جواهر الكلام - ج ٢٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

عن الصادق عليه‌السلام « ثلاث يهدمن البدن وربما قتلن : دخول الحمام على البطنة ، والغشيان على الامتلاء ، ونكاح العجائز ».

وفي خبر الوصايا (١) « يا على لا تجامع أهلك بعد الظهر ، فإنه إن قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول ، والشيطان يفرح بالحول في الإنسان ـ إلى أن قال ـ : يا علي لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك ، فإني أخشى إن قضي بينكما ولد أن يكون مخنثا أو مخبلا ، يا علي لا تجامع امرأتك إلا ومعك خرقة ولأهلك خرقة ولا تمسحا بخرقة واحدة فتقع الشهوة على الشهوة ، فإن ذلك يعقب العداوة بينكما ، ثم يؤديكما إلى الفرقة والطلاق ، يا علي لا تجامع امرأتك من قيام ، فان ذلك من فعل الحمير ، فان قضى بينكما ولد كان بوالا في الفراش كالحمير البوالة في كل مكان ، يا علي لا تجامع امرأتك في ليلة الأضحى ، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون له ستة أصابع أو أربعة أصابع ، يا علي لا تجامع امرأتك تحت شجرة مثمرة ، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون جلادا قتالا أو عريفا ، يا علي لا تجامع امرأتك في وجه الشمس وتلألؤها إلا أن ترخي سترا فيستركما ، فإنه إن قضى بينكما ولد لا يزال في بؤس وفقر حتى يموت ، يا علي لا تجامع امرأتك بين الأذان والإقامة ، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون حريصا على إهراق الدماء ، يا علي إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا وأنت على وضوء ، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون أعمى القلب بخيل اليد ، يا علي لا تجامع أهلك على سقوف البنيان ، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون منافقا مرائيا مبتدعا ، يا علي إذا خرجت فلا تجامع أهلك تلك الليلة ، فإنه إن قضي بينكما ولد ينفق ماله في غير حق ، وقرء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ ) (٢) « يا علي لا تجامع أهلك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة‌

__________________

(١) ذكر قطعة منها في الوسائل في الباب ـ ١٤٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١ وبعده في الباب ـ ١٥٠ ـ منها الحديث ١ وقطعة منها في الباب ـ ١٥١ ـ منها الحديث ١ وتمامه في الفقيه ج ٣ ص ٣٥٩ و ٣٦٠ ـ الرقم ١٧١٢.

(٢) سورة الإسراء : ١٧ ـ الآية ٢٧.

٦١

أيام ولياليهن ، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون عونا لكل ظالم عليك ، يا على عليك أن تجامع ليلة الاثنين ، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون حافظا لكتاب الله راضيا بما قسم الله عز وجل له ، يا على إن جامعت أهلك ليلة الثلثاء فقضي بينكما ولد فإنه يرزق الشهادة بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا يعذبه الله مع المشركين ، ويكون طيب النكهة والفم ، رحيم القلب ، سخي اليد ، طاهر اللسان من الغيبة والبهتان ، يا علي وإن جامعت أهلك ليلة الخميس فقضي بينكما ولد يكون حاكما من الحكام ، أو عالما من العلماء ، وإن جامعتها يوم الخميس عند الزوال عند كبد السماء فقضى بينكما ولد فان الشيطان لا يقربه حتى يشيب ، ويكون قيما ، ويرزقه الله السلامة في الدين والدنيا ، يا علي إن جامعتها ليلة الجمعة وكان بينكما ولد فإنه يكون خطيبا قوالا مفوها ، وإن جامعتها يوم الجمعة بعد العصر فقضي بينكما ولد فإنه يكون معروفا مشهورا عالما ، وإن جامعتها ليلة الجمعة بعد العشاء الآخرة فإنه يرجى أن يكون الولد من الأبدال إنشاء الله ».

لكن في المسالك من هذه الوصية تفوح رائحة الوضع ، وقد صرح به بعض النقاد ، وفي الوافي لا يخفى ما في هذه الوصايا ، وبعد مناسبتها لجلالة قدر المخاطب بها ، ولذلك قال بعض فقهائنا : إنها مما يشم منه رائحة الوضع ، قلت : لعل سوء التعبير من الرواة وأما نفس الحكم فان الله لا يستحيي من الحق هذا.

وفي المسالك ما حاصله : « إن التعليل في هذه النصوص بسقط الولد وخبله وجذامه ونحو ذلك ، يقتضي اختصاص الكراهة في جماع يمكن فيه حصول ذلك ، أما إذا كانت يائسا مثلا فإنه يقوى عدم الكراهة حينئذ ، إذ ليس في الباب غير ما ذكر من النصوص ، وليس فيها الحكم بالكراهة مطلقا كما أطلقه الفقهاء ».

وفيه أنه لا يخفى على المتأمل في المقام وغيره أن المراد من نحو هذه التعليلات ذكر بعض الحكمة في هذا الحكم المبني على العموم ، لا أن المراد منها دوران الحكم مدارها وجودا وعدما وإن لم يفهم أحد من الفقهاء منها ذلك ، لعدم كونها مسافة لمثله ، بل المتأمل يقطع بعدم إرادة ذلك ، كما أن الخبير الممارس لأقوالهم عليهم‌السلام

٦٢

يعلم ذلك منها أيضا.

ثم إنه قال بعد ذلك : « وما ذكرناه من تفسير العمى في نظر الفرج ذكره جماعة من الأصحاب ، ويحتمل قويا أن يريد به عمى الناظر ، إذ ليس هناك ما يدل على إرادة الولد ، ولا هو مختص بحالته ، وهذا هو الذي رواه العامة (١) في كتبهم ، وفهموه ، وعليه يحسن عموم الكراهة » وفيه أن حديث الوصايا صريح في التعليل بعمي الولد ، مضافا إلى حصول الظن من التعليل لغير ذلك مما يرجع الى الولد ، خصوصا الكلام الذي يورث خرسه يكون المراد هنا عمى الولد ، وروايات العامة وفهمهم دليل على خلاف الحق ، لا عليه.

