ومنها : ان يكون تقريره سبحانه العصاة على أفعال جوارحهم المعلوم لهم إضافتها إليها شهادة منها بها بمعنى أنها لو كانت. ( قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ) (١) ( وَ [ تَقُولُ ] هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ) (٢) وهو تعالى. كانت ممن تقول لقالت : أتينا طائعين وهل من مزيد. عيناك تخبرني بكذا وتشهد بكذا قال الشاعر : يخبرني.
وقال الأخر :
امتلأ الحوض وقال : قطني |
|
مهلا رويدا قد ملأت [ بطني ] |
[ وقال الأخر ] :
وقالت له العينان : أهلا ومرحبا |
|
وحدرتا كالدر لما يثقب |
والمراد ان الحوض لو كان ممن يقول لقال : حسبي ، ولو كانت العينان قائلتين لقالتا : أهلا ومرحبا ، ونظائر ذلك من كلام العرب نظما ونثرا.
ان قيل : على الوجهين الأولين كيف يجوز ان يصف ما بنى بنية حي أو بنية لسان بأنه يد أو رجل وليس كذلك؟.
قيل : ذلك جائز لأن جواهر أيديهم وأرجلهم وما فيها من المعاني إذا كانت هي بعينها المبنية حيا أو آلة نطق جاز ان يطلق عليها بأنها أيديهم وأرجلهم ، لأنها هي هي في الحقيقة وليست غيرها ، كما أن من بنى من جواهر بعض الأجسام جسما أخر فالثاني في الحقيقة هو الأول ويصح ان يسمى باسمه.
ان قيل : فما معنى الموازين والأعمال أعراض يستحيل وزنها أو وزن المستحق بها لعدمه؟.
قيل : الموازين عبارة عن العدل في أهل الموقف وإيصال كل منهم الى مستحقه ، الا ترى قوله تعالى : ( وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ
__________________
(١) سورة فصلت ، الاية ١١.
(٢) سورة ق ، الاية ٣٠.