بالإضافة إلى موضوعه وهو العاجز عن إدراك الواقع فهو عين الصواب ، مع أنّ الاستدلال منقوض بالطرق العلميّة على تقدير انتصابها في الوقائع وكفايتها في استعلام الأحكام الواقعيّة ، لأنّ العالم أو مطلق المكلّف الّذي يرجع إليها غير مصون عنه بفقده الحالة النفسانيّة المانعة منه وهي العصمة ، ومن هنا يتّجه لمنكري عصمة الإمام أن يأخذوا هذا الفرض موردا للنقض ، بناء على أنّ أصحابنا المثبتين لها في الإمام لا يعتبرونها في سائر علماء الامّة غير الإمام ولا في نوّاب الأئمّة الّذين كانوا وسائط بينهم وبين سائر المكلّفين النائبين عنهم.
وقد يدفع الإشكال بإبداء الفرق بين الإمام وغيره من العلماء والمجتهدين ، بأنّ الإمام عليهالسلام أمين الله على كافّة الأنام وله الرئاسة العامّة ووجوب الطاعة على الخاصّ والعامّ ، وهو مرجع الجميع في استفادة الأحكام ، ومع ذلك لا يستند في العلم بها إلى الأسباب الظاهريّة ، ومن البيّن أنّ مجرّد العدالة غير كاف في اطمئنان النفس بمثل ذلك ، إذ لا تطمئنّ النفس بقول العدل إذا ادّعى شيئا خارجا عن المعتاد خارقا للعادة الجارية بين الناس ، بل يتسارع الظنون إليه بالتهمة.
نعم لو دلّ دليل على عصمته كان قوله برهانا ناطقا لا مجال لإنكاره ، فالفرق بينه وبين المجتهد ظاهر من وجوه شتّى ، فاعتبار العصمة فيه لا يقضي باعتبارها في المجتهد الّذي هو بمنزلة الراوي عنهم ، ولا يكون السبيل الّذي يستنبطه ذلك المجتهد قطعيّا بعد القطع بوجوب العمل بمؤدّاه.
ولعلّه راجع إلى ما سنبيّنه وإلاّ فعموم الرئاسة كما هو ثابت للإمام كذلك ثابت للمجتهد الجامع للشرائط أيضا.
نعم الغالب على المجتهدين اختصاص الراجعين إليه الآخذين بقوله بطائفة دون اخرى وأهل بلد دون آخر ، ولكنّه لا يقضي باختصاص رئاسته بحسب القابليّة الشرعيّة.
فتحقيق المقام في حسم مادّة الإشكال أن يقال : إنّ الإمام لا يعقل في حقّه انسداد باب العلم ، وهو ما دام حاضرا متمكّنا عن التصرّف لا يعقل في حقّ أهل عصره المتمكّنين من الوصول إليه أيضا انسداد بابه ، فلا مقتضي في حقّهم لجعل الطرق الغير العلميّة لاستفادة الأحكام ، لعدم عجزه عن بيان الواقع ولا عجزهم عن إدراكه ، فلو جاز في حقّه الخطأ لكان الأمر باتّباعه مطلقا مؤدّيا إلى الإضلال ونقض الغرض وتفويت مصلحة الواقع ، بخلاف العاجزين عن إدراكه بطريق علمي لانسداد باب العلم ولو في الغالب ، لكونهم في زمان