إذا خصّص العام وخرج منه بعض الأفراد في بعض الأزمنة ولم يكن لدليل الخاصّ اطلاق أزماني إمّا لكونه لبّياً كالإجماع ، أو لكونه لفظيّاً لا اطلاق له ، وتردّد الزمان الخارج بين الأقل والأكثر ، فهل يرجع عند الشكّ أي بعد انقضاء الزمان الأقل إلى عموم العام أو إلى استصحاب حكم المخصّص؟ فإذا قال مثلاً أكرم كلّ عالم وقام الإجماع على حرمة إكرام زيد العالم في يوم الجمعة ، ووقع الشكّ في حرمة إكرامه يوم السبت فهل يرجع في يوم السبت إلى عموم العام من وجوب الإكرام ، أو إلى استصحاب حكم الخاصّ من حرمة الإكرام؟
ومثاله الشرعي اوفوا بالعقود ، فإنّه لا شكّ في أنّ له عموماً افرادياً لأنّ « العقود » جمع معرّف باللام ، وهو من صيغ العموم ، فإذا جاء دليل خيار الغبن وأخراج المعاملة الغبنية مثلاً عن تحت هذا العموم وعلمنا بخروجها عن تحت هذا العام في الآن الأوّل من الالتفات إلى الغبن والضرر ، وشككنا في خروجها في الأزمنة المتأخّرة عن الآن الأوّل فهل المرجع هو عموم العام والحكم باللزوم في سائر الأزمنة حتّى يكون الخيار فورياً ، أو استصحاب حكم المخصّص حتّى يكون الخيار على التراخي؟ ( ولا يخفى أنّ هذا النزاع جارٍ بناءً على جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة ).
وهو ممّا لم يعنون بوضوح في كلمات قدماء الأصحاب ، ولعلّ أوّل من عنونه تفصيلاً هو الشيخ الأعظم في رسائله ، فإنّه فصّل فيه بين ما إذا كان للعام عموم أزماني كعمومه الإفرادي فيرجع إلى عموم العام ، وبين ما إذا لم يكن له عموم كذلك وإن كان الحكم فيه للاستمرار والدوام إمّا بالنصوصيّة أو بالإطلاق فيرجع إلى استصحاب حكم المخصّص.
قد يقال في مقام توضيح هذا التفصيل : أنّه إذا كان العام بحسب عمومه الأزماني أيضاً انحلالياً مثل عمومه الافرادي بمعنى كون كلّ قطعة من الزمان موضوعاً مستقلاً لحكم العام بحيث لا يكون إمتثال الحكم أو عصيانه في تلك القطعة مربوطاً بالإمتثال والعصيان في سائر القطعات ، بل يكون لكلّ قطعة إمتثاله وعصيانه ، ففي هذه الصورة خروج قطعة من الزمان عن تحت العموم الأزماني لا يضرّ بوجود أصالة العموم بالنسبة إلى القطعات الاخر ، إذ حال أصالة العموم بناءً على هذا بالنسبة إلى الأزمان حال أصالة العموم بالنسبة إلى الافراد ، وأمّا إذا لم يكن كذلك ، أي لم تكن كلّ قطعة من الزمان موضوعاً مستقلاً بل كان مجموع القطعات