جواهر الكلام - ج ٢٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

كما يقولون : إن الله عز وجل أحل لنبيه ما أراد من النساء إلا ما حرم عليه في هذه الآية التي في سورة النساء.

ومثله خبر الحضرمي (١) عن أبى جعفر عليه‌السلام بأدنى تفاوت إلا أنه ليس فيه حديث الإرجاء ، وكذا‌ خبر أبى بصير (٢) عن أبى عبد الله عليه‌السلام أيضا وإن لم يكن فيه حديث الإرجاء ولا الهبة ، لكن زاد فيه « أحاديث آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خلاف أحاديث الناس » وكذا‌ خبره الآخر (٣) عنه عليه‌السلام أيضا من دون الزيادة ، ولكن قال فيه : « أراكم وأنتم تزعمون أنه يحل لكم ما لم يحل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

وفي خبر جميل بن دراج ومحمد بن حمران (٤) قالا : « سألنا أبا عبد الله عليه‌السلام كم أحل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من النساء؟ قال : ما شاء ، يقول بيده هكذا ، وهي له حلال ، يعنى يقبض بيده » بل‌ في الإسعاد شرح الإرشاد لبعض العامة « أنه لما خير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نساءه اخترنه والدار الآخرة ، فحرم الله عليه التزويج عليهن مكافأة لحسن اختيارهن ، فقال تعالى : « ( لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ ) الآية » ثم نسخ ذلك ، لتكون المنة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ترك التزويج عليهن بقوله تعالى ( إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ ) الآية » ولعله الذي أومأ إليه الصادق عليه‌السلام في أول كلامه جواب سؤال السائل عن ذلك وإن كان لم يكتف به السائل أو لم يفهم معنى قوله عليه‌السلام ، فأجابه جوابا اقناعيا ، والأمر سهل.

ومنها العقد للنكاح بلفظ الهبة ، ثم لا يلزمه بها مهر ابتداء ولا انتهاء كما سمعته في صحيح الحلبي (٥) والأصل فيه ما رواه‌ محمد بن قيس (٦) عن‌

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٣٨٩.

(٢) ذكر قطعه منه في الوسائل في الباب ـ ١ ـ من أبواب ما يحرم بالنسب الحديث ٢ وتمامه في الكافي ج ٥ ص ٢٩١.

(٣) الكافي ج ٥ ص ٣٨٨.

(٤) الكافي ج ٥ ص ٣٨٩.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب عقد النكاح الحديث ٦.

(٦) ذكر ذيله في الوسائل في الباب ـ ٢ ـ من أبواب عقد النكاح الحديث ٨ وتمامه في الكافي ج ٥ ص ٥٦٨.

١٢١

أبى جعفر عليه‌السلام قال : « جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدخلت عليه وهو منزل حفصة والمرأة متلبسة ممشطة ، فدخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقالت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن المرأة لا تخطب الزوج ، وأنا امرأة أيم لا زوج لي منذ دهر ، ولا لي ولد ، فهل لك من حاجة؟ فإن تك فقد وهبت نفسي لك إن قبلتنى ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خيرا ودعا لها ، ثم قال : يا أخت الأنصار جزاكم الله عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيرا فقد نصرنى رجالكم ورغبت في نساؤكم ، فقالت لها حفصة : ما أقل حياءك وأجرأك وأنهمك للرجال؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كفي عنها يا حفصة ، فإنها خير منك ، رغبت في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلمتيها وعبتيها ، ثم قال للمرأة : انصرفي رحمك الله ، فقد أوجب الله لك الجنة لرغبتك في وتعريضك بمحبتي وسروري ، وسيأتيك أمري إن شاء الله ، فأنزل الله عز وجل ( وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً ) الى آخره ، فأحل الله عز وجل هبة المرأة نفسها لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا يحل ذلك لغيره ».

بل الظاهر أنه كما جاز وقوعه الإيجاب منها بلفظ الهبة كذلك جاز وقوع القبول منه لها ، لاعتبار التطابق ، خلافا لبعض العامة ، فاشترط في القبول لفظ النكاح لظاهر قوله تعالى (١) ( أَنْ يَسْتَنْكِحَها ) ولا دلالة فيه بعد تحقق نكاحه بلفظ الهبة ، فلا ريب في ضعفه ، كضعف احتمال كون الذي من خواصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النكاح بلا مهر مسمى ولا مهر المثل لا قبل الدخول ولا بعده ، وذلك بهبة المرأة نفسها بالنسبة إلى ذلك ، لا أن عقد النكاح يكون بلفظ الهبة أيضا ، ضرورة مخالفته لما عند العامة والخاصة ، بل ولظاهر الكتاب والسنة مع عدم ما ينافي ذلك.

ومنها وجوب التخيير لنسائه بين إرادته ومفارقته لقوله تعالى (٢) : ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ : إِنْ كُنْتُنَّ ) الى آخره فان السبب في نزولها ما حكاه‌ في كنز العرفان عن تفسير ينسب إلى الصادق (٣) عليه‌السلام « من أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما حصل له‌

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٥٠.

(٢) سورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٢٨.

(٣) المستدرك الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ٥.

١٢٢

الغنائم من خيبر قالت له نساؤه : أعطنا من هذه الغنيمة ، قال : قسمتها بين المسلمين بأمر الله ، فغضبن وقلن لعلك تظن إن طلقتنا لم نجد زوجا من قومنا غيرك ، فأمر الله باعتزالهن والجلوس في مشربة أم إبراهيم حتى حضن وطهرن ، ثم أنزل الله هذه الآية » أو ما‌ قيل (١) من أن أزواجه سألنه شيئا من عرض الدنيا وطلبن زيادة في النفقة وآذينه لغيرة بعضهن من بعض ، فآلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهن شهرا ، فنزلت آية التخيير ، وهي هذه ، وكن يومئذ تسعة ، فلما نزلت طلبهن وخيرهن في المفارقة والبقاء ، فاخترنه.