ولعل هذا المقدار من الكلام في هذا المقام كاف ، لكونه من الكراهة ، والأمر فيها سهل ، وإلا فلا يخفى كثرة فروع المقام ، وكثرة شعب الكلام فيها.

المبحث

( الثالث في اللواحق )

وهي ثلاثة :

الأول

لا خلاف بين المسلمين في أنه يجوز أن ينظر الى وجه امرأة يريد نكاحها وإن لم يستأذنها وكفيها ، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل المحكي منهما مستفيض‌

__________________

(١) كنز العمال ـ ج ٨ ص ٢٥٤ ـ الرقم ٤١٥٢.

٦٣

أو متواتر ، كالنصوص من الطرفين ، ف‌ في خبر محمد بن مسلم (١) « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يريد أن يتزوج المرأة أينظر إليها ، قال : نعم إنما يشتريها بأغلى الثمن » وفي المرسل المروي عن المجازات النبوية (٢) للسيد الرضي « إنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال للمغيرة ابن شعبة وقد خطب امرأة : لو نظرت إليها ، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما » وفي آخر (٣) « انه قال لرجل من أصحابه وقد خطب امرأة : انظر إلى وجهها وكفيها ، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما المودة والألفة » وفي ثالث (٤) « من تاقت نفسه الى نكاح امرأة فلينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها » وفي خبر الحسن بن السري (٥) عن الصادق عليه‌السلام « إنه سأله عن الرجل ينظر إلى المرأة قبل أن يتزوجها قال : نعم فلم يعط ماله؟ » وفي خبره الآخر (٦) عنه عليه‌السلام أيضا « عن الرجل يريد أن يتزوج المرأة يتأملها وينظر إلى خلفها وإلى وجهها ، قال : نعم لا بأس بأن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها ، ينظر إلى خلفها وإلى وجهها » وفي صحيح يونس المروي عن العلل (٧) عنه عليه‌السلام أيضا « الرجل يريد أن يتزوج المرأة يجوز أن ينظر إليها ، قال : نعم ، وترقق له الثياب ، لأنه يريد أن يشتريها بأغلى الثمن » وفي خبر غياث بن إبراهيم (٨) عن جعفر عن أبيه عن على عليهم‌السلام « في رجل ينظر إلى محاسن امرأة يريد أن يتزوجها ، قال : لا بأس إنما هو ، مستام فان يقض ( يقضى خ ل ) أمر يكون » وفي مرسل الفضل (٩) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « قلت له : أينظر الرجل إلى المرأة يريد تزويجها فينظر الى شعرها ومحاسنها؟ قال : لا بأس بذلك ، إذا لم يكن متلذذا » وفي خبر عبد الله بن (١٠) سنان قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يريد أن يتزوج المرأة فينظر إلى شعرها؟ فقال : نعم‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١٣.

(٣) المستدرك الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤ الا أنه لم يذكر ذيل الحديث.

(٤) المستدرك الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١١.

(٨) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٨.

(٩) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٥.

(١٠) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٧.

٦٤

إنما يريد أن يشتريها بأغلى الثمن » وفي حسن هشام وحماد بن عثمان وحفص بن البختري (١) عن أبى عبد الله عليه‌السلام « لا بأس بأن ينظر إلى وجهها ومعاصمها إذا أراد أن يتزوجها » الى غير ذلك من النصوص التي يمكن استفادة الندب المتسامح به من الأمر في بعضها ، والتعليل بالمودة والألفة الذي منه يرتفع دعوى انسياق إرادة الإباحة منه ، باعتبار كونه في مقام توهم الحظر.

نعم لا ريب في اعتبار كونها ممن يجوز له نكاحها حال النظر ، لا نحو ذات البعل والعدة ، وإمكان إجابتها عادة ، لا المعلوم عدمها ، بل قيل باعتبار احتمال إفادة النظر ما لا يعرفه قبله ، ولا بأس به اقتصارا على المتيقن المشعر به التعليل ، ضرورة عدم الغرر بالنسبة إليه ، بل الأولى الاقتصار على من يريد تزويجها خاصة ، فلا يكفي إرادة أصل التزويج في الجواز ، كما لا يكفي احتمال العزم على تزويجها بعد النظر.

وأما اعتبار عدم اللذة بذلك فينبغي القطع بعدمه ، لإطلاق الأدلة ، ولعسر التكليف به على وجه تنتفي الحكمة في مشروعية الحكم المزبور ، ولذا كان المحكي عن التذكرة التصريح بجواز النظر مع خوف الفتنة ، بل ظاهر المقنعة جواز النظر مع التلذذ ، قال بعد الحكم بجواز النظر لمريد التزويج والشراء : « ولا يحل له أن ينظر إلى وجه امرأة ليست له بمحرم ليتلذذ بذلك دون أن يراها للعقد عليها ، ولا يجوز له أيضا النظر إلى أمة لا يملكها للتلذذ برؤيتها من غير عزم على ذلك لابتياعها » بل قد يشعر به ما ورد في الأمة عند إرادة الشراء الذي شبه ما نحن فيه بها بقوله عليه‌السلام « مستام » ونحوه ، ف‌ في خبر حبيب (٢) عن الصادق عليه‌السلام « إنى اعترض جواري المدينة فأمذى ، فقال : أما لمن يريد الشراء فليس به بأس ، وأما من لا يريد أن يشترى فإني أكرهه » والتلذذ المذكور في الخبر المزبور إنما يراد منه النظر للتلذذ ، لا ما يشمل حصول اللذة به ، وإن كان الغرض منه اختيار النكاح لا التلذذ.

وكذا ما في المسالك من أنه « ينبغي أن يكون النظر قبل الخطبة ، إذ لو كان‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب بيع الحيوان الحديث ٢ من كتاب التجارة.

٦٥

بعدها وتركها لشق ذلك عليها وأوحشها » وكأنه تبع بذلك الكركي حيث قال : « ووقت النظر اجتماع هذه الشروط ، لا عند الاذن في العقد ، ولا عند ركون كل منهما الى صاحبه ، وهو وقت تحريم الخطبة على الخطبة ، خلافا لبعض العامة ، وينبغي » إلى آخر ما سمعته من المسالك.

