جواهر الكلام - ج ٢٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

بكسر الخاء للتأسي أيضا ، وقوله عليه‌السلام (١) « كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد فهو أجذم » بل في المسالك أنه يستحب لولي المرأة الخطبة أيضا ثم الجواب ، ولا بأس به ، نعم الظاهر الاجتزاء بحمد الله والصلاة على محمد وآله ، قال الصادق عليه‌السلام (٢) : « إن علي بن الحسين عليه‌السلام كان يزوج وهو يتعرق عرقا يأكل فما يزيد على أن يقول : الحمد لله وصلى الله على محمد وآله ، ونستغفر الله ، وقد زوجناك على شرط الله » بل‌ عن علي بن الحسين عليه‌السلام (٣) إنه قال : « إذا حمد الله فقد خطب ».

وكيف كان فلا تجب إجماعا أو ضرورة ، خلافا لداود الظاهري ، وقال‌ الصادق (٤) عليه‌السلام وقد سأله عبيد بن زرارة عن التزويج بغير خطبة : « أو ليس عامة ما تزوج فتياتنا ونحن نتعرق الطعام على الخوان؟ نقول : يا فلان زوج فلانا فلانة ، فيقول : نعم قد فعلت ».

ويستحب أيضا إيقاعه أي العقد ليلا‌ للنبوي (٥) « أمسوا بالأملاك فإنه أعظم للبركة » وقول الرضا عليه‌السلام (٦) : « من السنة التزويج بالليل ، إن الله تعالى جعل الليل سكنا والنساء انما هن سكن ».

ويكره إيقاعه والقمر في العقرب لقول الصادق عليه‌السلام (٧) : « من تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى » والظاهر إرادة البرج من العقرب ، لا المنازل المنسوبة إليه ، وهي الزبانا والإكليل والقلب والشولة ، لأن القمر يحل في البروج الاثني عشر في كل شهر مرة ، وجملة المنازل التي هذه الأربع بعضها ثمانية وعشرون ، مقسومة على البروج الاثني عشر ، فيخص كل برج منها منزلتان وثلث ، فللعقرب من هذه‌

__________________

(١) البحار ج ٩٣ ص ٣١٦ وفيه « اقطع » بدل « أجذم ».

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات النكاح ـ الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٥) لم أعثر على هذا الحديث مع التتبع في مظانه.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

٤١

الأربع ما لغيره ، قال في المسالك : « والذي بينه أهل هذا الشأن ( اللسان خ ل ) أن للعقرب من المنازل القلب وثلثي الإكليل وثلثي الشولة ، وذلك منزلتان وثلث ، وأما الزبانا وثلث الإكليل فهو من برج الميزان ، كما أن ثلث الشولة الأخير من برج القوس ـ إلى أن قال ـ : فلا كراهة في منزلة الزبانا مطلقا ، وأما المنزلتان المنتظرتان فإن أمكن ضبطهما وإلا فينبغي اجتناب الفعل والقمر فيهما حذرا من الوقوع فيما كره منهما » وفي كشف اللثام « والظاهر أن لفظ الخبر مقول على عرف أهل النجوم ، ولا يريدون بمثله إلا الكون في البرج بالمعنى المعروف عندهم ، مع الأصل فيما زاد » قلت : بل الظاهر ان الخبر مقول على ما يرى عند عامة الناس من كون القمر في العقرب ، لا على ما يقرره أهل النجوم من الدرجات والدقائق ونحو ذلك مما هو جار على مصطلحاتهم ، ولكن الاحتياط لا ينبغي تركه ، والله العالم.

