شبهة على متأمل في أن الظن لا حكم له مع إمكان العلم فكيف بثبوته.
وكيف يتوهم عاقل صحة الحكم مع صحة الظن (١) وفساده مع العلم به وهو يفرق بين حالتي العالم والظان.
وأيضا فصحة الحكم بالإقرار أو البينة أو اليمين فرع للعلم بالإقرار وقيام البينة وحصول اليمين وثبوت التعبد ، فلو كان العلم بصحة الدعوى أو الإنكار غير متعبد به لم يصح حكم بإقرار ولا بينة ولا يمين ، لوقوف صحته على العلم الذي لا يعتد بمثله ، لان العلم بالشيء ان اعتد به في موضع فهذا حكمه في كل موضع (٢) وفي هذا خروج عن الحق جملة إذ لا برهان عليه له يميز من الباطل غير العلم (٣).
وأيضا فلو لم يلزم الحاكم الحكم بما علمه من غير توقف على إقرار أو بينة أو يمين ، لاقتضى ذلك الحكم بما يعلم خلافه إذا حصل به إقرار أو بينة أو يمين ، من تسليم ما يجب المنع منه ، والمنع مما يجب تسليمه ، وقتل وقطع من علم عدم استحقاقه لهما ، وإلحاق نسب من يعلم براءته منه الى غير ذلك مما لا شبهة في فساده.
وأيضا فلو لم يكن الحكم بالعلم معتبرا لم يصح للحاكم تنفيذ ما تقدم الإقرار به أو الشهادة لزمان التنفيذ ، لأنه ان حكم في هذه الحال فإنما يحكم لعلمه بماضي الإقرار أو البينة ، فإذا كان الحكم بالعلم لا يصح هاهنا (٤) والمعلوم خلاف ذلك ، إذ لا فرق بين أن يحكم للعلم بالإقرار والبينة وبين العلم بصحة
__________________
(١) في السرائر : مع ظن الصدق.
(٢) في السرائر : وان ألغى حكمه في موضع فهذا حاله في كل موضع.
(٣) في بعض النسخ : عن العلم وهو تصحيف.
(٤) في السرائر : لا يصح لم يصح هاهنا.