المظنون والمعلوم وحسن طلب النفع المعلوم والمظنون. من يعلم نفعا هو المدح. ويظن ضررا هو العقاب فوجب لذلك عليه معرفة من خلقه وخلق النفع له ليعلم قصده فيشكره ان كان منعما فيجوز عظيم النفع من المدح والثواب وينجو من عظيم الضرر بالذم والعقاب ، ولا سبيل الى معرفته الا بالنظر في آثار صنعته [ صنعه خ ] لوقوعها بحسبه ، لعلمنا بأن من نظر في تنقل الأجسام علم حدوثها دون غيره ، ومن نظر في برهان الصفات النفسية علم ثبوتها وكيفية استحقاقها دون غيرها.
ومن نظر في برهان النبوة علم صحتها دون الإمامة ، وان العلم يكثر بكثرة النظر ويقل بقلته ، ويرتفع من دونه ، فلو كان للمعارف (١) سبب غير النظر لجاز أن ينظر العاقل في برهان حدوث الأجسام فيعلم النبوة ، وينظر في برهان النبوة فيعلم الإمامة ، ويحصل جميع المعارف للعامي المتشاغل بالتكسب المعرض عن النظر ، ولا يحصل شيء منها للعاقل الناظر في الأدلة الموفي النظر حقه ، والمعلوم خلاف ذلك ، فاذا وجبت المعرفة للوجه الذي ذكرناه ولم يكن لها سبب الا النظر وجب كونه أول الأفعال الواجبة لعموم العلم لكل عاقل بوجوب ما لا يتم الواجب الا به.
وجه وجوب النظر كونه تحرزا من ضرر لولا فعله لم يأمن العاقل نزوله به من الذم والعقاب. وجه وجوب. شرطا في شكر النعمة التي يستحيل معرفتها من. بالمنعم سبحانه وأول منظور فيه الجواهر والأجناس ..
[ الدليل ] على حدوث الجواهر انها لو كانت قديمة لوجب أن يختص فيما لم يزل بجهته ، لوجوب حاجتها في الوجود إلى جهة ، وذلك الاختصاص لا يكون الا لأنفسها أو لمقتض قديم إذ كان اسناد حكم فيما لم يزل الى مؤثر
__________________
(١) للعارف خ.