المبحث

( الثاني في آداب الخلوة بالمرأة )

وهي قسمان :

( الأول )

يستحب لمن أراد الدخول بها أن يصلى ركعتين ، ويدعو بعدهما بالمأثور أو غيره بعد حمد الله والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويستحب له أيضا إذا أمر المرأة بالانتقال إليه أن تصلي هي أيضا ركعتين ، وتدعو قيل : كل ذلك لصحيح أبى بصير (١) قال : « سمعت رجلا يقول لأبي جعفر عليه‌السلام : جعلت فداك إني رجل قد‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

٤٢

أسننت وقد تزوجت امرأة بكرا صغيرة ، ولم أدخل بها ، وأنا أخاف إذا دخلت على فراشي أن تكرهني لخضابي وكبرى ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : إذا دخلت عليك فمرهم قبل أن تصل إليك أن تكون متوضئة ، ثم لا تصل إليها أنت حتى تتوضأ وتصلي ركعتين ، ثم مرهم يأمروها أن تصلي أيضا ركعتين ، ثم تحمد الله تعالى وتصلي على محمد وآله ، ثم ادع الله ، ومر من معها أن يؤمنوا على دعائك ، ثم ادع الله ، وقل : اللهم ارزقني ألفتها وودها ورضاها بي ، وأرضني بها ، واجمع بيننا بأحسن اجتماع وآنس ائتلاف ، فإنك تحب الحلال وتكره الحرام » لكنه كما ترى لا دلالة فيه على الدعاء منها ، وإنما فيه أمر من معها بالتأمين ، بل ليس فيه أمرها بالصلاة ، وإنما أمرهم بأمرها ، اللهم إلا أن يراد بذلك أمرها ولو بالواسطة ، كما أنه لا صراحة فيه بأن صلاتها قبل انتقالها إليه ، بل هو محتمل لكون ذلك عنده ، بل ومتأخر عن صلاته خصوصا بناء على ما‌ عن الجعفريات (١) من أنه « إذا زفت إليه ودخلت عليه فليصل ركعتين ثم يمسح بيده ناصيتها ، فيقول : اللهم بارك لي في أهلي ، وبارك لهم في ، وما جمعت فاجمع بيننا في خير ويمن وبركة ، وإذا جعلتها فرقة فاجعلها فرقة إلى خير ، فإذا جلس إلى جانبها فليمسح بناصيتها ، ثم يقول : الحمد لله الذي هدى ضلالتي ، وأغنى فقري ، وأنعش خمولي ، وأعز ذلتي ، وآوى عيلتي ، وزوج أئمتي ، وحمل رحلي ، وأخدم مهنتى ، ورفع خسيستي حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه على ما أعطيت ، وعلى ما قسمت ، وعلى ما وهبت ، وعلى ما أكرمت ».

وعلى كل حال فظاهر الصحيح المزبور أن صلاة الركعتين من الزوج من آداب الدخول ، لا الخلوة المجردة عنه لمانع منها أو منه ، إلا أن يراد بقيد وصوله إليها الخلوة بها ، نعم ظاهره استحباب أن يكونا معا على طهر بل ظاهر بعضهم استحباب طهارتهما في تمام هذه المدة ، أي مما قبل الدخول إلى تمام الدعاء ، لكن لا يخفى عليك خلو النص عنه ، إلا أنه لا بأس به ، فإن الطهارة أمر مرغوب خصوصا‌

__________________

(١) المستدرك الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤.

٤٣

عند الدعاء.

