وفاقا للأكثر ، ولا سيّما السلف ، لإطلاق فتاويهم بالمنع وعدم الجواز ، ولا سيّما المعبّرة بعدم جواز العمل بقول الميّت ، ولا سيّما المعلّلة بأنّ الميّت لا قول له ، وأنّه إذا مات المجتهد مات قوله ، وإنّ قول الميّت كالميّت ، وغير ذلك ممّا يؤدّي هذا المعنى ، لظهور الجميع في عدم الفرق مع كون بعضها أظهر من بعض.
نعم من عبّر في الفتوى بعدم جواز الأخذ بقول الميّت فلا ظهور لكلامه هذا في عموم المنع ، بل الأخذ بقول الميّت ظاهر في الابتداء ، غير أنّه لا ينافي إطلاق الآخرين بحيث ينفي المنع من الاستمرار ، ضرورة أنّ الأخذ بقول المجتهد مقدّمة للعمل فالمقصود بالأصالة هو العمل ، وإن جعلنا حقيقة الأخذ للعمل لا العمل فيكون الأخذ بقوله في الحكم وجوبا وجوازا وتحريما تابعا للعمل فلا يحرم إلاّ لحرمة العمل بقول الميّت المدلول عليها لحرمة (١) الأخذ بقوله بالالتزام إن لم تعمّ الابتداء والاستمرار معا فلا أقلّ من عدم كونها نافية لحرمة الاستمرار المستفادة من إطلاق الأكثر.
فغاية ما فيه سكوته بالنسبة إلى صورة الاستمرار نفيا وإثباتا ، فيبقى إطلاق الأكثر سليما عمّا ينافيه من الفتاوى.
وأمّا ما عبّر فيه من الفتاوى بعدم جواز تقليد الميّت فيحتمل كونه كعبارة الأكثر المعبّرة بعدم جواز العمل بقوله ، وكونه كعبارة البعض المعبّرة بعدم جواز الأخذ بقوله.
ومبنى الاحتمالين على كون مذهب هذا القائل في التقليد جعله عبارة عن العمل أو عن الأخذ للعمل.
وكيف كان فلا ينبغي [ التأمّل ] في إطلاق فتوى الأكثر وتناولها صورتي الابتداء والاستمرار ، وكذلك معاقد الإجماعات المنقولة فإنّ أكثرها مطلقة حيث اخذ فيها العمل بقول الميّت كما تقدّم عن مسالك الشهيد وكتابه آداب المعلّم والمتعلّم وموضعين من كلام المصنّف.
وما عن ابن أبي جمهور الإحسائي ـ بل في معقد إجماعه ـ نوع ظهور في منع الاستمرار على التقليد حيث قال : « لابدّ في جواز العمل بقول المجتهد من بقائه ، فلو مات بطل العمل بقوله فوجب الرجوع إلى غيره » فإنّ بطلان العمل بقوله ظاهر في سبق تقليده كما لا يخفى.
وبعضها محتمل للإطلاق والسكوت عن الاستمرار لما اخذ فيه التقليد كما تقدّم عن
__________________
(١) كذا في الأصل.