لكن لا يخفى عليك أن ذلك كله من الاجتهاد في مقابلة النص ، كالذي في المتن وغيره من أنه يختص الجواز بوجهها وكفيها بل قيل : إنه المشهور وإن كنا لم نتحققه ، خصوصا بعد ما في النهاية « ولا بأس أن ينظر الرجل الى وجه مرأة يريد العقد عليها ، وينظر الى محاسنها ووجهها ، ويجوز أن ينظر الى مشيها وجسدها من فوق ثيابها ، ولا يجوز له شي‌ء من ذلك إذا لم يرد العقد عليها » وفي الوسيلة « وإذا أراد أن يملك امرأة جاز له النظر الى محاسنها ومشيها وجسدها من فوق الثياب » بل لعله المراد أيضا مما في المقنعة من النظر الى وجهها ويديها بارزة من الثوب ، وإليها ماشية في ثيابها ، وفي الكفاية : يتجه العمل بما تضمنته النصوص من النظر الى الشعر والمحاسن ، واختاره أيضا المقدس البغدادي وسيد المدارك والمحدث البحراني ، وفي الرياض العمل بها متجه وفاقا للمشايخ الثلاثة لا سيما القديمين وجمع من الأصحاب.

مع أنك قد عرفت خلو النصوص عن التخصيص المزبور ، وانما‌ في حسن (١) حفص « نفي البأس عن النظر الى الوجه والمعاصم ، » وهو ـ مع كون المعصم فيه محل السوار غير الكف المحدود عندهم بمفصل الزند ـ غير مناف لباقي النصوص المتعاضدة بعضها مع بعض المشتركة في التعليل الموافق للاعتبار المقتضى جواز النظر الى جميع بدنها عدا العورة الذي به يزول الغرر والخطر عنه ، لأنه مستام يأخذ بأغلى الثمن ، ومعط ماله ، ومريد للألفة الدائمة ، والمودة المستمرة ، بل قد يراد بالمحاسن ذلك لا خصوص مواضع الزينة ، ولا ما قابل المساوي ، خصوصا بعد ظهور بعض (٢) نصوص‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب بيع الحيوان ـ من كتاب التجارة.

٦٦

شراء الأمة المشبه ما نحن فيه بها في ذلك ، بل يمكن إرادة ما يشمل جميع ما تواجه به من الوجه فيه ، كما يشعر به خبر ابن السري (١) المقابل للوجه فيه بالخلف ، مضافا إلى ما في التخصيص المزبور من منافاة الحكمة التي شرع لها الحكم المزبور ، ضرورة عدم تيسر اختصاص النظر إليهما فقط باعتبار عدم انفكاك ذلك عن النظر الى الشعر والعنق وغير ذلك مما هو خارج عن حد الوجه ، فلا محيص للفقيه الذي كشف الله عن بصيرته عن القول بجواز النظر الى جميع جسدها بعد تعاضد تلك النصوص وكثرتها ، وفيها الصحيح والموثق وغيرهما الدالة بأنواع الدلالة على ذلك.

وأن له أن يتأملها وأن يكرر النظر إليها إذا لم يكن قد تعمق في الأول ، وجواز استفادته منه ما لم يكن قد استفاده من النظر السابق.

وأن ينظرها قائمة وماشية بل‌ قوله عليه‌السلام فيها : « مستام » (٢) ونحوه صريح في كونه كالمشتري الذي يبالغ في النظر للسلعة التي يريد شراءها ويستقصى بالنظر الى كل موضع مطلوب في دفع الثمن له ، بل قد يشكل الفرق بين المقام والنظر إلى الأجنبية بناء على اختصاص الجواز بالوجه والكفين ، وأن له التكرار في كل منهما مقيدا ذلك بعدم التلذذ والريبة ، والفرق بينهما بالاتفاق هنا والخلاف هناك لا يصلح فارقا ، ومن الغريب بعد ذلك قول المصنف وروى جواز أن ينظر الى شعرها ومحاسنها بل وأن ينظر إلى جميع جسدها ولكن ينظره من فوق الثياب مشعرا بتمريض الرواية ، وربما علل بعدم صلاحية هذه الرواية للحجة بالإرسال والجهالة وغيرهما ، وقد عرفت أن الرواية الدالة على ذلك بأنواع الدلالة بين الموثق والصحيح والحسن وغيرها ، بل هي دالة على جواز النظر الى الجسد عارية ، نعم في الصحيح المزبور الأمر بترقيق الثياب له ، ولا بأس به مع فرض قضاء الغرض به ، قال يونس بن يعقوب (٣) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يريد أن يتزوج المرأة وأحب أن‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١٠.

٦٧

ينظر إليها قال : تحتجر ـ بالمهملة أو المعجمة ـ ثم لتقعد وليدخل فلينظر ، قال : قلت : تقوم حتى ينظر إليها ، قال : نعم ، قلت : فتمشي بين يديه ، قال : ما أحب أن تفعل » بل لا يبعد رجحان الاقتصار على المتعارف من نظر الخطاب للمخطوبة ، هذا.

وربما ألحق بجواز نظره إليها جواز نظرها اليه على حسب نظرة إليها ، لاشتراكهما في العلة ، بل ربما كانت فيها أتم باعتبار كون الطلاق بيده دونها ، لكن فيه أن العلة كونه مستاما يأخذ بأغلى الثمن ، ولا ريب في عدم تحققها بالنسبة إليها وحينئذ فيشكل الإلحاق المزبور بعد حرمة القياس عندنا ، اللهم إلا أن يقال بإشعار التعليل بالألفة في بعض النصوص بذلك ، لكن في الاكتفاء بمثله عن الخروج عن مقتضى التحريم نظر أو منع ، كمنع جواز ذلك لغير مريد التزويج ولو وليا ، لقصور الأدلة عن إخراجه عن مقتضى الحرمة ، بخلافه في شراء الأمة الشامل له ولغيره عدا الفضولي على الظاهر.

وكذا يجوز أن ينظر إلى أمة يريد شراءها مثلا والى شعرها ومحاسنها على المشهور ، بل في المسالك دعوى الوفاق عليه ، بل وسائر جسدها عدا العورة ، بل قيل ويمسها كما تقدم الكلام في ذلك مفصلا في كتاب البيع.