وقد عرفت مما سمعته عن الجعفريات أنه يستحب له أيضا أن يمسح يده على ناصيتها أى مقدم رأسها ما بين النزعتين ، قائلا ما عرفت ، ولكن في خبر أبى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١) « فل‌ يضع يده على ناصيتها إذا دخلت عليه ويقول : اللهم على كتابك تزوجتها ، وفي أمانتك أخذتها ، وبكلماتك استحللت فرجها ، فان قضيت في رحمها شيئا فاجعله مسلما سويا ، ولا تجعله شرك شيطان ، قلت : وكيف يكون شرك شيطان؟ فقال لي : ان الرجل إذا دنى من المرأة وجلس مجلسه حضر الشيطان ، فان هو ذكر اسم الله تنحى الشيطان ، وإن فعل ولم يسم أدخل الشيطان ذكره ، فكان العمل منهما جميعا ، والنطفة واحدة » وفي خبر أبى بصير الأخر أيضا (٢) « إذا دخلت بأهلك فخذ بناصيتها واستقبل القبلة ، وقل : اللهم بأمانتك أخذتها ، وبكلماتك استحللتها ، فان قضيت لي منها ولدا فاجعله مباركا تقيا من شيعة آل محمد ، ولا تجعل للشيطان فيه شركا ولا نصيبا » وفي خبره الثالث (٣) ما يستفاد منه استحباب هذا الدعاء كلما أتى أهله ، قال : « قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : يا أبا محمد إذا أتيت أهلك فأي شي‌ء تقول؟ قال : جعلت فداك وأطيق أن أقول شيئا ، قال : بلى ، قل : اللهم بكلماتك استحللت فرجها ، وبأمانتك أخذتها ، فإن قضيت في رحمها شيئا فاجعله تقيا زكيا ، ولا تجعل فيه شركا للشيطان » الحديث. وعلامة شرك الشيطان وعدمه حب أهل البيت عليهم‌السلام وبغضهم كما استفاضت به النصوص (٤).

وكذا يستحب أن يكون الدخول ليلا لما تقدم ، ول‌ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥)

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦٨ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٥.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١ ـ والباب ٦٨ منها الحديث ٢ و ٥ و ٦.

(٥) المستدرك الباب ـ ٣١ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١ و ٣.

٤٤

« زفوا عرائسكم ليلا وأطعموا ضحى » ولأنه أوفق بالستر والحياء ، بل قيل : إنه يستحب أيضا إضافة الستر المكاني والقولي إلى الستر الزماني ، وقد‌ روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) « إن شر الناس عند الله يوم القيامة الرجل يفضي الى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها » بل في حديث آخر (٢) عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا « من يفعل ذلك مثل شيطان وشيطانة لقي أحدهما بالسكة ، فيقضي حاجته منها ، والناس ينظرون اليه ».

ويستحب له أيضا أن يسمي عند الجماع لما سمعته الخبر (٣) السابق ، وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) « لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان منا مما رزقتنا ، فان قدر بينهما في ذلك ولد لم يضر ذلك الولد الشيطان » بل‌ عن الصادق عليه‌السلام (٥) « إذا أتى أحدكم أهله فليذكر الله ، فان لم يفعل وكان منه ولد كان شرك شيطان » وروى البرقي عن على عن عمه (٦) قال : « كنت عند أبى عبد الله عليه‌السلام جالسا ، فذكر شرك الشيطان ، فعظمه حتى أفزعني ، فقلت : جعلت فداك فما المخرج من ذلك؟ فقال : إذا أردت الجماع فقل : بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو بديع السماوات والأرض اللهم إن قضيت منى في هذه الليلة خليفة فلا تجعل للشيطان فيه شركا ولا نصيبا ولا حظا ، واجعله مؤمنا مخلصا مصفى من الشيطان ، ورجزه جل ثناؤك » وقال الصادق عليه‌السلام في خبر الحلبي (٧) : « إذا أتى أهله فخشي أن يشاركه الشيطان يقول : بسم الله ، ويتعوذ بالله من الشيطان » وقال عليه‌السلام أيضا في خبر القداح (٨) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : « إذا‌

__________________

(١) الجامع الصغير ج ١ ص ١٠٠ عن صحيح مسلم.

(٢) سنن البيهقي ج ٧ ص ١٩٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٤) كنز العمال ج ٨ ص ٢٥٤ ـ الرقم ٤١٦٠.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٦٨ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٦ وفيه : « إذا أتى أحدكم أهله فلم يذكر الله عند الجماع وكان منه ولد » الى آخر.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٦٨ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٦٨ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٦٨ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

٤٥

جامع أحدكم فليقل : بسم الله وبالله ، اللهم جنبني الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتني ، قال : فان قضى الله بينهما ولدا لا يضره الشيطان بشي‌ء أبدا ».

