الحسن ومبعد عن القبيح وليس بملج [ بملجئ ] فسقط السؤال ، ويصح أن يكون تأثيرهما تقليل القبيح وتكثير الواجب دون رفع (١) سائر القبيح وحصول جميع الحسن ، ولا شبهة في وجوب ماله هذه الصفة ، وما قرب وبعد يجب كوجوب ما اقتضى ارتفاع جميع القبيح وحصول كل حسن ، ولتعذر العلم بعين من كانت هذه الأفعال لطفا له قطعا فتعذر لذلك العلم بتأثيرهما وانتفائه.
وعلى هذا يجري القول في جميع ما عددناه ولا وجه للتكرير بتفصيله.
وطريق العلم بكونه من فعله سبحانه هو أن يكون ما وصل إليه الغنى من الأموال أو الضياع أو المماليك على وجه يسوغ له ولا يحسن منعه منه فلذلك [ فذلك ظ ] المال من رزقه تعالى والتمليك من قبله ، لأنه وصل اليه باقداره وتمكينه واذنه ، وما يقبح التصرف فيه من الأموال وغيرها ويحسن المنع منه فليس برزق منه تعالى ولا يحسن إضافته إليه لقبحه واستحقاق الواصل اليه الذم والعقاب ، وما هذه حاله لا يصح وصفه بأنه رزقه ، لأنه تعالى تمدح بكونه رازقا ، ومدح على الإنفاق مما رزق ، وأباحه ، فقال سبحانه في التمدح :
( إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزّاقُ ) (٢) ( هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ) (٣) ( أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ) (٤).
وقال في المدح ( وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ) (٥).
__________________
(١) دفع.
(٢) سورة الذاريات ، الاية : ٥٨.
(٣) سورة الفاطر ، الاية : ٣.
(٤) سورة الملك ، الاية : ٢١.
(٥) سورة البقرة الآية : ٣.