ويجوز أيضا كما عن الشيخين وجماعة بل في المسالك ، نسبته إلى المشهور النظر الى نساء أهل الذمة وشعورهن ، لأنهن بمنزلة الإماء للمسلمين ، باعتبار كونهم كغيرهم فيئا لهم ، وإن حرم عليهم بالعارض نكاحهن تبعا لذمة الرجال كالأمة المزوجة والإماء التي حرمهن ملك المسلمين لهن ، أو المراد بمنزلة الإماء للغير لما‌ في صحيح محمد بن مسلم (١) عن أبى جعفر عليه‌السلام « إن أهل الكتاب مماليك الامام » وخبر زرارة (٢) عنه عليه‌السلام أيضا « إن أهل الكتاب مماليك للإمام ، ألا ترى أنهم يؤدون الجزية كما يؤدون العبيد الضريبة إلى مواليهم » بناء على جواز النظر الى‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث ١ وهو صحيح أبى بصير عن ابى جعفر عليه‌السلام.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب العدد الحديث ١ من كتاب الطلاق.

٦٨

أمة الغير ، كما صرح به بعضهم ، بل هو مقتضى التعليل المزبور الصادر من جماعة ، بناء على أن المراد به ذلك ، بل في المسالك أنه المشهور مقيدا بكون النظر الى وجهها وكفيها وشعرها خاصة بالقيدين ، بل هو ظاهر بعض النصوص المتقدمة في شراء الأمة نحو‌ قوله عليه‌السلام : « لا أحب للرجل أن يقلب جارية إلا جارية يريد شراءها » (١) وغيره بل ظاهر النصوص الواردة في مملوكة الوالد (٢) المفروغية من كون الإماء يحل منهن لغير المالك في الجملة ، بل هو مقتضى السيرة المستمرة في جميع الأعصار والأمصار ، بل قد يشعر به في الجملة أيضا عدم وجوب ستر رأسها في الصلاة ، فالأقوى جواز النظر لأمة الغير ، وعدم وجوب الستر عما هو متعارف من سيرة المتدينين حتى مع عدم رضا المالك ، إذ هو حكم شرعي لا مالكي ، ولا ينافي ذلك تقييدهم الجواز بمشتري الأمة فيما تقدم سابقا ، إذ يمكن كون ذلك منهم لتعرض النصوص لها ، على أنك قد عرفت التوسعة في مشتري الأمة على المختار بخلاف غيرها ، نعم يشكل ذلك على من اقتصر في الجواز فيهما على شي‌ء واحد ، هذا.

ولكن قد يشكل أصل الحكم هنا بخبر عباد بن صهيب عن الصادق عليه‌السلام (٣) « لا بأس بالنظر إلى نساء أهل تهامة والأعراب وأهل البوادي من أهل الذمة والعلوج ، لأنهن لا ينتهين إذا نهين » ضرورة ظهوره في كون العلة عدم الانتهاء بالنهي الذي يمكن كون المراد منه عدم وجوب الغض ، وعدم حرمة التردد في الأسواق والزقاق من هذه الجهة ، لما في ذلك من العسر والحرج بعد فرض عدم الانتهاء بالنهي ، فهو حينئذ أمر خارج عما نحن فيه ، ولذا جمع غيرهن معهن ، وربما يؤيده ترك أهل الذمة في المروي (٤) عن الكافي والفقيه ، اللهم إلا أن يكون المراد ذكر التعليل الجامع للجميع ، فلا ينافي حينئذ اختصاص أهل الذمة بعلة أخرى هي ما عرفت‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب بيع الحيوان الحديث ٣ من كتاب التجارة.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ و ٥ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١٣ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١ مع اختلاف في لفظ الأول.

(٤) الوسائل الباب ـ ١١٣ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١ مع اختلاف في لفظ الأول.

٦٩

التي قد يومي إليها ما‌ في خبر السكوني (١) عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا حرمة لنساء أهل الذمة أن ينظر الى شعورهن وأيديهن » ضرورة ظهور نفي الحرمة في معاملتهن معاملة الدواب المملوكة ، وفي خبر أبي البختري المروي (٢) عن قرب الاسناد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن على عليهم‌السلام « لا بأس بالنظر الى رؤوس نساء أهل الذمة » الحديث.

ولكن مع ذلك كله قد منع ابن إدريس من النظر إليهن ، لإطلاق الأمر بالغض المقيد بما عرفت ، والنهي عن مد العين إلى ما متع أصناف منهم في الكتاب العزيز (٣) المعلوم عدم إرادة ما نحن فيه منه ، وتبعه الفاضل في المحكي عن مختلفه ، ولا ريب في أنه أحوط وإن كان الأول أقوى.

نعم لا يجوز ذلك لتلذذ بالنظر ولا لريبة وهي كما في كشف اللثام ما يخطر بالبال من النظر دون التلذذ ، ثم قال : أو خوف افتتان ، والفرق بينه وبين الريبة ظاهر مما عرفت ، ولذا ذكر الثلاثة في التذكرة ، ويمكن تعميم الريبة للافتتان ، لأنها من « راب » إذا وقع في الاضطراب ، فيمكن أن يكون ترك التعرض له هنا وفي التحرير وغيرهما لذلك. قلت : الظاهر أن المراد من الريبة خوف الوقوع معها في محرم ، ولعله هو المعبر عنه بخوف الفتنة ، فيكون الاقتصار عليهما كما في المتن أجود ، والأمر سهل بعد معلومية الحرمة عند الأصحاب والمفروغية منه ، وإشعار النصوص بل ظهورها بل صريح بعضها فيه ، فلا وجه للمناقشة في الثاني منهما بعدم ثبوت حرمة ذلك بمجرد احتمال الوقوع في المحرم ، ضرورة كون المستند ما عرفت ، لا هذا كما هو واضح.

بل لا يبعد حرمته في نفسه بالنسبة إلى الأجنبية لا من حيث النظر خاصة ، ولذا لم يكن إشكال في حرمته بالسمع واللمس ونحوهما ، بل الأحوط والأولى اجتنابه بالتصور ، فضلا عن ذكر الأوصاف ونحوه ، وفي وصايا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١٢ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١١٢ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٣) سورة الحجر : ١٥ ـ الآية ٨٨ وسورة طه : ٢٠ ـ الآية ١٣١.

