كان عاميا لم يحل له تقليد الحكم بين الناس ، فقد حقت لعنته (١) بإجماع.
وروى عن أبي عبد الله عليهالسلام انه قال : القضاة أربعة ثلاثة في النار وواحد في الجنة : رجل قضى بجور وهو لا يعلم أنه جور فهو في النار ، ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم انه حق فهو من أهل النار ، ورجل قضى بالجور وهو يعلم انه جور فهو في النار ، ورجل قضى بالحق وهو يعلم أنه حق فهو في الجنة (٢).
وهذا صريح بوقوف الحكم على العلم ووجوبه واستحقاق الحاكم به الثواب ، وفساده من دونه واستحقاق الحاكم من دونه النار.
وقد تجاوز التحريم الحكم بالجور والتحاكم الى حكامه الى تحريم مجالسة أهله.
فروى عن محمد بن مسلم الثقفي انه قال : مر بي أبو جعفر عليهالسلام أو أبو عبد الله عليهالسلام وأنا جالس عند قاضي المدينة ، فدخلت عليه من الغد فقال لي : ما مجلس رأيتك فيه أمس؟ فقلت : جعلت فداك ان هذا القاضي لي مكرم فربما جلست اليه ، فقال عليهالسلام لي : وما يؤمنك أن تنزل اللعنة فتعم من في المجلس (٣).
لفظ الحديث ومعناه مطابق لما تقرر الشرع به من وجوب إنكار المنكر وقبح الرضا به ، والحكم بالجور من أعظم المنكرات ، فمجالس الحكام به لغير الإنكار والتقية راض بما يجب إنكاره من الجور واستحقاق اللعنة (٤) معا وإذا كانت هذه حال الجليس فحال الحاكم بالجور ومقلده النظر والتحاكم اليه والأخذ بحكمه أغلظ ، لارتفاع الريب في رضا هؤلاء بالقبيح.
__________________
(١) في السرائر : فلهذا حقت عليه اللعنة.
(٢) الوسائل ، أبواب صفات القاضي ، الباب الرابع ، الحديث السادس.
(٣) الوسائل ، أبواب صفات القاضي ، الباب الأول ، الحديث العاشر.
(٤) كذا في أكثر النسخ وفي السرائر وفي بعض النسخ فاستحقا اللعنة معا وهو الصحيح.