نعم في المسالك هذا التخيير عند العامة القائلين بوقوع الطلاق بالكناية كناية عن الطلاق ، وقال بعضهم : إنه صريح فيه ، وعندنا ليس له حكم بنفسه ، بل ظاهر الآية أن من اختارت الحياة الدنيا وزينتها يطلقها ، لقوله تعالى (٢) ( إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها ) الى آخره ، قلت : صريح الفاضل في القواعد ومحكي التحرير والشيخ في محكي المبسوط أن هذا التخيير كناية عن الطلاق ، وهو من خواصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل ظاهر كنز العرفان المفروغية من ذلك ، حيث إنه تارة حكم به من غير إشارة إلى خلاف ، واخرى قال : اختلف في حكم التخيير على أقوال : ( الأول ) إن الله عز وجل إذا خير فاختارت زوجها فلا شي‌ء ، وإن اختارت نفسها فهي تطليقة واحدة ، وهو قول ابن مسعود وأبى حنيفة وأصحابه.

( الثاني ) أنها إذا اختارت نفسها فهي ثلاث تطليقات ، وإن اختارت زوجها وقعت واحدة ، وهو قول زيد ومذهب مالك.

( الثالث ) أنه إن نوى بالتخيير الطلاق كان طلاقا وإلا فلا ، وهو مذهب الشافعي.

( الرابع ) انه لا يقع بذلك طلاق وإن كان ذلك من خواصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولو اخترن‌

__________________

(١) البحار ج ٢٢ ص ١٧٣ الطبع الحديث.

(٢) سورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٢٨.

١٢٣

أنفسهن لما خيرهن لبن منه ، فأما غيره فلا يجوز له ذلك ، وهو‌ المروي (١) عن الصادق عليه‌السلام حيث قال : « وما للناس والخيار ، وإن هذا شي‌ء خص الله تعالى به رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » وقال ابن الجنيد وابن أبى عقيل منا بوقوعه طلاقا مع نيته واختيارها نفسها على الفور ، فلو تأخر اختيارها لحظة لم يكن شيئا ، والأكثر منا على خلاف قولهما ، لقول الصادق عليه‌السلام (٢) : « أن تقول لها : أنت طالق ».

قلت : قد وردت عدة أخبار (٣) من طرقنا في التخيير ، وأنها تبين باختيارها ، من غير فرق في ذلك بين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيره ، لكن حملها في محكي التهذيبين على التقية ، لموافقتها مع اختلافها لمذاهب العامة ، بل قد يظهر أيضا من عدة أخبار أخر أنه ليس من خواصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم البينونة باختيارهن ، وإنما كان من خواصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجوب التخيير لهن ، وأنه إن لم يخترنه يطلقهن ، ف‌ في خبر عيسى بن القاسم (٤) عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن رجل خير امرأته فاختارت نفسها بانت منه ، قال : لا ، إنما هذا شي‌ء كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصة ، أمر بذلك ففعل ، ولو اخترن أنفسهن لطلقهن ، وهو قول الله عز وجل ( قُلْ لِأَزْواجِكَ ) » الى آخره وهو صريح فيما قلناه ، بل‌ في خبر محمد (٥) « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنى سمعت أباك يقول : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خير نساءه فاخترن الله ورسوله ، فلم يمسكهن على طلاق ، ولو اخترن أنفسهن لبن ، فقال : إن هذا حديث كان يرويه أبى عن عائشة ، وما للناس والخيار ، وإنما هذا شي‌ء خص الله به رسوله » وفيه رد على ما سمعته من مالك ، كما أنه قد علمت من التخصيص فيه ، بل منه يعلم الوجه‌ في خبر الكناني (٦) قال : « ذكر‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ٣ من كتاب الطلاق.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق من كتاب الطلاق.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ٠ ـ من كتاب الطلاق.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ٤ من كتاب الطلاق عن عيص بن القاسم.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ٣ من كتاب الطلاق.

(٦) الكافي ج ٦ ص ١٣٨.

١٢٤

أبو عبد الله عليه‌السلام أن زينب قالت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تعدل وأنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقالت حفصة : إن طلقنا وجدنا في قومنا أكفاءنا فاحتبس الوحي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشرين يوما ، قال : فأنف الله عز وجل لرسول الله ، فأنزل ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ ، قُلْ لِأَزْواجِكَ ) ـ الآية ـ قال : فاخترن الله ورسوله ، ولو اخترن أنفسهن لبن ، وإن اخترن الله ورسوله فليس بشي‌ء » مع احتمال إرادة لبن بالطلاق بينونة لا رجعة فيها ، ومن ذلك كله يعلم قوة ما سمعته من المسالك ، وربما يأتي تتمة لذلك إن شاء الله في كتاب الطلاق.

ومنها تحريم نكاح الإماء عليه بالعقد قيل : لاشتراطه بخوف العنت ، وهو معصوم ، وقد ينقض بالإمام ، وبفقدان الطول ، ولا مهر عليه ابتداء ولا انتهاء ، وقد يناقش بإمكان فقد الطول بالنسبة إلى النفقة ، وبأنه قد لا توجد الباذلة نفسها بلا مهر ، وبأن من نكح أمة غيره كان ولده رقيقا ومنصبه منزه عن ذلك ، وفيه منع كونه رقيقا كما ستعرف ، وبأن كون الزوجة مملوكة للغير محكوما عليها لغير الزوج مرذول ، فلا يليق بمنصبه ، وفيه منع رذالته ، مطلقا وإلا لحرم على الإمام أيضا ، فالعمدة الإجماع إن تم ، ولعله لذا حكي عن بعض العامة جواز نكاحه الأمة المسلمة بالعقد ، لكن المحكي عن الأكثر المنع ، نعم لا بأس في وطئه للإماء بالملك ، للآية (١) والفعل ، فإنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد ملك مارية القبطية وكانت مسلمة ، وملك صفية وهي مشركة ، فكانت عنده إلى أن أسلمت ، فأعتقها وتزوجها.

ومنها حرمة الاستبدال بنسائه والزيادة عليهن حين نزول هذه الآية عليه حتى نسخ ذلك بقوله تعالى ( إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ ) الآية خلافا لما عن بعض العامة من عدم نسخ هذا التحريم أصلا ، وفيه منع ، بل قد سمعت ما تقدم من النصوص الدالة على عدم وقوع هذا التحريم أصلا ، وأنه ليس من خواصه في وقت من الأوقات كصحيح الحلبي (٢) وغيره.

ومنها ما هو خارج عن النكاح ، وهو كثير لكن ذكر المصنف منه‌

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٥٠.

(٢) المتقدم في ص ١٢٠.

