فممّا لا وقع له ، إذ مبنى الإشكال المذكور على ظهور الترتيب الذكري في اعتبار الترتيب ، بل هو ظاهر سياق السؤال والجواب مع انضمام إطلاق الأمر بالأخذ بما رواه الأعدل والأفقه والأصدق والأورع بالقياس إلى كون أحدهما مشهورا والآخر شاذّا ، وإلى كونهما مشهورين ، فما ذكر في التفصّي إبداء احتمال مخالف للظاهر ، فلابدّ في تنزيل الرواية عليه من شاهد ولا يكفي فيه مجرّد الاحتمال.
والتحقيق في رفع الإشكال إمّا منع الإجمال المدّعى على العمل بالخبر المشهور دون غيره وإن كان راويه أعدل من راوي المشهور ، أو تقييد معقده بعدم ظهور أعدليّة راوي غير المشهور لهم ، على معنى إجماعهم على العمل بالخبر المشهور دون غيره وإن كان راويه أعدل في الواقع لا في نظرهم لعدم معرفتهم للأعدل من العادل ولا الأفقه من الفقيه.
وتوضيح ذلك : أنّ العمل بالمرجّحات إن كان من باب الظنّ الخاصّ المقتضي للاقتصار على المنصوص وعدم التعدّي منه إلى غير المنصوص فنمنع إجماع العلماء على العمل بالخبر المشهور مطلقا ولو مع وجود رواية الأعدل أو الأفقه ونحوه ، كيف والأخباريّة منهم القائلة بالظنّ الخاصّ وعدم جواز التعدّي عن المرجّحات المنصوصة لا يقولون بهذه المقالة ، بل اللازم من مذهبهم عدم الأخذ بالخبر المشهور ما دامت رواية الأعدل أو الأفقه موجودة.
ومع ذلك كيف يتحقّق الإجماع على تقديم المشهور مطلقا ، إلاّ أن يراد به إجماع من عدا الأخباريّة من أصحابنا المجتهدين.
وإن كان من باب الظنّ المطلق على معنى أنّ المرجّحات إنّما يؤخذ بها لأنّها تفيد الوثوق والاطمئنان بصدق الخبر لا مطلقا كما عليه الأكثر وأصحابنا المجتهدين ، فلابدّ من تقييد معقد الإجماع المدّعى على تقديم الخبر المشهور على غيره مطلقا ، بأن يقال : إنّ الترجيح بالشهرة ليس إلاّ من جهة أنّ الشهرة تفيد الوثوق والاطمئنان بصدق الخبر ، وهذا كما ترى موجود في خبر الأعدل أو الأفقه أو الأصدق أو الأورع أيضا ، فإنّ الأعدليّة وغيرها ربّما تفيد ظنّ الصدق والوثوق به ، بل نشاهد في فتاوى مجتهد أنّ إخبار عادل وفقيه بفتوى من فتاوى المجتهد عن سماع من المجتهد يفيد من الوثوق والاطمئنان ما لا يفيده شهرة خلافه بين مقلّديه ، فلم لا يجوز أن يكون نظر الإمام عليهالسلام في تقديم الأعلميّة والأفقهيّة وغيرها إلى هذه الجهة؟
ومن البيّن أنّ الحال إذا كان هذه فيجب تقديم رواية الأعدل أو الأفقه على رواية