العدول عن استصحاب الطهارة إلى العمل بالاحتياط المقتضي لتجديد الطهارة ، والمفروض في المقام الاستناد في العدول إلى الحيّ إلى قاعدة الاشتغال.
نعم هاهنا شيء آخر ربّما أمكن كونه مستند القول بوجوب البقاء وعدم جواز العدول وهو عموم حرمة العدول عن تقليد مجتهد إلى مجتهد آخر حيّا كان المعدول عنه أو ميّتا.
ولكن يدفعه : أنّ دليل هذا الأصل على ما تقدّم في محلّه مقصور على أمرين : قاعدة الاشتغال ، والإجماعات المنقولة ، والكلّ مخصوص بالعدول عن تقليد الحيّ.
أمّا الاولى : فلأنّ قاعدة الاشتغال على تقدير [ جريانه ] فيما نحن فيه تقضي بوجوب العدول.
وأمّا الثانية : فلأنّ الإجماعات المنقولة كفتاوى الأصحاب منصرفة إلى الحيّ ولا تتناول الميّت ، هذا.
ولكنّ الإنصاف : أنّ إجراء أصالة الاشتغال لإثبات المنع من الاستمرار على تقليد الميّت لا يخلو عن كلفة ، فالأولى في التمسّك بالأصل هنا الاقتصار على الأصل بالمعنيين الأوّلين.
الثاني : إطلاق الإجماعات المنقولة ـ حسبما بيّنّاه ـ مع اعتضاده بظهور بعضها في صورة الاستمرار كما عرفت ، وبالشهرة العظيمة المستفادة من إطلاق فتوى المعظم ولا سيّما السلف ، وحداثة القول بالفرق بينه وبين الابتداء من بعض متأخّري المتأخّرين ، وشذوذه من بدو حدوثه إلى أن شاع بين جماعة من معاصرينا لقصور تحصيلهم في الاصول.
وممّا يكشف عن كون المنع في فتوى المانعين ومعاقد الإجماعات مطلقا ما حكي عن السيّد الجزائري في منبع الحياة (١) من إلزام المانعين بأنّه يلزمهم أنّه لو قلّد مجتهدا فصلّى المغرب بتقليده فمات ذلك المجتهد بعد المغرب وقبل العشاء أن يتغيّر حكم الله تعالى وهو باطل ، فإنّه لو كان ثمّة قول بالتفصيل لم يتجّه إطلاق هذا الاستدلال.
ولا ريب أنّه مع الاعتضادات المذكورة ينهض ـ مضافا إلى الأصل ـ دليلا تامّا على المنع من البقاء على تقليد الميّت ووجوب العدول إلى الحيّ ، لإفادة الظنّ الاطمئناني الّذي عليه مدار حجّية الأدلّة الظنّية ، وعلى فرض عدم نهوضه دليلا أو قصوره دلالة يكفينا الأصل المتقدّم بعد ملاحظة انتفاء الدليل على البقاء وجوبا أو جوازا كما هو المفروض ، إذ ليس للمجوّزين ممّا استدلّ أو يمكن أن يستدلّ به إلاّ وجوه ضعيفة غير ناهضة لإثبات
__________________
(١) لم نعثر عليه.