١٢٥

تسعا وجوب السواك والوتر والأضحية‌ للنبوي (١) « ثلاث كتبت علي ولم تكتب عليكم : السواك والوتر والأضحية » وفي آخر (٢) « كتب علي الوتر ولم يكتب عليكم ، وكتب علي السواك ولم يكتب عليكم ، وكتب علي الأضحية ولم يكتب عليكم ، » خلافا لما عن بعض العامة من عدم وجوب الثلاثة عليه مع ورود هذه الروايات من جانبهم ، ولذلك قال في المسالك : نحن أولى بذلك منه.

والرابع قيام الليل والتهجد فيه ، لقوله تعالى (٣) ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ ) وعن بعض الشافعية أن ذلك قد نسخ عنه ، وعن آخرين أن ذلك كان واجبا عليه وعلى أمته ثم نسخ ، ولم يثبت من ذلك شي‌ء عندنا.

نعم ينبغي أن يعلم أن بين قيام الليل والوتر الواجبين عليه مغايرة العموم والخصوص المطلق ، لأن قيام الليل بالتهجد يحصل بالوتر وبغيره ، فلا يلزم من وجوبه وجوبه ، وأما الوتر فلما كان من العبادات الواقعة بالليل فهو من جملة التهجد ، بل أفضله ، فقد يقال : إن إيجابه يغني عن قيام الليل ، لكن فيه أن قيام الليل وإن تحقق بالوتر لكن مفهومه مغاير لمفهومه ، لأن الواجب من القيام لما كان يتأدى به وبغيره وبالكثير منه والقليل كان كل فرد يأتي به منه موصوفا بالوجوب ، لأنه أحد أفراد الواجب الكلي ، وهذا القدر لا يتأتى بإيجاب الوتر خاصة ولا يفيد فائدته ، فلا بد من الجمع بينهما.

والخامس تحريم الصدقة الواجبة عليه وهي الزكاة المفروضة للنصوص المتواترة التي منها‌ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) : « إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة » مضافا الى ما في ذلك من الصيانة لمنصبه الشريف عن أوساخ الناس التي تعطى على سبيل الترحم‌

__________________

(١) لم أجد هذين اللفظين في الروايات مع كثرة التتبع في مظانها ، وانما يستفاد مضمونها من الروايات التي ذكرها في الخصائص الكبرى ج ٣ ص ٢٥٣ المطبوعة بمطبعة المدني.

(٢) لم أجد هذين اللفظين في الروايات مع كثرة التتبع في مظانها ، وانما يستفاد مضمونها من الروايات التي ذكرها في الخصائص الكبرى ج ٣ ص ٢٥٣ المطبوعة بمطبعة المدني.

(٣) سورة الإسراء : ١٧ ـ الآية ٧٩.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب المستحقين الزكاة الحديث ٦ كتاب الزكاة.

١٢٦

وتنبئ عن ذل الأخذ ، وأبدل بها الفي‌ء الذي يؤخذ على سبيل القهر والغلبة المنبئين عن ذل المأخوذ منه ، وعز الأخذ ، ومشاركة أولي القربى له في تحريمها لا يقدح في الاختصاص به ، لأن تحريمها عليهم بسببه ، فالخاصة عائدة اليه ، مع أنها لا تحرم عليهم مطلقا ، بل من غير الهاشمي مع وفاء نصيبهم من الخمس بكفايتهم ، واما عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنها تحرم مطلقا ، وفي المسالك ولعل هذا أولى من الجواب السابق ، لأن ذلك مبني على مساواتهم له في ذلك ، كما تراه العامة ، فاشتركوا في الجواب ، والجواب الثاني مختص بقاعدتنا ، وفي كشف اللثام وتحريم الصدقة الواجبة وإن كانت من بني هاشم ولم تكن زكاة ، والظاهر مشاركة الأئمة عليهم‌السلام له فيه ، فالخاصة إضافية أو يقال وفاقا للتذكرة : إن التحريم عليهم بسببه ، فالخاصة عائدة ، اليه وبأحد الوجهين يكون من خواصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحريم الصدقة الواجبة من غير بنى هاشم ، قلت : قد عرفت في كتاب الزكاة تحقيق الحال في ذلك. بل وفي تحريم الصدقة المندوبة في حقه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحق الأئمة عليهم‌السلام وإن كان فيه خلاف.

والسادس تحريم خائنة الأعين قيل وهو الغمز بها أي الإيماء بها إلى مباح من ضرب أو قتل على خلاف ما يظهر ويشعر به الحال ، والخائنة مصدر كالعافية ، أو نائب منابه ، أو اسم فاعل ، والإضافة بيانية ، والمراد فعلها ، وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) « ما كان لنبي أن تكون له خائنة الأعين » وإنما قيل له ذلك لأنه يشبه الخيانة من حيث إنه يخفى ، ولا يحرم ذلك على غيره إلا في محظور ، وفي المسالك الأشهر أن ذلك مختص بغير حالة الحرب ، فقد‌ روى (٢) « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا أراد سفرا ورى بغيره » وبعضهم طرد الحكم فيه ، والتورية اللفظية غير خائنة الأعين.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٤٠ والخصائص الكبرى ج ٣ ص ٢٧٩ مطبعة المدني.

(٢) سنن أبى داود ج ٢ ص ٤١ ( باب ـ ٩٢ ـ من كتاب الجهاد ) وفيه‌ « إذا أراد غزوة ورى بغيرها » وفي الخصائص الكبرى ج ٣ ص ٢٨٠ المطبوعة بمطبعة المدني‌ « اشتهر أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا أراد سفرا ورى بغيره ».

١٢٧

والسابع أبيح له الوصال في الصوم المحرم على غيره الذي قد مر تحقيقه في كتاب الصوم.

وخص أيضا وهو الثامن بأنه تنام عينه ولا ينام قلبه‌ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) : « تنام عيناي ولا ينام قلبي » بمعنى بقاء التحفظ والإحساس قيل : وعلى هذا فلا ينتقض وضوؤه بالنوم ، فيحصل باعتباره خاصة أخرى له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد عدت أيضا في خواصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

والتاسع أنه كان يبصر وراءه كما يبصر أمامه بمعنى التحفظ والإحساس في الحالتين كما تقدم وذكر أشياء غير ذلك من خصائصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى أنه أفردها بعضهم بالتصنيف في كتاب ضخم ، والعلامة في محكي التذكرة ذكر منها ما يزيد على سبعين.