٧٠

عليه‌السلام (١) « يا علي لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك فإني أخشى إن قضى بينكما ولد أن يكون مخنثا مخبلا » والله العالم.

وكيف كان فلا إشكال كما لا خلاف في أنه يجوز أن ينظر الرجل الى مثله ما خلا عورته الواجب عليه سترها في الصلاة شيخا كان أو شابا حسنا أو قبيحا ما لم يكن النظر لريبة أو تلذذ ، وكذا المرأة بالنسبة إلى المرأة ، بل في المسالك هو موضع وفاق ، بل لعله من ضروريات الدين المعلومة باستمرار عمل المسلمين عليه في جميع الأعصار والأمصار ، وقد‌ روي (٢) « أن وفدا قدموا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفيهم غلام حسن الوجه فأجلسه من ورائه وكان ذلك بمرأى من الحاضرين » ولم يأمره بالاحتجاب عن الناس ، وإجلاسه وراءه تنزها منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعففا وتعليما للناس.

بل منه يعلم كإطلاق المصنف وغيره في المقام وغيره عدم الفرق في التلذذ المحرم للنظر بين كونه لهيجان مادة الجماع وبين غيره ولو من حيث انه ولد حسن ، فما يستعمله بعض الناس من التلذذ بالنظر الى حسان الوجوه من الأولاد معتذرا عن ذلك بأن التلذذ الحاصل منه كالتلذذ بالنظر الى البناء الحسن ونحوه من مكائد الشيطان وحبائله ومصائده ، أعاذنا الله تعالى من ذلك ، مع ظني أن ذلك عذر يعتذر به عند الناس ، وإلا فلا عذر له عند العالم بالبواطن ، وعلى فرضه لا يبعد جوازه على إشكال.

ثم إن ظاهر المصنف وغيره بل هو المشهور عدم الفرق في جواز نظر المرأة إلى مثلها بين المسلمة والكافرة ، بل هو الذي استمرت عليه السيرة والطريقة ، خلافا لما عن الشيخ في أحد قوليه ، من أن الذمية لا تنظر إلى المسلمة حتى الوجه والكفين ، فيجب عليها حينئذ الستر منها ، لقوله تعالى (٣) ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ ) ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٢) رواه ابن قدامة في المغني ـ ج ٧ ص ٤٦٣ عن أبى حفص.

(٣) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣١.

٧١

الى قوله تعالى ـ ( أَوْ نِسائِهِنَّ ) » والذمية ليست منهن ، فعلى ذلك ليس للمسلمة أن تدخل مع الذمية إلى الحمام ، بل مقتضى دليله عدم جواز ذلك لغير الذمية من الكفار ، كما هو مقتضى ما حكاه عنه وعن الطبرسي والراوندي في كشف اللثام ، مستثنيين من ذلك الأمة ، بل فيه « وهو قوي » ثم حكى عن التذكرة قوة الجواز في الذمية ، للأصل وعدم العلم بكون نسائهن بذلك المعنى ، ولم يتعرض للكافرة ، لكن في المسالك الأشهر الجواز ، وأن المراد بنسائهن من في خدمتهن من الحرائر والإماء ، فيشمل الكافرة ، ولا فارق بين من في خدمتها منهن وغيرها. قلت : قد عرفت المحكي عن الشيخ ومن تبعه من استثناء الأمة ، نعم يقوى الجواز للأصل والسيرة المستمرة ، واحتمال إرادة مطلق النساء من نسائهن ، على أن يكون بيان جواز إبداء زينتهن لأمثالهن ، قال في الكشاف : الظاهر أنه عنى بنسائهن أو ما ملكت أيمانهن من في صحبتهن وخدمتهن من الحرائر والإماء فكأنه قال سبحانه : النساء سواء في حل نظر بعضهن الى بعض ، بل ربما كان‌ في خبر حفص بن البختري (١) عن الصادق عليه‌السلام « لا ينبغي للمرأة أن تنكشف بين يدي اليهودية والنصرانية ، فإنهن يصفن ذلك لأزواجهن » دلالة عليه من التعبير بلفظ « لا ينبغي » ومن التعليل ، مضافا إلى ما فيه من العسر والحرج ، خصوصا في الزمان السابق ، لكن لا ينكر ظهوره في كراهة التكشف لهن ، والله العالم.

وللرجل أن ينظر إلى جسد زوجته باطنا وظاهرا بتلذذ وبدونه حتى العورة على الأصح وإن كره ، للنهى عنه المحمول عليها ، وفي كشف اللثام ربما يرشد اليه قوله تعالى (٢) ( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما ) وقوله تعالى (٣) ( فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما ) وقوله تعالى (٤) ( يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما ) وفيه ما لا يخفى.

وكذا له أن ينظر إلى المحارم التي يحرم عليه نكاحهن نسبا أو‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩٨ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٢) سورة الأعراف : ٧ ـ الآية ٢٠.

(٣) سورة طه : ٢٠ ـ الآية ١٢١.

(٤) سورة الأعراف : ٧ ـ الآية ٢٧.

٧٢

رضاعا أو مصاهرة أو ملكا ما عدا العورة مع عدم تلذذ وريبة ، وكذا للمرأة أن تنظر إلى جسد زوجها ظاهرا وباطنا حتى العورة بتلذذ وبدونه ، وإلى المحارم عدا العورة مع عدم التلذذ والريبة ، بلا خلاف في شي‌ء من ذلك ، بل هو من الضروريات ، فما عن الشافعية في وجه والفاضل في آخر حد المحارب ، وظاهر التحرير من أنه ليس للمحرم التطلع في العورة والجسد عاريا واضح الضعف ، وإن كان‌ في خبر أبي الجارود (١) عن أبى جعفر عليه‌السلام المروي عن تفسير على بن إبراهيم في قوله تعالى (٢) : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها ) « فهو الثياب والكحل والخاتم وخضاب الكف والسوار ، والزينة ثلاث : زينة للناس وزينة للمحرم وزينة للزوج ، فأما زينة الناس فقد ذكرناه ، وأما زينة المحرم فموضع القلادة فما فوقها والدملج وما دونه والخلخال وما سفل منه ، وأما زينة الزوج فالجسد كله » لكنه محمول على خصوص الزينة بعنوان الأولوية كما هو واضح.

