ثاني الشهيدين في الرسالة المنسوبة إليه ، فلا بدّ من استعلام مذهبه في معنى التقليد ليحمل عليه معقد إجماعه.
وبعضها ساكت عن الاستمرار لما اخذ فيه الأخذ عن الميّت كما تقدّم عن المحقّق الثاني في شرح الألفيّة.
وكيف كان فالمعتمد والمختار هو عدم جواز البقاء على تقليد الميّت ووجوب العدول إلى الحيّ في المسائل المقلّد فيها وغيرها.
لنا أمران :
الأوّل : الأصل المتقدّم بجميع وجوهها الثلاث من أصالة حرمة التقليد إلاّ ما خرج منه بالدليل ، والقدر المتيقّن منه تقليد الحيّ ابتداء واستدامة.
وأصالة عدم جعل قول الميّت طريقا للمقلّد إلى امتثال أحكامه المعلومة بالإجمال ، ولا يعارضه استصحاب حجّية قوله الثابتة في حال الحياة ، لما عرفت من المناقشة فيه باعتبار بقاء موضوع المستصحب.
وأصالة الاشتغال المقتضية ليقين البراءة الّذي لا يتأتّى إلاّ بتقليد الحيّ والعدول عن الميّت إليه.
لا يقال : إنّ الأمر هاهنا يدور بين المحذورين : وجوب البقاء على تقليد الميّت وحرمته ، أو وجوب العدول إلى الحيّ وحرمته ، فلا يجري أصالة الاشتغال.
لأنّا نقول : إنّ ذلك وهم ينشأ من القول بوجوب البقاء وهو ممّا يقطع بفساده ، للقطع بفساد مدركه ، إذ عمدة أدلّة أهل القول بالبقاء على تقليد الميّت إنّما هو الاستصحاب ، وإطلاق أدلة مشروعيّة التقليد ، والعسر والحرج ولا قضاء لشيء منها ـ بعد تسليم نهوضها بجواز البقاء ـ بوجوبه ، أمّا قاعدة العسر والحرج فلأنّها إنّما تنفي التكليف الإلزامي بالعدول ولا تفيد إيجاب البقاء. وبعبارة اخرى : أنّها تنفي تعيين العدول لا أنّها تثبت تعيين البقاء.
وأمّا إطلاق أدلّة التقليد فلأنّه يفيد التخيير بين العدول والبقاء لا غير.
وأمّا الاستصحاب فلأنّ غاية ما ينساق من قوله عليهالسلام : « لا ينقض اليقين بالشكّ » وغيره من أخبار الاستصحاب إنّما هو حرمة رفع اليد عن الحالة السابقة لمجرّد الشكّ في ارتفاعها على وجه يكون التعويل في الرفع على مجرّد الشكّ ، وهذا لا ينافي جواز الرفع عنها تعويلا على الاحتياط الّذي هو حسن على كلّ حال ، كما في مستصحب الطهارة الّذي يجوز له