ومما سمعت يستفاد استحباب أن يسمي عند الجماع مطلقا ليلة الدخول وغيرها ، ويسأل الله أن يرزقه ولدا ذكرا سويا‌ قال الباقر عليه‌السلام (١) : « إذا أردت الجماع فقل : اللهم ارزقني ولدا ، واجعله تقيا زكيا مباركا ليس في خلقه زيادة ولا نقصان ، واجعل عاقبته الى خير ».

ومن آداب الخلوة بالمرأة أيضا خلع الزوج خفيها ، وغسل رجليها ، وصب الماء من باب الدار إلى أقصاها ، ف‌ في مرسل الصدوق (٢) « أوصى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علي ابن طالب عليه‌السلام ، فقال : يا علي إذا دخلت العروس بيتك فاخلع خفيها حتى تجلس واغسل رجليها ، وصب الماء من باب دارك إلى أقصى دارك ، فإنك إن فعلت ذلك أخرج الله من دارك سبعين ألف لون من الفقر ، وأدخل فيه سبعين ألف لون من البركة ، وأنزل عليه سبعين ألف لون من الرحمة ترفرف على رأس العروس حتى تناول بركتها كل زاوية من بيتك ، وتأمن العروس من الجنون والجذام والبرص أن يصيبها ما دامت في تلك الدار » الى غير ذلك من الآداب المستفادة من نصوصهم عليهم‌السلام.

ومنها أنه يستحب الوليمة عند الزفاف قال‌ الصادق عليه‌السلام في خبر هشام (٣) : « إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين تزوج ميمونة بنت الحارث أو لم عليها ، وأطعم الناس الحيس » وفي خبر الوشاء عن الرضا عليه‌السلام (٤) « إن النجاشي لما خطب لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آمنة بنت أبى سفيان فزوجه دعا بطعام ، وقال : إن من سنن المؤمنين الإطعام عند‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٤٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١ ـ وفيه‌ « ان من سنن المرسلين. ».

٤٦

التزويج » وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) إنه قال : « لا وليمة إلا في خمس : في عرس أو خرس أو عذار أو وكار أو ركاز » أى التزويج والنفاس بالولد والختان وشراء الدار والقدوم من مكة ، بل عن الشافعي قول بوجوبها ، لأن‌ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعبد الرحمن بن عوف (٢) : « أولم ولو بشاة » وفيه أنه محمول على الاستحباب بقرينة تركه ذلك في جملة من أزواجه كما قيل.

والظاهر أن المدار على مسماها في الكم والكيف ، فقد سمعت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أولم وأطعم الناس الحيس ، وروى عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) أيضا أنه « أولم على صفية بسويق وتمر » وعن (٤) أنس « أنه ما أولم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على امرأة من نسائه ما أولم على زينب ، جعل يبعثني فأدعو الناس ، فأطعمهم خبزا ولحما حتى شبعوا » وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥) أيضا « أنه أولم على بعض نسائه بمدين من شعير ».

وأما وقتها ففي المسالك عند الزفاف ، وفي جامع المقاصد « هل هو بعد الدخول أو قبله؟ لم أجد به تصريحا » ورواية السكوني (٦) « زفوا عرائسكم ليلا وأطعموا ضحى » ظاهرة في أنها بعد الدخول ، كما أن خبر النجاشي (٧) ظاهر في أنه بعد العقد » قلت : قد يقوى جواز كل من الأمرين ولعل التقديم أولى.

وعلى كل حال فيستحب يوما أو يومين‌ للنبوي (٨) « الوليمة في الأول‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٥.

(٢) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٥٨.

(٣) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٦٠.

(٤) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٦٠.

(٥) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٥٩ مع اختلاف يسير وذكره بعينه في المغني ج ٨ ص ١٠٥.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٨) لم نجد هذا اللفظ في النبويات مع التتبع التام وانما الموجود في سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٦٠ وغيرها في هذا الباب‌ أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال « الوليمة في أول يوم حق والثاني معروف والثالث رياء وسمعة‌.