ولو اشتبهت الأجنبية بالمحرمة على وجه الامتزاج وجب الاجتناب مع الحصر ، بناء على المقدمة ، ومع عدم الحصر لا يجب ، كما صرح به الفاضل ، في القواعد والكركي ، بل صرح الأخير منهما بأن له تكرار النكاح بعد الطلاق إلا إذا فحش ، فان فيه ترددا ، ثم قال : ولو بقي بعد تكرار النكاح عدد محصور فالمنع قريب ، مع احتمال الجواز إلى أن تبقى واحدة استصحابا لما كان ، ولأن الاشتباه في المجموع.

قلت : تفصيل الحال في سورة الامتزاج أن الصورة أربعة كما ذكرناه في غير المقام.

( الأولى ) اشتباه المحصور في المحصور ، على معنى محارم محصورة امتزجت مع أجنبيات كذلك ، ولا ريب في وجوب الاجتناب بناء على المقدمة.

( الثانية ) محارم غير محصورة في أجنبيات محصورة ، والاجتناب فيها أولى من الأولى.

__________________

(١) المستدرك الباب ـ ٨٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٢) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣١.

٧٣

( الثالثة ) محارم محصورة في أجنبيات غير محصورة ، وحكمها عدم الاجتناب على ما سمعته من الفاضل والكركي ، بل هو مقتضى غيرهما أيضا.

( الرابعة ) أن يكون كل منهما غير محصور وامتزج الجميع ، فقد يتخيل في بادئ النظر أن الحكم فيها الحل ، تمسكا بأصل البراءة ، وقاعدة‌ « كل شي‌ء يكون فيه حلال وحرام » (١) ولكن فيه أنه متجه إذا لم يكن قد جعل الشارع للحل عنوانا كما جعله للمحرم ، ونحو أواني خمر غير محصورة اشتبهت بغيرها من المحلل ، أما إذا جعل له عنوانا كما في النكاح فإنه قد جعل الحلال ما رواء المحرم ، فيعتبر حينئذ في ترتب أثر العقد كون المعقودة ممن هي وراء المحرمات ، والشك فيها يقتضي الشك في ترتب أثر العقد الذي مقتضى الأصل عدمه ، فالمتجه المنع ، وكذا الحال في غير المقام مما جعل الشارع فيه العنوان شيئا وجوديا لا يمكن تنقيحه بالأصل المعارض بمثله ، بل قد يتجه نحو ذلك في الصورة الثالثة ، خصوصا مع الشك بكون الفرد من المحرم فضلا عن الظن ، اللهم إلا أن يدعى أن الشارع أعطى حكم غير المحصور للمحصور المشتبه فيه ، من غير فرق بين الحل والحرمة وغيرهما على وجه يحكم على القاعدة المزبورة ، لكنه لا يخلو من تأمل.

والمتجه الاقتصار فيه على ما جرت السيرة والطريقة بعدم اجتنابه ولو للعسر والحرج ونحوهما دون غيره ، ومن هنا يتوجه المنع فيما لو بقي عدد محصور من غير المحصور فضلا عما لو بقي فرد واحد منه ، هذا كله في الممتزج.

أما الفرد المتحد المشتبه ابتداء بين المحرم والأجنبية فإن كان الاشتباه باحتمال عروض ما يقتضي تحريمها بالرضاع واحتمال تولد من الأب أو الأم أو نكاح من الأب أو نحو ذلك مما يمكن نفيه بالأصل فلا ريب في أن المتجه عدم الاجتناب ، ولعل منه‌ قوله عليه‌السلام (٢) : « تنكح المرأة ولعلها أختك برضاع أو نسب ، وتشترى العبد ولعله حر خدع » وإن كان الاشتباه لغير ذلك كالأم مثلا فان رجع إلى الشبهة الغير‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب ما يكتسب به الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب ما يكتسب به الحديث ٤ ـ والحديث نقل بالمعنى.

٧٤

المحصورة ، بأن يكون له أم لا يعرفها في الناس فحكمها ما عرفت ، وإن رجع إلى غير ذلك بأن كانت الامرأة دائرة بين الأجنبية ولا أم له غيرها فيحل له نكاحها ، وبين أن تكون هي الأم فالمتجه حينئذ الاجتناب ، لكونه بحكم الشبهة المحصورة ، مضافا الى ما سمعته من القاعدة ، ولعل هذا هو المراد من إطلاق بعضهم وجوب الاجتناب إذا اشتبهت الأجنبية بالمحرم في الفرد المتحد ، فتأمل جيدا ، والله العالم.

ثم من المعلوم أن المملوكة في حكم الزوجة مع جواز نكاحها ، نعم لو كانت مزوجة للغير أو مرتدة أو مجوسية في قول أو وثنية أو مكاتبة في وجه أو مشتركة لم تكن كذلك ، أما لو كانت مؤجرة أو مستبرأة أو مرهونة أو معتدة عن وطء شبهة فإنها كذلك على الأقوى ، إذ حرمة وطئها فيما يحرم من ذلك كحرمة وطيها حال الحيض أو الصوم أو غيرهما ، وربما يأتي لذلك تتمة في محله إنشاء الله.

ولا ينظر الى جسد الأجنبية ومحاسنها أصلا إلا لضرورة إجماعا ، بل ضرورة من المذهب والدين ، نعم يجوز عند جماعة أن ينظر الى وجهها وكفيها من دون تلذذ ولا خوف ريبة أو افتنان ، لأنهما المراد مما ظهر منها ، كما اعترف به غير واحد ، بل عن مسعدة بن زياد‌ في الصحيح المروي (١) عن قرب الاسناد إنه قال : « سمعت جعفرا عليه‌السلام وقد سئل عما تظهر المرأة من زينتها ، قال : الوجه والكفين » مؤيدا بما عن‌ علي بن جعفر عليه‌السلام (٢) عن أخيه عليه‌السلام بإسناد معتبر أيضا على ما قيل قال : « سألته عن الرجل ما يصلح له أن ينظر اليه من المرأة التي لا تحل له؟ قال : الوجه والكفين » والمرسل عن الصادق عليه‌السلام (٣) « قلت له : ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ قال : الوجه والكفان والقدمان » وعن جامع الجوامع عنهم عليهم‌السلام (٤) في تفسير ما‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٥.