( فمنها ) أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا رغب في نكاح امرأة فإن كانت خلية وجب عليها الإجابة وحرم على غيره خطبتها ، وإن كانت ذات زوج وجب عليه طلاقها لينكحها ، لقضية زيد.

( ومنها ) وجوب إنكار المنكر إذا رآه وإظهاره ، ومشاورة أصحابه في الأمر ، وتحريم الخط والشعر عليه وإن اختلف في أنه كان يحسنهما أم لا ، وأنه كان إذا لبس لامة الحرب يحرم عليه نزعها حتى يلقى عدوه ويقاتل ، وأن يمد عينيه الى ما متع الله به الناس ، وأبيح له دخول مكة بغير إحرام خلافا لأمته ، وأن يأخذ الطعام والشراب من المالك وإن اضطر إليهما ، وتفضيل زوجاته على غيرهن ، بأن جعل ثوابهن وعقابهن على الضعف ، وجعلهن أمهات المؤمنين ، وحرم أن يسألهن غيرهن شيئا إلا من وراء حجاب ، وبأنه خاتم النبيين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأمته خير الأمم ، ونسخ شريعته جميع الشرائع ، وجعلها مؤبدة ، وبعثته إلى الكافة ، وجعل كتابه معجزا ومعجزته باقية محفوظا أبدا ، مصونا عن التبديل والتغيير ، ونصر بالرعب على مسيرة شهر ، وشفعه‌

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٦٢.

١٢٨

في أهل الكبائر من أمته على العموم ، وجعله أول شافع ومشفع ، وسيد ولد آدم إلى يوم القيامة ، وأول من تنشق عنه الأرض ، وأول من يقرع باب الجنة ، وأكثر الأنبياء تبعا ، وجعل تطوعه قاعدا كتطوعه قائما من غير عذر ، ويحرم على غيره رفع صوته عليه ، ومناداته من وراء الحجرات ، ومخاطبة المصلي بقوله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، وغير ذلك مما لا يمكن إحصاؤه وإن كان هذه أى ما ذكره المصنف أظهرها لكن ينبغي أن يعلم أن ما يرجع إلى الأحكام الشرعية الأصل الاشتراك ، لدليل التأسي حتى يثبت الاختصاص بطريق من الطرق الشرعية ، فكلما شك فيه حينئذ من ذلك ، يبقى على الأصل كما هو واضح ، والله العالم.

وكيف كان ف يلحق بهذا الباب‌ مسألتان :

( الأولى )

إنه من خواصه عليه‌السلام أيضا تحريم زوجاته على غيره من بعد موته ، فإذا مات عن مدخول بها لم تحل إجماعا بل ضرورة من المذهب أو الدين ، لنص الآية وكذا القول لو لم يدخل بها على الظاهر لتناول اللفظ ، مع أنه لا خلاف فيه ظاهرا ، بل لا موضوع له أما لو فارقها بفسخ كالتي وجد بياضا في كشحها أو طلاق كالمستعيذة منه ففيه خلاف ، والوجه أنها لا تحل عملا بالظاهر بسبب صدق الزوجية عليها بعد الفراق في الجملة ، فتدخل في إطلاق الآية (١) وقيل : لا تحرم ، لصدق سلب الزوجية عنها ، ولإعراضه عنها وانقطاع اعتنائه عنها ، وقيل بالحرمة إن كانت مدخولا بها ، وإلا فلا ، لما‌ روى أن الأشعث بن قيس (٢) « نكح المستعيذة في زمان عمر ، فهم برجمها ، فأخبر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٥٣.

(٢) أنوار التنزيل للبيضاوى ج ٢ ص ٢٧٩ ( ذيل الآية ٥٣ من سورة النور ).

١٢٩

فارقها قبل أن يمسها فخلاها ، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة » لكن فيهما أن‌ الكليني قد روى في الحسن عن عمر بن أذينة في حديث طويل (١) « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فارق المستعيذة وامرأة أخرى من كندة قالت لما مات ولده إبراهيم : لو كان نبيا ما مات ابنه ، فتزوجت بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باذن الأولين ، وأن أبا جعفر عليه‌السلام قال : ما نهى الله عز وجل عن شي‌ء إلا وقد عصي فيه ، حتى لقد نكحوا أزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعده ، وذكر هاتين العامرية والكندية ، ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام : لو سألتهم عن رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها أتحل لابنه لقالوا : لا ، فرسول الله أعظم حرمة من آبائهم » وفي رواية أخرى عن زرارة (٢) عنه عليه‌السلام ونحوه ، وقال في حديثه : « وهم يستحلون أن يتزوجوا أمهاتهم ، وأن أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحرمة مثل أمهاتهم إن كانوا مؤمنين ».

ومن ذلك يعلم ما في قول المصنف وغيره ، وليس تحريمهن لتسميتهن أمهات ، ولا لتسميته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والدا لأن ذلك وقع على وجه المجاز لا الحقيقة ، كناية عن تحريم نكاحهن ووجوب احترامهن ، ومن ثم لم يجز النظر إليهن ولا الخلوة بهن ، ولا يقال لبناتهن أخوات المؤمنين ، لأنهن لا يحرمن على المؤمن فقد زوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة عليا عليه‌السلام وأختيها رقية وأم كلثوم عثمان ، وكذا لا يقال لآبائهن وأمهاتهن أجداد المؤمنين وأمهاتهن ، ولا لإخوانهن وأخواتهن أخوال المؤمنين وخالاتهم ، وإن كان للشافعية وجه ضعيف في إطلاق ذلك كله ، لكنه في غاية البعد ، نعم قد عرفت الإشارة في الخبرين الى حرمتهن كحرمة الأمهات ونساء الأب ، فلا يبعد كون المراد من الإطلاق المزبور تنزيلهن منزلة ذلك في حرمة النكاح خاصة ، ولو للخبرين ، ولا يلزم من ذلك إجراء باقي الأحكام على ذلك خصوصا بعد معلومية خلافه من الأدلة كما هو واضح ، والله العالم.

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٤٢١ مع اختلاف لفظ الثاني بكثير.

(٢) الكافي ج ٥ ص ٤٢١ مع اختلاف لفظ الثاني بكثير.

