم ومقائيسهم على سبيل الاستقلال ، المعلّلة تارة : بلزوم انتفاء فائدة بعث الرسل وإنزال الكتب لو كان سلوك هذا الطريق ممّا رضي به الله سبحانه ، واخرى : بأنّه تعالى لم يدع شيئا ممّا يكتفون به ويحتاجون إليه إلى يوم القيام إلاّ وأنزله إلى نبيّه وبيّنه في كتابه وسنّة نبيّه.
ومنها : ما ورد في الروايات المستفيضة من أنّه تعالى أكمل دينه وجعل لكلّ شيء حكما وأنزل لبيان كلّ شيء كتابا وأرسل لتبليغها رسوله ، وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يدع شيئا منها إلاّ وبيّنها لامّته ، وأنّها محفوظة عند أهل بيته وخلفائه المعصومين عليهمالسلام ، وأنّهم عليهمالسلام ما قصّروا في حفظها وتعليمها لشيعتهم وأصحابهم.
ومنها : أخبار الثقلين وهي كثيرة جدّا ، ومن جملتها الحديث الشريف المدّعى كونه متواترا بين الفريقين : « إنّي تارك فيكم الثقلين [ ما ] إن تمسّكم بهما لن تضلّوا بعدي : كتاب