وبعبارة اخرى : أنّ الّذي يلاحظ عنوانا للحكم المستفاد من الكلام في نظر العرف عند مقابلته لمخصّص آخر منفصل هل هو العامّ باعتبار معناه الحقيقي المستند إلى وضعه ، أو العامّ باعتبار معناه المجازي وهو ما يستفاد من المجموع منه ومن المخصّص المفروض تخصيصه به أوّلا أعني ما عدا المخرج من أفراده بذلك التخصيص؟
فعلى الأوّل لا يحصل بينه وبين الخاصّ الآخر تعارض العامّين من وجه.
وعلى الثاني يحصل ذلك التعارض.
ولا ريب أنّ ما ورد عليه مخصّصان منفصلان من قبيل الأوّل ، سواء كان المخصّصان لبّيين أو لفظيّين أو مختلفين ، وما ورد عليه مخصّصان أحدهما متّصل والآخر منفصل من قبيل الثاني.
ومن أمثلة ذلك في الشرعيّات ما وقع في أخبار العارية من طائفتين من الأخبار غير ما دلّ منها على نفي الضمان في العارية عموما من دون استثناء شيء.
إحداهما : ما دلّ على نفي الضمان فيها مع استثناء الدراهم أو الدنانير.
واخراهما : ما دلّ على نفي الضمان فيها مع استثناء الذهب والفضّة ، حيث يقع التعارض على ما توهّم بين المستثنى الثاني والمستثنى منه الأوّل مع انضمام الاستثناء إليه ، لرجوعهما إلى أن يقال : لا ضمان في العارية إلاّ الدراهم والدنانير والذهب والفضّة مضمونان.
ولا ريب أنّ غير الدراهم والدنانير أعمّ من الذهب والفضّة ومن غيرهما ، كما أنّ الذهب والفضّة أعمّ من الدراهم والدنانير وغيرهما كحليّ النسوان ونحوها ، ومحلّ التعارض هو غير الدنانير والدراهم من الذهب والفضّة ، حيث إنّ الأوّل يقتضي نفي ضمانه والثاني يقتضي ضمانه ، وقد سبق توهّم هذا التعارض هنا إلى جماعة من الأصحاب منهم صاحب الكفاية وتبعه السيّد في الرياض ، قال في الكفاية ـ بعد الإشارة إلى اختلاف أخبار المسألة ـ : « وقع التعارض بين المستثنى منه في خبر الدراهم والدنانير ـ وحاصله لا ضمان في غير الدراهم والدنانير ـ وبين المستثنى في خبر الذهب والفضّة ، والنسبة بين الموضوعين عموم من وجه ، ويمكن تخصيص كلّ منهما بالآخر.
فإن خصّص الأوّل بالثاني كان الحاصل : لا ضمان في غير الدراهم والدنانير إلاّ أن يكون ذهبا أو فضّة ، وإن خصّص الثاني بالأوّل كان الحاصل : كلّ من الذهب والفضّة مضمونان إلاّ أن يكون غير الدراهم والدنانير فالأمر المشترك بين الحكمين ثابت وهو حصول الضمان