بأنّ الأنبياء لم يورّثوا درهما ولا دينارا ، وإنّما ورّثوا أحاديث من أحاديثهم ، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظّا وافرا ، فانظروا علمكم [ هذا ] عمّن تأخذونه ، فإنّ فينا أهل البيت في كلّ خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين » (١).
وعنه أيضا عن سليم بن قيس الهلالي قال : قلت لأمير المؤمنين عليهالسلام : إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم غير ما في أيدي الناس ، ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة في تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبيّ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أنّ ذلك كلّه باطل ، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم متعمّدين ويفسّرون القرآن بآرائهم؟
قال : فأقبل عليّ عليهالسلام فقال : « قد سألت فافهم الجواب ، إنّ في أيدي الناس حقّا وباطلا ، وصدقا وكذبا ، وناسخا ومنسوخا ، وعامّا وخاصّا ، ومحكما ومتشابها ، وحفظا ووهما ، وقد كذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على عهده حتّى قام خطيبا فقال : أيّها الناس قد كثرت عليّ الكذّابة ، فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار ، ثمّ كذّب عليه من بعده ، وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس :
رجل منافق يظهر الإيمان متصنّع بالإسلام لا يتأثّم ولا يتحرّج أن يكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم متعمّدا ، فلو علم الناس أنّه منافق كذّاب لم يقبلوا منه ولم يصدّقوه ، ولكنّهم قالوا : هذا قد صحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسمع منه وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عزّ وجلّ : ( وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ) (٢) ثمّ بقوا بعده فتقرّبوا إلى أئمّة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان ، فولّوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا ، وإنّما الناس مع الملوك والدنيا إلاّ من عصم الله فهذا أحد الأربعة.
ورجل سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا لم يحمله على وجهه ، ووهم فيه ، فلو علم المسلمون أنّه وهم لم يقبلوه ، ولو علم هو أنّه وهم لرفضه.
ورجل ثالث سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا أمر به ثمّ نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى [ عن شيء ] ثمّ أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، فلو علم أنّه
__________________
(١) الكافي ١ : ٣٢ ، ح ٢.
(٢) المنافقون : ٤.