للظانّ المتحيّر على سبيل العموم.
ومع الغضّ عن ذلك فهو منقوض بالظنّ في الموضوعات كما لا يخفى.
ومنها : أنّ العامّة قد ذهبوا إلى العمل بالظنّ المتعلّق بنفس أحكامه تعالى ، وإلى دوام العمل بظنون أربعة من مجتهديهم دون غيرهم ، والعلاّمة ومن وافقه من أصحابنا وافقوا العامّة في المقام الأوّل وخالفوهم في المقام الثاني ، فقالوا : قول الميّت كالميّت ، ويلزم الفريقين أحد الأمرين من القول بأنّ مظنونات المجتهدين ليست من شريعة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو القول بأنّ شريعة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ليست مستمرّة إلى يوم القيامة ، وقد تواترت الأخبار عن الأئمّة الأطهار بأنّ : « حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة » (١) ، بل هذا من أجلى ضروريّات الدين (٢).
وفيه ـ مع أنّ هذا لو تمّ اختصّ بأحد الفريقين لا كليهما ، فإنّ العامّة بعد ما قالوا باستمرار العمل بظنون الأربعة إلى يوم القيامة لم يكن قولهم منافيا لاستمرار حلال محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وحرامه إلى يوم القيامة ، لبنائهم على أنّ مظنونات المجتهد هي الحلال والحرام الباقيين إلى يوم القيامة ـ : أنّ منشأ الشبهة قول أصحابنا بكون قول الميّت كالميّت القاضي بانقطاع مظنونات المجتهد بموته عن درجة الاعتبار ، وذلك ينافي كونها مستمرّة إلى يوم القيامة.
وقضيّة ذلك عدم كونها من أحكام هذه الشريعة بموجب الأخبار المتواترة. لكن يدفعه : أنّ ظاهر مساق الروايات الدالّة على استمرار حلال محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وحرامه إلى يوم القيامة بل صريحها كون الاستمرار مخصوصا بالأحكام الواقعيّة المنزلة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، المحفوظة لدى عترته الطاهرة ، الّتي لا يكلّف بها فعلا إلاّ مع العلم بها بانفتاح بابه المخصوص بزمان الحضور بالقياس إلى المتمكّنين عن الوصول إليهم عليهمالسلام.
وإن شئت لاحظ ما تقدّم في الروايات من رواية محمّد بن حكيم عن أبي الحسن عليهالسلام قال : « إنّما هلك من كان قبلكم بالقياس ، وإنّ الله تبارك وتعالى لم يقبض نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى أكمل له دينه في حلاله وحرامه ، فجاءكم بما تحتاجون إليه في حياته وتستغنون به وبأهل بيته بعد موته ، وأنّه مخفيّ عند أهل بيته حتّى أنّ فيه لأرش الكفّ » (٣).
__________________
(١) الكافي ١ : ٩.
(٢) الفوائد المدنيّة : ٢٤٩.
(٣) بصائر الدرجات : ١٤٧ ، ح ٣.