أن يعلم من اللّغة ومعاني الألفاظ العرفيّة ما يتوقّف عليه استنباط الأحكام من الكتاب والسنّة ولو بالرجوع إلى الكتب المعتمدة. ويدخل في ذلك معرفة النحو والتصريف *
__________________
والأوّل من الثالث علم تفسير آيات الأحكام ، والثاني العلم بأحاديثها ، والثالث علم الرجال.
* ومعرفة هذين العلمين إنّما تدخل في معرفة اللغة الّتي يراد بها هنا معاني الألفاظ الموضوعة لها باعتبار موادّها أو هيأتها الإفراديّة أو التركيبيّة وضعا حقيقيّا أو مجازيّا منوطا بالعلائق المرخّص فيها من الواضع.
والاولى هي المعاني الواصلة من الصدر الأوّل من أهل اللغة أو المودعة في كتب اللغة الّتي دوّنها أربابها المعروفون الّتي وضع لها موادّ الألفاظ كمادّة « السماء » و « الأرض » و « الماء » و « الغسل » و « المسح ».
والثانية هي المعاني التصريفيّة الّتي يتعرّض لها علماء الصرف ووضع لها هيآت الاشتقاقيّة كهيآت فعلي الماضي والمضارع ، وهيآت فعلي الأمر والنهي ، وهيآت أسماء الفاعلين والمفعولين وغيرهما.
والثالثة هي المعاني النحويّة الّتي يتعرّض لها علماء النحو ووضع لها تراكيب الألفاظ الإعرابيّة كالفاعليّة والمفعوليّة والإضافة ونحوها ممّا لا يحصى.
ووجه الحاجة إلى هذه العلوم مع وضوحه أنّ الاجتهاد لا يتحقّق إلاّ بإعمال الأدلّة الّتي منها الكتاب والسنّة اللذين هما من مقولة الألفاظ.
ومن البيّن أنّ استفادة المطلب من الألفاظ لا يتأتّى إلاّ بمعرفة أوضاعها الطارئة لها بكلّ من الأنحاء الثلاثة المذكورة ومعانيها الثابتة لها من جهة هذه الأوضاع.
وإن شئت لاحظ عبارة المنية المعلّلة للحاجة إلى النحو « باختلاف معاني اللفظ الواحد العربيّ عند اختلاف حركاته الاعرابيّة كما تقول : « ما أحسن زيد » و « ما أحسن زيد » و « ما أحسن زيد » ، فإنّ الأوّل تعجّب ومعناه : شيء أحسن زيدا ، والثاني خبر ومعناه : ما صار زيد ذا حسن ، والثالث استفهام ومعناه : أيّ خلق من أخلاق زيد أو أيّ عضو من أعضائه أحسن؟
ودلالة هذه الحركات على هذه المعاني إنّما تستفاد من علم النحو » انتهى.
وأمّا من قال في نفي الحاجة إلى هذه العلوم أنّ العربي القحّ بعد ما تتبّع الأحاديث