١٣٠

المسألة ( الثانية )

من الفقهاء من زعم أنه لا يجب على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القسمة بين أزواجه بل في كنز العرفان أنه المشهور بين أصحابنا لقوله تعالى (١) ( تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ ) أي تؤخر من تشاء وتترك إيواءه فلا تقسم له ، وتؤوي إليك من تشاء وتقسم له ، ثم لا يتعين عليك ذلك بل تؤوي أيضا من تشاء ممن عزلت ، أي وترجي من تشاء ممن أويت ، كل ذلك لا جناح عليك فيه ، وهو أدنى أن تقر أعينهن ـ الآية ـ لعدم كونه قسمة ، بل الجميع متساويات في ذلك ، ولذلك قبل : إنه لما نزلت أرجى سودة وجويرية وصفية وميمونة وأم حبيبة وكان يقسم بينهن ما شاء ، وآوى عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب ، فكان يقسم بينهن ، فيكون ذلك من خواصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا ، وأن ما كان يفعله من القسمة حتى‌ روي أنه (٢) كان يطاف به وهو مريض عليهن ويقول « هذا قسمي فيما أملك وأنت أعلم بما لا أملك يعنى قلبه » تفضل منه ، أو أنه كان قبل نزول الآية ، وربما يؤيد ذلك بكون نكاحه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كالتسري بالنسبة إلى غيره ، ولذا جاز له الزيادة على الأربع وبلا مهر ، وبلفظ الهبة ، ولكن مع ذلك قال المصنف وهو ضعيف لعموم أدلة القسمة ، والأصل الاشتراك ، ولأن فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان كذلك ولأن في الآية احتمالا يدفع دلالتها ، إذ يحتمل أن تكون المشية في الإرجاء متعلقة بالواهبات وفيه أن الأولين يقطعهما الدليل ، والثالث قد عرفت أنه كان تفضلا أو قبل نزول الآية ، والاحتمال لا يرفع الظهور الذي هو مناط الاستدلال ، على أن جمع الضمير هنا وأفراده في الواهبة كالصريح في نفي ذلك ، بل في المسالك أنه لم يتزوج بالهبة إلا مرة واحدة على ما ذكره المفسرون‌

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٥١.

(٢) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٩٨.

١٣١

المحدثون ، مضافا إلى أنه لا معنى لتخصيص الواهبات بهذا الحكم مع عموم اللفظ ، وإلى أن غاية الهبة الصحة منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلفظها وبلا مهر ، وذلك لا يخرجها عن حكم الزوجة ، ولا ريب في ضعف الاحتمال المزبور كضعف احتمال تطلق من تشاء وتترك طلاق من تشاء ، لعدم الدليل عليه ، بل ظاهر الآية خصوصا قوله تعالى ( ذلِكَ أَدْنى ) إلى آخرها خلافه ، والله العالم.

( الفصل الثاني )

( في العقد )

ويقع النظر في مقامين الصيغة والحكم ، وأما الأول ف عقد النكاح كغيره من العقود اللازمة يفتقر إلى إيجاب وقبول لفظيين دالين على القصد الرافع للاحتمال أى القصد التفصيلي ومن العبارة عن الإيجاب لفظان : زوجتك وأنكحتك بلا خلاف ولا إشكال لكونهما مشتقين من الألفاظ الصريحة في ذلك وضعا التي قد ورد القرآن بهما في قوله تعالى (١) ( فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها ) وقوله (٢) ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ ) المراد منه العقد قطعا للإجماع وغيره على تحريم معقودة الأب على الابن.

نعم في متعتك خلاف ، وتردد من كونه من ألفاظ النكاح ، ولذا لو نسي الأجل انقلب دائما ، ومن كونه حقيقة في المنقطع مجازا في الدائم ، والعقود اللازمة لا تقع بالمجاز ، وإلا لم ينحصر ، مضافا الى ما عن الطبريات من الإجماع عليه‌

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٣٧.

(٢) سورة النساء : ـ ٤ ـ الآية ٢٢.

١٣٢

هنا ، وإلى ما في النكاح من شوب العبادة التي لا تلتقي إلا من الشارع ولكن مع ذلك جوازه عند المصنف أرجح لمنع المجازية ، بل هو للقدر المشترك كلفظ « زوجتك » بقرينة تتبع موارد استعماله في الكتاب والسنة في مطلق الاستعمال والانتفاع ، أو لمنع اعتبار الحقيقة في العقود اللازمة ، بل يكفي فيها المجازاة المتعارفة في مثلها ، فيشملها حينئذ آية ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) وغيره ، ضرورة كون العقد حينئذ من جملة المقاصد التي تعتور الإنسان ، فكلما يتعارف في التعبير عنه وفي الدلالة عليه كاف فيه ، كغيره من المعاني والمقاصد ، وربما كان ذلك هو السر في خلو النصوص عن التعرض لخصوص الألفاظ ، بل التأمل فيما ورد منها في خصوص المقام يشرف الفقيه على القطع بذلك ، كما لا يخفى على من لاحظ عدم اعتبارهم خصوص لفظ ولا خصوص هيئة ، ومن ذلك يعلم قوة ما ذكره المفيد وغيره في باب البيع من عدم اعتبار لفظ مخصوص ، وقد اعترف بذلك في المسالك حيث إنه بعد أن حكى عن الفقهاء ، أنهم عينوا للعقود اللازمة ألفاظا صريحة وأنهم بنوا أمرها على المضايقة بخلاف العقود الجائزة قال : « والذي يظهر من النصوص أن الأمر أوسع من ذلك » الى آخره.

لكن لا ريب في أن الاحتياط لا ينبغي تركه خصوصا في النكاح الذي فيه شوب من العبادات المتلقاة من الشارع ، والأصل تحريم الفرج إلى أن يثبت سبب الحل شرعا ، وأن من المحتمل كون الأمر بالوفاء للمتعارف من العقود التي لا طريق إلى معرفتها إلا بضبط الفقهاء الذين نصوا على اعتبار اللفظ الصريح وضعا في العقد اللازم ، وأنه لا يكفى فيه المجاز ، وبذلك ونحوه قد رجحنا ذلك في عقد البيع ، وقد أطنبنا هناك ، وحكينا كلمات الأصحاب ، ولكن الانصاف عدم خلو القول بالاكتفاء بكل لفظ لا يستنكر العقد به في ذلك العقد ودال بنفسه أو بالقرينة على القصد الخاص من دون اعتبار هيئة خاصة فيه من قوة ، ولو بملاحظة خلو النصوص عن التعرض للفظ بالخصوص ، بل واشتمالها خصوصا في المقام على المضارع والأمر وغيرهما في العقد لأنفسهم ولغيرهم ، ومن هنا تعرف قوة ما ذكره المصنف وإن كان ينافيه ما‌

__________________

(١) سورة المائدة : ٥ ـ الآية ١.