(٢) البحار ج ١٠٤ ص ٣٤ الطبع الحديث.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٤) تفسير جوامع الجامع ذيل الآية ٣١ من سورة النور : ٢٤.

٧٥

ظهر « أنه الكفان والأصابع » وفي خبر أبى الجارود (١) عن أبى جعفر عليه‌السلام « هو الثياب والكحل والخاتم وخضاب الكفين والسوار ، والزينة ثلاث : زينة للناس ، وزينة للمحرم وزينة للزوج ، فأما زينة الناس فقد ذكرناه ، وأما زينة المحرم فموضع القلادة فما فوقها والدملج فما دونه والخلخال وما أسفل منه ، وأما زينة الزوج فالجسد كله » وعن زرارة (٢) « سألته عن أبى عبد الله عليه‌السلام « الزينة الظاهرة الكحل والخاتم » وعن أبى بصير (٣) « سألته عن ذلك ، فقال الخاتم والمسكة ، وهي القلب » أى السوار ، وفي صحيح المفضل (٤) عن أبى عبد الله عليه‌السلام « سألته عن الذراعين هما من الزينة التي قال الله تعالى ( وَلا يُبْدِينَ )؟ قال : نعم وما دون الخمار من الزينة وما دون السوار » بناء على أن المراد مما فوقهما ، أى الوجه والكف من الزينة الظاهرة المستثناة ، بخلاف ما دونهما كالعنق والذراع ، وصحيح ابن سويد (٥) « قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : إنى مبتلى بالنظر الى الامرأة الجميلة فيعجبني النظر إليها ، فقال : يا على لا بأس إذا عرف الله من نيتك الصدق ، وإياك والزنا ».

ولعله لذلك ذكر من في آية الغض والنصوص المتقدمة في الإحرام التي منها‌ « أن أبا جعفر عليه‌السلام مر بامرأة محرمة قد استترت بمروحة فأماط المروحة بقضيبه عن وجهها » (٦) وخبر جابر (٧) عن أبى جعفر عليه‌السلام عن جابر الأنصاري قال : « خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد فاطمة وأنا معه ، فلما انتهينا الى الباب وضع يده عليه فدفعه ، ثم قال : السلام عليك ، فقالت فاطمة : عليك السلام يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : أدخل؟ قالت : ادخل يا رسول الله ، قال : أدخل أنا ومن معى؟ فقالت : يا رسول الله ليس علي قناع ، فقال : يا فاطمة خذي فضل ملحفتك وقنعي به رأسك ، ففعلت ـ الى أن قال ـ فدخل‌

__________________

(١) المستدرك الباب ـ ٨٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب النكاح المحرم الحديث ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٤ من كتاب الحج.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٢٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

٧٦

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودخلت أنا وإذا وجه فاطمة أصفر كأنه بطن جرادة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما لي أرى وجهك أصفر؟ قالت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الجوع ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم مشبع الجوعة ودافع الضيعة أشبع فاطمة بنت محمد ، قال جابر : فو الله لنظرت الى الدم ينحدر من قصاصها حتى وجهها أحمر » الحديث.

كل ذلك مضافا الى ما يشعر به كثرة السؤال عن الشعر والذراع دون الوجه والكف مع شدة الابتلاء بهما من معلومية الجواز فيهما دون العدم المعلوم أولوية الشعر والذراع منه ، والى السيرة في جميع الأعصار والأمصار على عدم معاملة الوجه والكفين من المرأة معاملة العورة ، ولذا لم تسترهما في الصلاة ، والى العسر والحرج في اجتناب ذلك ، لمزاولتهن البيع والشراء وغيرهما.

وقيل : لا يجوز مطلقا ، واختاره الفاضل في التذكرة وغيره ، لإطلاق آية الغض ومعلومية كون المرأة عورة ، بل في كنز العرفان تعليل ما اختاره من التحريم بإطباق الفقهاء على أن بدن المرأة عورة إلا على الزوج والمحارم ، وما تشعر به آية الحجاب (١) وآية الرخصة للقواعد من النساء (٢) ، وسيرة المتدينين من الستر ، والمروي عن الكافي بطريقين (٣) عن الصادقين عليهما‌السلام انهما قالا : « ما من أحد إلا يصيب حظا من الزنا ، فزنا العين النظر ، وزنا الفم القبلة ، وزنا اليدين اللمس » ولأمرها بالتنقب عند إرادة الشهادة عليها التي هي من الضرورة في مكاتبة (٤) الصفار الآتية‌ وما دل على النهي عن النظر (٥) « وانه سهم من سهام إبليس » وخبر سعيد الإسكافي (٦) عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : « استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن فنظر إليها وهي مقبلة ، فلما جازت نظر إليها ودخل في زقاق ، وقد سماه ببني فلان ، فجعل ينظر خلفها ، واعترض وجهه عظم‌

__________________

(١) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣١.

(٢) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٦٠.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٤) الفقيه ج ٣ ص ٤٠ ـ الرقم ١٣٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٠٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٠.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٠٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤. عن سعد الإسكاف.

٧٧

في الحائط أو زجاجة فشق وجهه ، فلما مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على صدره وثوبه ، فقال : والله لآتين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولأخبرنه ، قال : فأتاه ، فلما رآه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له : ما هذا؟ فأخبره فهبط جبرئيل بآية الغض ».

