في الدراهم والدنانير ، فلابدّ من استثناء هذا الحكم من عموم الأخبار الدالّة على عدم الضمان ويبقى تلك الأخبار في غير ذلك سالما عن المعارض.
فإذن المتّجه الحكم بعدم الضمان في غير الدراهم والدنانير من الذهب والفضّة » انتهى.
وهكذا ذكر في الرياض بعين هذه العبارة ، خلافا لمن أطلق الحكم بالضمان في الذهب والفضّة من الأصحاب منهم المحقّق في الشرائع وثاني الشهيدين في المسالك قائلا فيه : و « التحقيق في ذلك أن نقول : إنّ هنا نصوصا على ثلاثة أضرب أحدها عامّ في عدم الضمان ـ إلى أن قال ـ : وثانيها بحكمها إلاّ أنّه استثنى مطلق الذهب والفضّة ، وثالثها بحكمها إلاّ أنّه استثنى الدنانير أو الدراهم ، وحينئذ فلا بدّ من الجمع فإخراج الدراهم والدنانير لازم لخروجهما على الوجهين الأخيرين ، فإذا خرجا من العموم بقي العموم فيما عداهما بحاله وقد عارضه التخصيص بمطلق الجنسين فلابدّ من الجمع بينهما بحمل العامّ على الخاصّ.
فإن قيل : لمّا كان الدراهم والدنانير أخصّ من الذهب والفضّة وجب تخصيصهما بهما عملا بالقاعدة ، فلا يبقى المعارضة إلاّ بين العامّ الأوّل والخاصّ الأخير.
قلنا : لا شكّ أنّ كلاّ منهما تخصيص لذلك العامّ ، لأنّ كلاّ منهما مستثنى وليس هنا إلاّ أنّ أحد المخصّصين أعمّ من الآخر مطلقا وذلك غير مانع ، فيخصّص العامّ الأوّل بكلّ منهما أو يقيّد مطلقه ، لا أنّ أحدهما يخصّص بالآخر لعدم المنافاة بين إخراج الذهب والفضّة في لفظ والدراهم والدنانير في لفظ حتّى يوجب الجمع بينهما بالتخصيص أو التقييد » انتهى.
أقول : الأقوى هو ما عليه الجماعة وأوضحه في المسالك ، فإنّ المستثنيات الثلاث لا تعارض بينها وإن ورد كلّ في الخطاب بغير صورة الاستثناء ، فلو قيل في خطاب : « في الدراهم ضمان » ، وفي آخر : « في الدنانير ضمان » وفي ثالث : « في الذهب والفضّة ضمان » لم يكن بين الأخير وأحد الأوّلين تعارض ، وإن كان كلّ من الدراهم والدنانير بحسب المفهوم أخصّ مطلقا من الذهب والفضّة لموافقتهما في الحكم ، فلا يحمل في مثل ذلك العامّ على الخاصّ ، لأنّ حمل العامّ على الخاصّ ـ على ما حقّق في محلّه ـ من أحكام العامّ والخاصّ المتنافي الظاهر ، لا العامّ والخاصّ المتوافقي الظاهر ، فمن الجائز ثبوت الضمان في الدراهم والدنانير باعتبار أنّه ثابت في مطلق الذهب والفضّة ، وإنّما خصّ كلّ منهما بالذكر في الخطاب المختصّ به لجواز كونه محلّ حاجة السائل وموضع ابتلاء المخاطب في ذلك الخطاب ، وهذا هو الوجه في اختلاف النصوص في كون المستثنى في بعضها خصوص الدراهم وفي بعضها