قوله : الثالث : أنّ انقسامات المطلق حيث كانت كثيرة ... الخ (١).
الأولى نقل ما حرّرته عنه قدسسره في هذا المقام لعلّه أوضح ، وهو : أنّك قد عرفت أنّ الاطلاق عبارة عن كون الصفة مساوية لنقيضها في الدخول تحت الماهية ، فتارة يكون ذلك التساوي بالنسبة إلى خصوص صفة كالهاشمية وغير الهاشمية ، بالنسبة إلى أكرم العالم ، وإن لم يتحقّق التساوي بالنسبة إلى صفة العدالة بل كانت هذه الصفة غير مساوية لنقيضها ، بأن كان العالم مقيّدا بالعدالة مثلا ، ويعبّر عن الاطلاق في مثل ذلك بالاطلاق الاضافي ، لكون العالم إنّما كان مطلقا بالاضافة إلى خصوص صفة الهاشمية وعدمها دون صفة العدالة وعدمها.
وأخرى يكون ذلك التساوي جاريا في جميع الصفات اللاحقة للماهية ، ويعبّر عنه بالاطلاق الحقيقي في قبال الاطلاق الاضافي.
ثمّ إنّ أصالة كون المتكلّم في مقام البيان وإن كان جريانه بالنسبة إلى جميع الصفات ، فإذا فرضنا أنّه لم يقيّد الماهية بشيء من الصفات كان نتيجة ذلك هي الاطلاق بالاضافة إلى جميع الصفات ، إلاّ أنّه لو ورد بعد ذلك ما يوجب التقييد بصفة خاصّة لم يكن ذلك موجبا لاستكشاف أنّ المتكلّم لم يكن في مقام البيان بالكلّية ، ليكون ذلك موجبا لسقوط ظهوره بالمرّة ، بل أقصى ما فيه أن يكون كاشفا عن أنّ المتكلّم لم يكن في مقام البيان من جهة خصوص تلك الصفة لا من جهة جميع الصفات ، بل يكون بالنسبة إلى باقي الصفات على ما هو عليه من كونه مجرى لأصالة كونه في مقام البيان ، فيبقى إطلاقه بالنسبة إلى باقي الصفات محفوظا ، غاية الأمر أنّه لا يكون إطلاقا حقيقيا ، بل يكون إطلاقا إضافيا ، هذا إن قلنا إنّ ورود التقييد ببعض الصفات يكون رافعا للمقدّمة الأولى أعني كون
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٣٦ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].