٤٧

حق ، ويومان مكرمة ، وثلاثة أيام رياء وسمعة » وقال الباقر عليه‌السلام (١) : « الوليمة يوم ، ويومان مكرمة ، وثلاثة أيام رياء وسمعة ».

وينبغي أن يدعى لها المؤمنون الذين هم أفضل من غيرهم ، وأولى بالمودة وأقرب الى إجابة الدعاء ، نعم لو لم يمكن تخصيصهم فليجمعهم مع غيرهم ، ولا يعتبر فيهم عدد مخصوص ، وفي المسالك « ولتكن قلتهم وكثرتهم بحسب حال الطعام وعادة البلد ، ففي بعض البلاد يحضر الطعام القليل للخلق الكثير من غير نكير ، وفي بعضه بخلاف ذلك. وكيف كان فلا تجب الإجابة عندنا ، للأصل وغيره بل تستحب خلافا للمحكي عن بعض العامة فتجب ، للنبوي (٢) « من دعي إلى وليمة ولم يجب فقد عصى الله ورسوله » ونحوه آخر (٣) وفي ثالث (٤) « من دعي إلى وليمة فليأتها » لكن لعدم اجتماع شرائط حجيتها في مثل الوجوب وجب حملها على الندب ، بل تأكده بل كراهة الترك خصوصا إذا كان الداعي مؤمنا ، فإن‌ « من حقه على أخيه إجابة دعوته » (٥) من غير فرق في ذلك بين القريب والبعيد ، بل والبلد وغيره مع عدم المشقة التي لا تتحمل عادة ، نعم في المسالك « يشترط في استحباب الإجابة أو وجوبها كون الداعي مسلما وأن لا يكون في الدعوى مناكير وملاهي ، الا أن يعلم زوالها بحضوره من غير ضرر عليه ، فتجب لذلك ، وأن يعم صاحب الدعوة الأغنياء والفقراء ، ولو من بعض الأصناف كعشيرته وجيرانه ، وأهل حرفته ، فلو خص بها الأغنياء لم يرجح الإجابة ، ولم تجب عند القائل به ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٦) : « شر الولائم ما يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء » وأن يخصه بالدعوة بعينه أو مع جماعة معينين ، وأما لو دعى عاما ونادى ليحضرن من يريد ونحو ذلك لم تجب الإجابة ولم تستحب ، لأن الامتناع والحال هذه لا يورث الوحشة والتأذي ، حيث لم يعين ، وأن يدعى في اليوم الأول‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح ـ الحديث ٢.

(٢) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٦٢.

(٣) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٦١.

(٤) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٦١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٢٢ ـ من أبواب من أبواب أحكام العشرة الحديث ١٥ من كتاب الحج.

(٦) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٦٢.

٤٨

أو الثاني ، ولو أولم في الثالث كره الإجابة ».

وقد يناقش في الأخير بعدم استلزام كراهة الوليمة للمولم في الثالث كراهة الإجابة المأمور بها ، بل قد عرفت أنها من حق المؤمن على المؤمن ، كما أنه قد يناقش في سابقه بأنه لا فرق في استحباب الإجابة بين الدعوة العامة والخاصة ، نعم ما ذكره من المثال ليس من الدعوة حتى لو وجهه الى خاص لم يبعد عدم الاستحباب أيضا ، بخلاف ما لو نادى وقال « إنى أدعو جميع أهل الدار أو أهل المحلة » أو نحو ذلك على وجه أسمعهم نداءه ودعاءه ، بل قد يناقش أيضا في اشتراط التعميم ، لإطلاق أدلة الإجابة ، وكونها شرا بالنسبة إلى المولم لا يقتضي كونها شرا للمجيب ، خصوصا إذا كان هو فقيرا ، بل وجود المناكير فيها على وجه لا يستلزم إثمه لا يقتضي عدم استحباب الإجابة.