١٣٣

ستعرفه منه ، كما أنه عرفت ما نوقش فيه بأن إطلاق هذا اللفظ على الدائم مجاز ، لأن المتبادر منه المنقطع ، كما هو معلوم ، ولما ذكروه من افتقاره إلى القرينة ، وهي عدم ذكر الأجل ، بل ظاهرهم أن الأجل جزء مفهومه ، وحينئذ فاستعماله بدونه استعمال للفظ في غير ما وضع له ، والتجوز في العقود اللازمة توسع لا يرتضونه ، والفرق بينه وبين « زوجتك » واضح ، لأن « زوجتك » حقيقة في القدر المشترك بين الأمرين أو مشترك بينهما اشتراكا لفظيا ، وعلى التقديرين فاستعماله في كل منهما بطريق الحقيقة ، بخلاف اللفظ الآخر الذي قد اعترفوا بمجازيته ، إذ قد عرفت دفعها بمنع المجازية أولا ، ومنع عدم كفاية مثل هذا التجوز ثانيا ، ودعوى الإجماع على ذلك ممنوعة أيضا ، كدعوى الإجماع على عدم العقد به بالخصوص من الطبريات ، والأصل يكفي في قطعه ما سمعته من ظهور النصوص في كون ذلك من جملة المقاصد التي خلق الله الألفاظ للإنسان في بيانها بالطرق التي ألهمها إياه ودله عليها ، ومن غير فرق بين المجاز والحقيقة ، فالأصل حينئذ عدم الاشتراط ، لإطلاق الأدلة ، وتعارف العقلاء في بيان المقاصد.

وبذلك تعرف الكلام في كثير مما تسمعه في الإيجاب ، بل والقبول وإن ذكره المصنف وغيره أنه هو أن يقول « قبلت التزويج » أو « قبلت النكاح » أو ما شابههما مثل « رضيت » ونحوه ، لكن بملاحظة ما ذكرناه تعرف عدم انحصاره في لفظ مخصوص ولا هيئة مخصوصة ، بل يكفي فيه كل لفظ دال عليه بالطريق المتعارف في بيان أفعاله من المقاصد ، وعلى كل حال فلا خلاف ولا إشكال في حصوله باللفظين المذكورين وإن تخالف مع الإيجاب بأن كان : « زوجتك » فقال : « قبلت النكاح » أو بالعكس ، ضرورة قيام الألفاظ المترادفة بعضها مقام بعض ، على أن المراد ذكر ما يدل على المقصود من غير اعتبار خصوص دال ، كما لا خلاف عندنا.

ولا إشكال في أنه يجوز الاقتصار على « قبلت » كغيره من العقود ، خلافا لما عن بعض الشافعية من المنع ، لأنه كناية لا صريح ، كما لو قال : « زوجنيها » فقال : « قبلت » ورد بمنع عدم صراحته ، لأن الغرض من الألفاظ الدلالة على الإرادة ،

١٣٤

ولفظ « قبلت » صريح في الدلالة عليها ، والشبهة آتية فيما لو قال « قبلت التزويج ـ أو ـ النكاح » ولم يضفه إليها ، لاحتمال إرادة غير التزويج المطلوب ، ويندفع بأن اللام ظاهرة في العهد الخارجي ، على أن قرينة الحال كافية في مثل ذلك ، كما هو واضح ، والله العالم.

ثم لا يخفى عليك أنه بما ذكرنا يعرف البحث فيما ذكره المصنف وغيره ، بل في المسالك أنه المشهور ، من أنه لا بد من وقوعهما أي الإيجاب والقبول بلفظ الماضي الدال على صريح الإنشاء ، اقتصارا على المتيقن في الخروج عن أصالة عدم الانتقال ، وخصوصا في الفروج المطلوب فيها شدة الاحتياط وتحفظا من الاشتمال المشبه للإباحة التي لا يعتبر فيها لفظ مخصوص ، فضلا عن الهيئة المخصوصة ، فلو فرض عدم اعتبار الماضوية هنا والاكتفاء بكل لفظ دال من غير فرق بينه وبين المضارع والأمر ، كان النكاح وغيره من العقود اللازمة كالاباحات ، على أن المضارع محتمل للوعد والأمر للطلب ، فلا صراحة فيهما في الإنشاء المخصوص ، ضرورة إمكان المناقشة في ذلك كله بالاكتفاء في الخروج عن الأصل بإطلاق أدلة العقود ، وما تسمعه من النصوص (١) المؤيدة بأن المقصود من العقد الدلالة على القصد الباطن بلفظ دال عليه ، من غير فرق بين الألفاظ ، وبمنع صراحة الماضي في الإنشاء لاحتماله الإخبار وغيره ، ومع فرض ملاحظة النقل وقرائن الأحوال يرتفع الاحتمال عن الجميع ، بل الأمر بعض أفراد الإنشاء ، فهو أولى بالنقل الى قصد الإنشاء ، والاقتصار على المتيقن غير لازم قطعا بعد ظهور الأدلة في التناول ، على أنه قد يعارضه الاحتياط ، كما إذا اتفق وقوع العقد بالأمر والمضارع ، وأصر الزوج على البقاء على العقد ، فان الحكم بنفي الزوجة وتزويجها لغيره مناف للاحتياط ، والتحفظ من الاشتمال يمكن بجعل الضابط اللفظ الدال على القصد الباطن بالطريق المتعارف في إفادته ، والتعبير عنه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب المتعة والمستدرك الباب ـ ٢ ـ من أبواب المهور الحديث ٢.

