فأما آيات الخلود والتأبيد فقد بينا فيما سلف واستوفيناه في الكتاب المذكور انه ليس في لغة العرب لفظ يفيد ما لا آخر له ، فلا يجوز حمل خطابه تعالى على ما لا يعرفه المخاطبون ، وقلنا : ان لفظة الخلود مختصة بالسكون والطمأنينة فمن قوله تعالى ( أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ ) (١) أي سكن إليها واطمأن ، وقولهم : قد أخلد فلان الى كذا إذا سكن اليه واطمأن ، وان لفظ التأبيد عبارة عما يعهده المخاطبون. حسب من قولهم لا أكلمك أبدا ولا أقاتل أبدا لا يخطر له ببال مما (٢) لا آخر له وبينا انا انما علمنا ان. الكفار لا آخر لهما من قصده. العقاب دائما أو منقطعا على كل معصيته أو منقسما. برهانه لا يمنع مما نذهب اليه من جواز سقوطه عن عصاة الملة لعفو مبتدء أو عند شفاعة كما لم يمنع كونه دائما عند جميعهم من جواز سقوطه عند أكثرهم عقلا وعند كافتهم بتوبة أو زائد ثواب.
وفي هذا القدر من الكلام في أحكام المستحق كفاية ومريد الغاية منه يجده في كتاب « التقريب ».
__________________
(١) سورة الأعراف ، الاية ١٧٦.
(٢) ما. ظ.