وعلى كل حال فلو كان الداعي اثنان فصاعدا ، قدم الأسبق ، فإن جاءا معا ففي المسالك أجاب الأقرب رحما ثم الأقرب دارا كما في الصدقة ، وقد‌ روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) انه قال : « إذا اجتمع داعيان فأوجب أقربهما إليك بابا ، فان أقربهما إليك بابا أقربهما إليك جوارا فان سبق أحدهما فأجب السابق » قلت : ومع تعارض المرجحان فالقرعة ، بل لعلها متجهة حال عدم المرجح الشرعي مطلقا.

وكما تستحب الإجابة يستحب الأكل الذي هو الغرض من الدعوة ، ولما في تركه من الوحشة وكسر قلب الداعي خصوصا في بعض الأحوال من بعض الأشخاص ، مضافا إلى‌ قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) « من كان مفطرا فليطعم » بل عن بعض من أوجب الحضور إيجاب الأكل ولو لقمة ، لما عرفت ، ولأن المقصود من الأمر بالحضور الأكل ، فكان واجبا ، وفيه منع انحصاره المقصود فيه ، بل مجرد الإجابة كاف في جبر القلب ، ولهذا كلف الصائم بالحضور واجبا من غير أكل ، ويمنع حصول الوحشة مع إكرامه واجابة دعائه واجتماعه مع الجماعة ، والتوعد المذكور إنما هو على ترك الإجابة ، لا الأكل كما هو واضح.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٧٥.

(٢) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٦٣.

٤٩

ثم إن الصوم ليس عذرا في ترك إجابة الدعوة ، للإطلاق ، ول‌ قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) : « إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب ، فان كان مفطرا فليطعم ، وإن كان صائما فليصل » أي يحضر ويدعو لأهل الدعوة.

والصوم إن كان مما يحرم إفطاره لكونه شهر رمضان أو نذرا معينا أو قضاء شهر رمضان بعد الزوال لم يجز له الأكل ، وإلا جاز على كراهة كما في المسالك إن كان موسعا ، وإن كان نفلا وشق على صاحب الدعوة صومه استحب له الإفطار إجماعا ولأن‌ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) « حضر دار بعضهم فلما قدم الطعام أمسك بعض القوم ، وقال إنى صائم ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يتكلف لك أخوك المسلم وتقول : إنى صائم ، أفطر ثم اقض يوما مكانه » بل يقوى استحبابه وإن لم يشق على صاحب الدعوة إمساكه ، لعموم الأمر‌ في خبر الرقى عن الصادق عليه‌السلام (٣) « لإفطارك في منزل أخيك أفضل من صيامك سبعين ضعفا » وصحيح جميل عنه عليه‌السلام (٤) « من دخل على أخيه فأفطر عنده ولم يعلمه بصومه فيمن عليه كتب الله له صوم سنة » ولذلك أطلق المصنف فقال وإذا حضر فالأكل مستحب ولو كان صائما ندبا لكن عن التذكرة إنه قرب استحباب الإتمام عملا بظاهر التعليل في النبوي (٥) فان التكلف له يوجب المشقة في تركه غالبا وهو مناط الأمر بالإمضاء ، وفيه إيماء إلى العلة ، فيتعدى إلى ما شاركها في المعنى ، وهو مشقة الإمساك على نفسه ، وفيه أنه لا تعليل يصلح لتقييد إطلاق غيره ، فتعميم الاستحباب حينئذ أولى ، نعم ينبغي أن يكون الباعث على الإفطار إجابة الدعوة وامتثال أمر الله فيها ليكون طاعة يترتب عليه الثواب ، وإلا لم يترتب عليه شي‌ء من الثواب ، وإطلاق الأمر بالفطر محمول على تصحيح النية اتكالا على أن الأعمال‌

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٦٣.

(٢) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٦٤ مع اختلاف يسير.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب آداب الصائم الحديث ٦ من كتاب الصوم.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب آداب الصائم الحديث ٤ من كتاب الصوم.

(٥) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٦٤.

٥٠

بالنيات.