١٣٥

وقد أجاد في المسالك بقوله : « من اعتبر الألفاظ المنقولة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام في ذلك يجد الأمر أوسع مما قالوه » فان منه ما ذكره المصنف ولو أتى بلفظ الأمر وقصد به الإنشاء للرضا المستفاد من لفظ القبول كقوله « زوجنيها » فقال : « زوجتك » قيل والقائل الشيخ وابنا زهرة وحمزة فيما حكى عنهم يصح كما في خبر سهل الساعدي‌ المروي (١) بطرق من الخاصة والعامة ، بل في المسالك رواه كل منهما في الصحيح ، وهو « إن امرأة أتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالت : يا رسول الله إنى وهبت لك نفسي وقامت قياما طويلا ، فقام رجل ، وقال : يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل عندك من شي‌ء تصدقها إياه؟ فقال : ما عندي إلا إزاري هذا ، فقال : إن أعطيتها إزارك جلست بلا إزار ، التمس ولو خاتما من حديد ، فلم يجد شيئا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل معك من القرآن شي‌ء؟ قال : نعم سورة كذا وسورة كذا ، سور سماها ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : زوجتك بما معك من القرآن » وليس في الخبر في شي‌ء من طرقه أنه أعاد القبول ، فما عن السرائر والجامع والمختلف ـ من المنع استصحابا لعصمة الفرج ، وعدم العلم بالاجتزاء بما في الخبر ، مع احتمال أن يكون ذلك اللفظ منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إيجابا وقبولا لثبوت الولاية له على المؤمن ، فهو من خواصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ واضح الضعف ، لأن الاستصحاب لا يعارض الدليل ، وكفاية الظن بالاجتزاء من الاقتصار على ذلك في جميع طرق الخبر وبعد الاحتمال المزبور ، على أنه لم يذكر ذلك من خواصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مضافا إلى أن المعروف في ولي الصغيرين إذا زوج بينهما التلفظ بكل من الإيجاب والقبول ، بل في المسالك أنه موضع وفاق ، ومن هنا قال المصنف وهو أى القول بالصحة في الفرض حسن.

لكن الانصاف عدم خلو دلالة الخبر المزبور على ذلك من الإشكال ، ضرورة عدم إنشاء القبول من الأمر فيه وإن كان طلبا لنكاحها ، ولذلك طلب منه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) المستدرك الباب ـ ٢ ـ من أبواب المهور الحديث ٢ وسنن البيهقي ج ٧ ص ٢٤٢ مع تفاوت في لفظ المستدرك.

١٣٦

المهر ، على أنه لو كان قبولا لزم جواز التخلل بين الإيجاب والقبول بالكلام الكثير الذي ليس من متعلقات الإيجاب.

وما في المسالك ـ من أن المعهود من عقود النبي والأئمة عليهم‌السلام المنقولة عنهم خصوصا عقد الجواد عليه‌السلام على ابنة المأمون مؤذن باعتبار عد مثل ذلك مما يتعلق بمصلحة العقد ، وليس على اعتبار المقارنة المحضة دليل صالح ، والقدر المعلوم اعتباره أن بعد القبول جوابا للإيجاب ، ويظهر من التذكرة جواز التراخي بين الإيجاب والقبول بأزيد من ذلك ، فإنه اعتبر في الصحة وقوعهما في مجلس واحد وإن تراخى أحدهما عن الآخر ـ واضح الضعف لما عرفت من عدم إرادة القبول من الأمر السابق ، فلا إنشائية عقد ، والفصل الذي لا يقدح إنما هو فيما كان متعلقات الإيجاب كالشرائط ونحوها ، لا الفصل بما لا مدخلية له في ذلك ، وإن كان هو من مصلحة المتناكحين ، لترغيب أحدهما في الآخر مثلا ونحوه ، لكن ، يهون الخطب عدم انحصار الدليل على ذلك بذلك ، وأن مبنى الاكتفاء بذلك على استفادة الرضا من الطلب الأول.

وعلى كل حال فما يظهر من المصنف ـ من الاقتصار في الاجتزاء بالأمر على هذه الصورة بقرينة ما سمعته منه من اعتبار الماضوية فيهما فحينئذ لو قالت الامرأة : « تزوجني » منشأة بذلك الإيجاب ، فقال : « تزوجتك » لم يصح حينئذ ـ هو كما ترى ، فان الظاهر عدم الفرق ، بل لعل هذه الصورة أولى ، لسلامتها مما عرفت ، ومن تقديم ما هو بمعنى القبول على الإيجاب.

وكذا الكلام فيما ذكره أيضا من أنه لو أتى بلفظ المستقبل كقوله « أتزوجك » فتقول « زوجتك » جاز وفاقا للمحكي عن الحسن وقيل والقائل ابنا حمزة وسعيد والفاضل في المحكي عنهم لا بد بعد ذلك من تلفظه بالقبول للاستصحاب والاقتصار على المتيقن وفيه أنه مناف لما في رواية أبان بن‌

١٣٧

تغلب عن الصادق عليه‌السلام (١) في المتعة أتزوجك متعة فإذا قالت : نعم فهي امرأتك‌ فإنه سأله « كيف أقول لها إذا خلوت بها؟ قال : تقول أتزوجك متعة على كتاب الله وسنة نبيه لا وارثة كذا وكذا يوما ، وإن شئت كذا وكذا سنة بكذا وكذا درهما ، وتسمي من الأجل ما تراضيتما عليه قليلا كان أو كثيرا ، فإذا قالت : نعم فقد رضيت ، فهي امرأتك ، وأنت أولى الناس بها ، قلت : فإني أستحيي أن أذكر شرط الأيام ، قال هو أضر عليك ، قلت : وكيف ، قال : إنك إن لم تشترط كان تزويج مقام ، ولزمتك النفقة في العدة ، وكانت وارثا ، ولم تقدر على أن تطلقها إلا طلاق السنة » وما‌ في رواية ابن أبى نصر عن تغلبه (٢) قال : « تقول : أتزوجك متعة على كتاب الله وسنة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نكاحا غير سفاح على أن لا ترثيني ولا أرثك كذا وكذا يوما بكذا وكذا درهما ، وعلى أن عليك العدة » وما‌ في رواية هشام بن سالم (٣) قال : « قلت : كيف أتزوج المتعة؟ قال : تقول : يا أمة الله أتزوجك كذا وكذا يوما بكذا وكذا درهما » واحتمال اختصاص خصوص ذلك بالجواز كما هو ظاهر المصنف واضح الضعف ، كاحتمال اختصاص ذلك بالمتعة ، ضرورة أنه متى جاز فيها جاز في الدوام ، لعدم الفارق ، ولما سمعته في الأول من أنه إذا ترك الشرط كان تزويج دوام.

