قيل : لا شبهة في أن تعيينها مع ثبوت التحابط يقتضي الإغراء بما عداها ، وكذلك تكليف اجتنابها مع ما هي عليه من الصفة مع تعذر العلم بها قبيح أيضا ، فلم يبق بعد هذا الا القول بنفي كبائر على ما يقولونه لما يؤدي إليه من الفساد.
وان قالوا : نسميه مسلما ومؤمنا ونحكم بالثواب الدائم.
قيل لهم : وكيف لكم بذلك ، وقد اتى بمعاصي تجيزون ان يكون معظمها كبائر تمنع من وصفه بالايمان وحكمه ويقتضي خلوده في النار مع ما تضمن التنزيل من وعيدها كمعاصي الحدود ، كأكل مال اليتيم والفرار من الزحف والحكم بغير ما انزل الله سبحانه والظلم والهمز واللمز والإخلال ببعض الفرائض ومن أي جهة أمنتم عذابه؟ وعلى اي وجه وصفتموه بالايمان وحكمتم له بثوابه مع تجويز كونه فاسقا مستحقا لدائم العقاب وورود النص من الله تعالى بذمة وعقابه مع قولكم باستحالة اجتماع الاسمين وما يستحق بهما مع مدح ذم ، وثواب عقاب؟.
وان قالوا : نسميه مسلما بشرط ان لا تكون فيما أتاه كبيرة.
قيل لهم : هذا أولا مخالف لأصولكم لان. على الإطلاق ومستحقا للثواب حسب اوقا. كافرا يزيد عقابه على عقابه. عن مذهبكم ودخول. يخلو ان يكون التعظيم. مؤمن على الإطلاق وقد بينا ما يلزمهم على القول بإيمانه. فهو فاسق على الإطلاق وقد بينا ما يلزمهم على القول بفسقه ، وسقوط فرض المدح والذم مع ثبوت تكليفه لا يجوز بإجماع ، فلم يبق الا القول باستحقاقه سمة الايمان بتصديقه وطاعاته واجتناب كبائر المعاصي والثواب على ذلك ، ووصفه بالفسق مقيدا بما فعله من القبائح واستحقاقه العقاب المنقطع المرجو سقوطه بعفو مبتدء أو شفاعة ، وسقط لذلك ما يذهبون اليه من القول بكبير مسقط وصغير ساقط وما تفرع على ذلك من التحابط والوعيد.