ومنها : وجودها في أحد الكتب الأربعة الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار ، لشهادة مؤلّفيها بصحّة ما فيها من الأخبار ، وانّهم أخذوها من الكتب المعتمدة والاصول المعتبرة الّتي إليها المرجع وعليها المعوّل » (١).
قال العلاّمة البهبهاني في رسالته في الاجتهاد والأخبار : وذكر في بيان شهادتهم ما ذكره ابن بابويه في أوّل الفقيه والكليني في أوّل الكافي.
وأمّا الشيخ فنقل عنه أنّه ذكر في العدّة : أنّ ما عملت به من الأخبار فهو صحيح.
ونقل عن الفاضل التوني أنّه قال : تصفّحت العدّة فما رأيت هذا الكلام فيه.
ثمّ قال أيضا : إنّ الشيخ كغيره كان متمكّنا من إيراد الأخبار الصحيحة ، فلا وجه لتلفيقه بين الصحيحة والضعيفة.
وعن الشيخ الفاضل الكامل الحرّ العاملي في آخر الوسائل أنّه ذكر في ضعف الاستدلال على تقسيم الأحاديث إلى صحيح وموثّق وحسن وضعيف الّذي تجدّد في زمان العلاّمة وشيخه أحمد بن طاووس وجوها تعرّض لذكر عمدتها بعضهم ، ولا بأس بإيرادها لتعلّقها بالمقام.
أحدها : أنّ المعلوم بالتواتر والأخبار المحفوفة بقرائن القطع أنّه كان دأب القدماء في مدّة تزيد على ثلاثمائة سنة ضبط الأحاديث وتدوينها في مجالس الأئمّة عليهمالسلام وغيرها ، وكانت هممهم على تأليف ما يعمل به الطائفة المحقّة وعرضه على الأئمّة عليهمالسلام.
وقد استمرّ ذلك إلى زمن تأليف الكتب الأربعة حتّى بقيت جملة منها بعد ذلك ، وهذه الأربعة منقولة من تلك الاصول المعتمدة بشهادة أربابها الثقات ، ولغاية بعد تأليفهم من غيرها مع تمكّنهم منها ومن تميّز ما هو المعتبر عن غيرها غاية التمكّن ، مع علمهم بعدم اعتبار الظنّ في الأحكام الشرعيّة مع التمكّن من العلم والتبيّن ، والمعلوم من وثاقتهم وجلالتهم عدم التقصير في ذلك ، كيف وأهل التواريخ لا يأخذون القصص من كتاب أو شخص غير معتمد مع التمكّن من الأخذ عن المعتمد فما الظنّ بهؤلاء المشايخ العظام ، وعلى فرض أخذهم من الكتب الغير المعتبرة كيف يدلّسون بل يشهدون بصحّة جميع ما نقلوه وكونه حجّة بينهم وبين ربّهم.
وثانيها : أنّ مقتضى الحكمة الربّانيّة وشفقة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام أن لا يضيّع
__________________
(١) الفوائد المدنيّة : (١٧٨ ـ ١٧٧).