ولمناسبة ذلك البعد عن الوقوع في الزنا والافتتان ونحوهما المعلوم من الشارع إرادة عدمهما ، ولذا حرم ما يحتمل إيصاله إليهما من النظر ونحوه ، وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام « يترك السلام على الشابة لئلا يسمع صوتها » (١) بل التقييد من المجوز بعدم خوف الفتنة والريبة قاض بعدم الجواز غالبا ، ضرورة حصول الخوف بالنظر الى كل امرأة لم يعلم حالها ، فيحرم حينئذ ، ويختص الجواز بمن يأمن ذلك بالنظر إليها من الأفراد الغير الغالبة ، مع أن دليله قاض بالإطلاق على وجه لو حمل على خصوص هذه الأفراد لكان من المأول الذي لا حجة فيه ، وتفسير ما ظهر منها بما عرفت كاف في عدم الوثوق ، ضرورة اختلافه اختلافا لا يرجى جمعه مع ضعف السند في جملة منه ، فلا يبعد إرادة الثياب الظاهرة منه.

والصحيح الأول (٢) إنما يقضى بجواز إظهار المرأة الوجه والكفين ، وهو أعم من النظر ، إذ يمكن رفع الشارع وجوب الستر عليها بمجرد احتمال الناظر ومظنته ، للعسر والحرج ، بخلاف باقي البدن ، وإن وجب على الناظر الغض ، كما عساه يقال في بدن الرجل بالنسبة إلى المرأة ، فإنه لا يجب عليه الستر منها وإن حرم عليها النظر اليه.

والخبر الآخر (٣) مع عدم ثبوت اعتبار سنده قاصر عن معارضة أدلة الحرمة من وجوه ، ومحتمل لإرادة النظر الاتفاقي الذي يكون مقدماته اختيارية ، على معنى أنه لا يجب على الرجل الغض باحتمال وقوع نظره على وجه أجنبية وكفيها ، أو مظنته ، للعسر والحرج ، وإن وجب عليه ذلك بالنسبة إلى باقي بدنها ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣١ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٥.

(٣) البحار ج ١٠٤ ص ٣٤ ـ الطبع الحديث.

٧٨

كما يجب عليه ستر عورته باحتمال وجود الناظر الاتفاقي أو مظنته ، ويحتمل أيضا إرادة بيان حلية ذلك في الجملة ولو للقواعد من النساء أو لغير أولى الإربة من الرجال ، ولغير ذلك.

وصحيح ابن سويد (١) محمول على إرادة إني مبتلى باتفاق وقوع النظر إلى الامرأة الجميلة ، وأنه يحصل له بعد ذلك لذة ، فأجابه بنفي البأس إذا عرف الله من نيتك الصدق ، وأنك غير متعمد لذلك ، ثم حذره عن الزنا ، أى عن النظر الذي يخاف منه ذلك ، أو أن المراد إياك وزنا العين ، أى تعمد النظر للتلذذ ونحوه ، لا أن المراد الرخصة له في النظر إلى الامرأة الجميلة التي يعجبه النظر إليها الذي يمكن دعوى الضرورة على عدم جوازه ، والضرورة على عدم وقوع ذلك من الامام عليه‌السلام الذي من عادته الحث والترغيب في عدم ذلك ، قال الصادق عليه‌السلام (٢) « من نظر الى امرأة فرفع بصره الى السماء أو غض بصره لم يرتد اليه طرفه حتى يزوجه الله من حور العين » وفي خبر آخر (٣) « حتى يعقبه الله إيمانا يجد طعمه » والمراد بمن نظر الى آخره من وقع نظره اتفاقا ، ومنه ينقدح احتمال إرادة ذلك من أدلة الجواز ، ودعوى ـ عدم صلاحية النظر الاتفاقي لأن يكون موضوعا لحكم شرعي ولو الإباحة ـ يدفعها منع ذلك باعتبار مقدماته بالمعنى الذي ذكرناه سابقا.

ونصوص الإحرام (٤) انما هو لحكم الإحرام من حيث إن إحرامها في وجهها ، فلا يجوز وضع شي‌ء عليه وإن وجب عليها الستر بما لا يمسه ، كما هو المتعارف الآن في إحرام النساء المتدينات.

وخبر (٥) فاطمة عليهما‌السلام يمكن أن يكون بالنظر الاتفاقي ، أو لغير ذلك ، وإلا فمن المستبعد نظره العمدي إليها بمحضر من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل يمكن القطع‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب النكاح المحرم الحديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١٠.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب تروك الإحرام من كتاب الحج.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٢٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

٧٩

بعدمه ، ضرورة معلومية كون الأولى خلافه من سائر النساء والرجال ، فضلا عن سيدة النساء وجابر ، بل‌ في حديث آخر (١) « انها قالت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خير النساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فاطمة مني ».

وكثرة السؤال عن الشعر والذراع لملازمتهما النظر الى الوجه والكف غالبا فاكتفى بالنهي عنهما عن حكمهما ، على أنه إشعار لا يعارض ما سمعت من الأدلة ، والسيرة والطريقة معارضة بمثلها من المتدينات والمتدينين في جميع الأعصار والأمصار ، بل لعل التطلع الى وجوه النساء المستترات من المنكرات في دين الإسلام.

والعسر والحرج في مثل الأعراب الذين لا ينتهون إذا نهوا مرتفع بعدم وجوب الغض عنهم ، وعدم البأس مع اتفاق وقوع النظر عليهم ، فلا ريب في أن ترك النظر أحوط وأقوى.

وأما ما ذكره المصنف من جوازه على كراهية مرة واحدة وحينئذ ف لا يجوز معاودة النظر في مجلس واحد ، بل ولا إطالته فهو أضعف قول في المسألة ، وإن قيل : انه وجه جمع بين ما دل على الجواز وما دل على عدمه ، بشهادة‌ النبوي (٢) « لا تتبع النظرة النظرة ، فإن الأولى لك والثانية عليك ، والثالثة فيها الهلاك » وعن العيون روايته (٣) بدل « فإن » الى آخره « فليس لك يا على إلا أول نظرة » وخبر الكاهلي (٤) عن الصادق عليه‌السلام « النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة ، وكفى بها لصاحبها فتنة » مؤيدا ذلك بما في تكرار النظر أو إطالته من خوف الفتنة بخلاف النظرة الأولى الصادرة عن غير شهوة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٨ والظاهر أنه ليس بنبوى فإنه‌ عن الفقيه بعد نقل رواية عن ابى عبد الله ٧ قال : « وقال ٧ : أول نظرة لك والثانية عليك ولا لك والثالثة فيها الهلاك ».

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٦.

٨٠