عن الامور المشكلة المفسدة ، ثمّ جعلهم أبوابه وصراطه والأدلاّء عليه بامور محجوبة عن الرأي والقياس ، فمن طلب ما عند الله بقياس ورأي لم يزدد من الله إلاّ بعدا ، ولم يبعث رسولا قطّ ، وإن طال عمره قابلا من الناس خلاف ما جاء به حتّى يكون متبوعا تارة وتابعا اخرى ، ولم ير أيضا فيما جاء به استعمل رأيا ولا مقياسا حتّى يكون ذلك واضحا عندنا كالوحي من الله ، وفي ذلك دليل لكلّ ذي لبّ وحجى أنّ أصحاب الرأي والقياس مخطئون مدحضون وإنّما الاختلاف فيما دون الرسل لا في الرسل.
فإيّاك أيّها المستمع أن تجمع عليك خصلتين إحداهما : القذف بما جاش به صدرك واتّباعك لنفسك إلى غير قصد ولا معرفة حدّ ، والاخرى : استغناؤك عمّا فيه حاجتك ، وتكذيبك لمن إليه مردّك وإيّاك وترك الحقّ سأمة وملالة وانتجاعك الباطل جهلا وضلالة ، لأنّا لم نجد تابعا لهواه ، جائزا عمّا ذكرناه قطّ رشيدا » (١).
وفي كتاب المجالس عن عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : قال الله جلّ جلاله : ما آمن بي من فسّر برأيه كلامي ، وما عرفني من شبّهني بخلقي ، وما على ديني من استعمل القياس في ديني » (٢).
وعن المحاسن للبرقي قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : « إنّ القرآن شاهد الحقّ ومحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم لذلك مستقرّ فاتّقوا الله ، فإنّ الله قد أوضح لكم أعلام دينكم ومنار هداكم ، فلا تأخذوا أمركم بالوهن ، ولا أديانكم هزوا فتدحض أعمالكم وتخطئوا سبيلكم ، ولا تكونوا أطعتم الله ربّكم ، أثبتوا على القرآن [ الثابت ] وكونوا في حزب الله تعالى تهتدوا ، ولا تكونوا في حزب الشيطان فتضلّوا ، يهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيّ عن بيّنة ، وعلى الله البيان ، بيّن لكم فاهتدوا ، وبقول العلماء فانتفعوا ، والسبيل في ذلك كلّه إلى الله فمن يهدى الله فهو المهتدى ، ومن يضلل الله فلن تجد له وليّا مرشدا » (٣).
وفي الكافي في باب ثواب الأعمال عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « إنّ الّذي يعلّم العلم منكم له أجر مثل أجر المتعلّم وله الفضل [ عليه ] ، فتعلّموا العلم من حملة العلم وعلّموه اخوانكم كما علّمكموه العلماء » (٤).
وعنه أيضا عن ابن البختري عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إنّ العلماء ورثة الأنبياء وذلك
__________________
(١) المحاسن ١ : ٣٣١ ، ح ٧٦.
(٢) أمالي الصدوق : ١٥ ، ح ٣.
(٣) المحاسن ١ : ٤١٨ ، ح ٣٦٣.
(٤) الكافي ١ : ٣٥ ، ح ٢.