الاصوليّة ، فإذا ظنّ بصحّته جاز الاعتماد على هذا الظنّ لكونه ظنّا في الاصول فيجوز إجماعا.
ووجه انطباق العبارتين أنّه لو حصل له ظنّ ببعض المسائل الاصوليّة الّتي منها جواز تجزّي الاجتهاد فيجوز العمل بهذا الظنّ بلا خلاف ، على معنى عدم الخلاف في جواز التجزّي في المسائل الاصوليّة لإجماعهم على جواز العمل بالظنّ فيها.
وفيه من الضعف ما لا يخفى ، لوضوح المنع من المقدّمتين معا :
إحداهما : استلزام الإجماع على جواز العمل بالظنّ في المسائل الاصوليّة لعدم الخلاف في جواز عمل المتجزّي فيها بظنّه الحاصل فيها.
واخراهما : جواز العمل بالظنّ في المسائل الاصوليّة على إطلاقه وانعقاد الإجماع عليه.
أمّا سند منع المقدّمة الاولى : فلأنّ الإجماع على جواز العمل بالظنّ في المسائل الاصوليّة على فرض انعقاده ليس بأقوى من الإجماع على جواز العمل به في المسائل الفرعيّة على فرض انعقاده ، فكما أنّ الثاني بمجرّده لا يستلزم الإجماع على جواز عمل المتجزّي بظنّه في المسائل الفرعيّة فكذلك الأوّل ، لجواز كونه كالثاني مخصوصا بذي الملكة التامّة بالقياس إلى المسائل الاصوليّة ، فلا يتناول المتجزّي ليلزم منه عدم الخلاف في جواز تجزّي الاجتهاد في المسائل الاصوليّة بالمعنى المبحوث عنه في المقام الثاني.
وأمّا سند منع المقدّمة الثانية : فلمنع الإجماع على جواز العمل بالظنّ في المسائل الاصوليّة ، كيف وقد تكرّر في كلام غير واحد نقل الشهرة بخلافه.
وإن شئت لاحظ كلام الوحيد البهبهاني قائلا ـ بعد ما حكى دعوى الإجماع هنا ـ « وفيه : منع تحقّق الإجماع على ما ذكر ، كيف والمشهور بل كاد يكون إجماعا أنّ الظنّ في الاصول غير معتبر ، فتدبّر.
ولو سلّم فإجماع الاصوليّين ـ يعني مجرّد اتّفاقهم ـ حصول القطع منه محلّ نظر بل الظاهر عدمه » انتهى.
ومن هنا قد يلزم القائل بجواز العمل بالظنّ فيها بأنّه ممّا يستلزم عدمها ، إذ المشهور عدم حجّية الظنّ فيها والشهرة ممّا يفيد الظنّ بالمطلوب ، وجواز العمل بالظنّ مسألة اصوليّة والتعويل على الظنّ بعدم الجواز الحاصل من الشهرة يوجب عدم جواز التعويل عليه في المسائل الاصوليّة.