الأفضليّة والمفضوليّة.
وحينئذ فلو اريد من الرجحان والمرجوحيّة كون فتوى الأفضل راجحة وفتوى المفضول مرجوحة في نظر الشارع فهو أوّل المسألة ، فالاستدلال يعود إلى نوع مصادرة.
ولو اريد كونها راجحة ومرجوحة في نظر العقل فهو أيضا ممنوع بمنع استقلال العقل بالحكم بالرجحان والمرجوحيّة إلاّ بإرجاعهما إلى الأقربيّة إلى الواقع والأبعديّة عن الواقع.
وحينئذ فيرجع الدليل إلى بعض الوجوه المتقدّمة وليس دليلا على حدة ، مع أنّ تجويز تقليد المفضول ليس ترجيحا له على الأفضل بل تسوية بينهما ، وهي ليست من التسوية بين الراجح والمرجوح ، لجواز تساويهما من حيث وصف الإفتاء في نظر الشارع وإن لم يتساويا من حيث المعرفة والفضل.
وبذلك يظهر الفرق بين المقام ومسألة الخلافة الّتي استدلّ لنفيها عن غير مولانا أمير المؤمنين عليه صلوات الله والملائكة والناس أجمعين بلزوم تفضيل المفضول على الفاضل ، لأنّ إعطاء المفضول منصب الإمامة الّتي هي رئاسة عامّة بنفسه تفضيل المفضول وترجيح المرجوح فيكون قبيحا.
حجّة القول بجواز تقليد المفضول اللازم من التخيير بينه وبين الأفضل وجوه :
أحدها : أصالة التخيير ، ويقرّر على وجهين :
الأوّل : استصحاب التخيير الثابت فيما إذا كانا متساويين أوّلا ثمّ فضل أحدهما على الآخر ، فإنّ ارتفاع هذا التخيير بحدوث الفضل غير معلوم فيستصحب ، ويتمّ فيما لم يسبقهما التساوي بالإجماع المركّب وعدم القول بالفصل.
وتوهّم قلبه بأصالة الاشتغال المقتضية لتعيين الأفضل في صورة عدم سبق التساوي مع تتميمه في صورة السبق بالإجماع المركّب وعدم القول بالفصل.
يندفع بورود الاستصحاب في نحو المقام على أصالة الاشتغال.
ولا يخفى ضعفه لتبدّل موضوع المستصحب ، فإنّ التخيير إنّما يثبت في حال التساوي والكلام إنّما هو في حال التفاضل وهذا موضوع آخر ، ضرورة أنّ المجتهدين المتساويين والمجتهدين المتفاضلين موضوعان متغايران ، والتخيير من أحكام الموضوع الأوّل وقد انقلب بحدوث الفضل إلى الموضوع الثاني ، ومن المستحيل إجراء حكم موضوع على موضوع آخر مغاير له بالاستصحاب.