كما أن إشكال ما في الخبر بأنه يلزم من صحة العقد بهذا اللفظ صحته بدون إيجاب ، لأن « نعم » في جواب القبول لا يكون إيجابا ، وذلك باطل قطعا واضح الضعف أيضا ، لكونه مصادرة واضحة ، إذ القائل بذلك يجعل « نعم » إيجابا لتضمنها مجموع الجملة التي هي « زوجتك » لقيامها مقامها ، على أنه يمكن أن يكون النكاح كالصلح يصح وقوع إيجابه من كل من الطرفين ، فتكون « نعم » حينئذ قائمة‌

__________________

(١) ذكر صدره في الوسائل في الباب ـ ١٨ ـ من أبواب المتعة الحديث ١ وذيله في الباب ـ ٢٠ ـ منها الحديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب المتعة الحديث ٢ عن ثعلبة وهو الصحيح.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب المتعة الحديث ٣.

١٣٨

مقام القبول ، وربما كان في النصوص سيما الخبر الأول إشارة الى ذلك ، والحاصل أنه لا ينكر قوة القول بالاكتفاء بكل لفظ دال على قصد العقد به على الوجه المتعارف في الدلالة على مثله ، من غير فرق بين الماضي وغيره ، وبين الحقيقة وغيرها.

وعلى كل حال فقد عرفت دلالة الخبر المزبور على أنه لو قال الولي أو الزوجة : « متعتك بكذا » ولم يذكر الأجل انعقد دائما ، وهو ظاهر في ال دلالة على ما سمعته منا من انعقاد الدائم بلفظ التمتع الذي قد عرفت أنه للقدر المشترك ، وهو تمليك الانتفاع بالبضع ، فلا يتشخص للمنقطع إلا بذكر الأجل ، كلفظ « زوجتك » و « أنكحتك » وإن تعارف استعماله في المنقطع عرف حادث ، فمع فرض الاقتصار على إرادة معناه الذي هو التمتع والانتفاع من دون قصد الانقطاع يكون دائما ، بل دعواه لا تسمع مع عدم الدلالة على ذلك من حال أو مقال ، ويأتي إن شاء الله تحقيق المسألة في محلها.

وكيف كان فقد عرفت أيضا أنه لا يشترط في لفظ القبول مطابقته لعبارة الإيجاب ، بل يصح الإيجاب بلفظ والقبول بآخر ، فلو قال : « زوجتك » فقال : « قبلت النكاح » أو « نكحت » أو قال الولي مثلا « أنكحتك » فقال : « قبلت التزويج » أو « تزوجت » صح بلا خلاف ولا إشكال ، لإطلاق الأدلة.

ولو قال أجنبي مثلا زوجتك بنتك من فلان مستفهما عن إنشاء التزويج فقال الأب مثلا « نعم » قاصدا إنشاء التزويج بذلك فقال الزوج : « قبلت » صح في المحكي عن الشيخ وابن حمزة والنافع والإرشاد والقواعد على إشكال في الأخير لأن « نعم » يتضمن إعادة السؤال ، ولو لم يعد اللفظ فكأنه قال : « زوجت بنتي من فلان » منشئا فقال الزوج : « قبلت » فيدخل حينئذ تحت إطلاق الأدلة ، بل ربما أومأ إليه ما سمعته من النصوص.

ولكن قال المصنف فيه تردد من ذلك ، ومن احتمال اعتبار ألفاظ خاصة على وجه لا يقوم مقامها ما يتضمنها ، فلا يخرج عن الأصل إلا بها ، وضعف النصوص المزبورة واختصاصها بالمتعة ، مضافا إلى ما في الرياض من أن مقتضى‌

١٣٩

تضمن السؤال الاستخبار عن وقوع المسؤول في الماضي ، ومراعاة التطبيق بينه وبين الجواب يستلزم كونه إخبارا عن الوقوع لا إنشاء للتزويج ، فلو صرح به فيه لارتفع التطابق اللازم المراعاة ، ومن هنا يمكن أن يقال بعدم وقوع التزويج لو أبدل « نعم » بالصريح إلا أنه قد عرفت قوة القول بعدم اعتبار خصوص لفظ ، بل يكفى كل لفظ دال على الإنشاء على وجه لا ينكر استعماله في العقد في عرف المتشرعة ، وحينئذ فالقول بالصحة لا يخلو من قوة ، نعم لو قصد بذلك الاخبار كذبا أو صدقا لم ينعقد قطعا وحينئذ فضعف النصوص المزبورة غير قادح ، وكذا اختصاصها بالمتعة مع أنه لا قائل بالفصل ، والتطابق لا يجب مراعاته ، مع أنه يمكن فرضه في الاستفهام التقرير الذي يراد منه وقوع العقد ، على أن مفروض البحث قصد الإنشاء الذي يحصل به جواب المستفهم ، ومن الغريب ما سمعته من الرياض من احتمال عدم الاكتفاء لو أبدل « نعم » بالتصريح ، والله العالم.

ولا يشترط هنا تقديم الإيجاب على القبول ، بل لو قال المتزوج : تزوجت منشئا فقال الولي : « زوجتك » صح وفاقا للأكثر ، كما في المسالك ، بل عن المبسوط الاتفاق عليه ، لإطلاق الأدلة ، وظهور النصوص السابقة فيه من خبر الساعدي (١) وغيره ، مؤيدا ذلك بمراعاة الشارع الحياة في البكر ، ولذا اكتفى عن رضاها بالسكوت (٢) ولا ريب في المشقة عليها من جهته بابتدائها بالإيجاب ، بخلاف ما لو ابتدأ الزوج وذكر ما أنشأ به إرادة النكاح والشرائط والمهر ونحو ذلك ، فإنه يهون عليها حينئذ قول : « زوجتك » مثلا.

وما يقال من أن حقيقة القبول الرضا بالإيجاب فمتى وجد قبله لم يكن قبولا ، لعدم معناه ، يدفعه منع كون المراد بالقبول قبول الإيجاب ، بل قبول النكاح ، وهو متحقق على التقديرين ، على أن القبول حقيقة ما وقع بلفظ القبول ، ولا إشكال في عدم جواز وقوعه بهذا اللفظ الذي تمنع مادته عن تحقق معناه من دون تقديم‌

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٤٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب عقد النكاح.

١٤٠