نفسه ، وهذا هو الأقوى في النظر القاصر لأنّ بعد اجتهاد نفسه من جهة نقص ملكته لا يقاوم بعد فتوى المطلق من جهة ما ذكرناه من الاحتمالات.
وبعبارة اخرى : فتوى المطلق مع ملاحظة الاحتمالات المذكورة الجارية فيها أبعد عن الواقع من مؤدّى اجتهاد نفسه مع ملاحظة نقصان ملكته الموجب لقوّة احتمال خطائه في مقام اجتهاده ، هذا مع إمكان المنع عن إطلاق دعوى كون احتمال الخطأ في مقام الاجتهاد بالنسبة إلى المتجزّي أقوى منه بالنسبة إلى المطلق كما ستعرف وجهه.
بل التحقيق أنّ هذا الاحتمال بملاحظة ما سنقرّره بالنسبة إلى كليهما في مرتبة واحدة.
فبما قرّرناه تبيّن الحقّ في المسألة ووجهه ، فإنّ الأصل الثانوي كما أنّه يخرج المكلّف عن أصالة حرمة العمل بما وراء العلم فكذلك يخرجه عن أصالة حرمة العمل بالظنّ في مقابلة التقليد ويقضي بوجوب العمل به إلاّ ما خرج بالدليل كما في العامي الغير المتمكّن من الاجتهاد.
فتبيّن أنّ الأقوى من الوجوه المتقدّمة هو الوجه الأوّل ، وأنّ مدرك هذا الأصل هو العقل القاطع ، فاحفظ ذلك واغتنم.
الأمر الثالث : في كلام غير واحد من الأعيان حكاية نفي الخلاف في جواز تجزّي الاجتهاد في مسائل اصول الفقه على وجه يظهر منهم الاعتراف بالجواز فيها ، وعلّله جماعة منهم المحقّق السلطان بأنّ مناط الاستدلال في أكثر مسائلها الأدلّة العقليّة ولا دخل فيها كثيرا لزيادة التتبّع ، وليس فيها احتمال المعارض لاستقلال العقل في إدراك كلّ مسألة منها بدون ملاحظة مسألة اخرى بحيث يجزم بانتفاء المعارض نظير الاجتهاد في المسائل الحكميّة بخلاف المسائل الفرعيّة.
ولا يخفى أنّ قضيّة التعليل كون المراد بما نفي الخلاف فيه بالقياس إلى مسائل الاصول هو التجزّي في المقام الأوّل المتقدّم ذكره ـ أعني مقام الإمكان ـ كما يظهر بالتأمّل في مساقه مع مراجعة ما تقدّم من مستند المانع ثمّة من أنّه كلّما يقدّر جهله يجوز تعلّقه بالحكم المفروض فلا يحصل له ظنّ عدم المانع من مقتضي ما يعلمه من الدليل.
وقد يتراءى من بعض العبارات تنزيل ما ذكر من نفي الخلاف إلى المقام الثاني الّذي نحن بصدد البحث عنه ، حيث يقال في دفع ما سيأتي من إشكال الدور من أنّ القطعي ـ وهو الإجماع ـ دلّ على جواز العمل بالظنّ الحاصل في المسائل الاصوليّة ، والتجزّي من المسائل