ثم لا يخفى عليك عدم اختصاص أكثر هذه الأحكام بوليمة العرس ، بل هي شاملة لغيرها أيضا وإن قلنا باختصاص اسم الوليمة بالطعام المتخذ للعرس على وجه يحتاج إطلاقها على غيره الى قيد ، كوليمة الختان ونحوه ، كسائر المجازات ، بخلاف المطلق الذي هو للأول ، وإن كان ذلك لا يخلو من نظر أو منع ، بل الظاهر تناول اسم الوليمة للجميع ، فهي للقدر المشترك حينئذ ، نعم قد يقال للطعام المتخذ للولادة : الخرس والخرسة ، وعند الختان العذيرة والاعذار ، وعند إحداث البناء الوكيزة ، وعند قدوم الغائب النقيعة ، وللذبح يوم سابع المولود العقيقة ، وعند حذاق الصبي الحذاق وهو بفتح أوله وكسره تعلم الصبي القرآن أو العمل ، والمأدبة اسم لما يتخذ من غير سبب ، لكن ذلك لا تقتضي اختصاص اسم الوليمة ، في طعام العرس ، بل‌ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) : « لا وليمة إلا ـ في خمس : في عرس أو خرس أو عذار أو وكار أو ركاز ». ـ أى التزويج والنفاس بالولد والختان وشراء الدار وقدوم الرجل من مكة ـ يقتضي عدم اختصاصها بذلك ، بل لعل التأمل الصادق في نحو هذا التركيب يقتضي ظهوره فيما قلناه من كونها للقدر المشترك ، والأمر سهل ، والله العالم.

وكيف كان فلا خلاف في جواز نثر المال في الأعراس مأكول وغيره ، وليس من السفه ، والسرف ، نعم الظاهر عدم ثبوت الاستحباب فيه بالخصوص ، كما عن بعض العامة ، لكونه من متممات أغراض السرور المطلوب في هذه المواضع ، ولا الكراهة لكونه باختلاس وانتهاب ونحو ذلك مما يؤدى الى الوحشة والعداوة ، ولأنه قد يأخذه غير من يحب صاحبه ، لكن إثباتهما بمثل ذلك كما ترى.

وعلى كل حال أكل ما ينثر في الأعراس جائز بلا خلاف ، ولا إشكال عملا بشاهد الحال الذي عليه السيرة في سائر الأعصار والأمصار من غير فرق في النثر بين جعله عاما وخاصا بفريق معين ، وإن اختص الجواز حينئذ في الثاني بذلك الفريق ، كما لو وضعه بين يدي القرى ونحوهم ، فلا يجوز لغيرهم الأكل منه إلا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٥.

٥١

باذن المالك.

كما أنه لا يجوز أخذه على وجه النقل إلا بإذن أربابه نطقا أو بشاهد الحال الحاصل من نحو رميه على جهة العموم من غير وضعه على خوان ونحوه ، وإلا لم يجز حتى مع اشتباه الحال ، لأن الأصل المنع من التصرف في مال الغير إلا بالإذن ، فما عن التذكرة من جواز أخذه ما لم يعلم الكراهة لا يخفى ما فيه ، وما‌ روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) « انه حضر في أملاك فأتي بإطباق عليها جوز ولوز فنثرت ، فقبضنا أيدينا ، فقال : ما لكم لا تأخذون؟ قالوا : لأنك نهيت عن النهب ، قال : إنما نهيتكم عن نهب العساكر ، خذوا على اسم الله ، فجاذبناه وجاذبنا » غير ثابت ، وعلى تقديره غير دال على ذلك ، كما هو واضح.

وكيف كان ف هل يملك المباح آخذه بالأخذ الذي هو بمنزلة الحيازة للمباح الأصلي من المالك الحقيقي؟ الأظهر نعم كما عن المبسوط والمهذب والإرشاد والتذكرة ، للسيرة القطعية في الأعصار والأمصار على معاملته معاملة المملوك بالبيع والهبة والإرث وغيرها ، بل هي كذلك في كل مال أعرض عنه صاحبه فضلا عما أباحه مع ذلك ، سيما اباحة التملك التي هي متحققة فيما نحن فيه ، خلافا لثاني الشهيدين في المسالك فجعله باقيا على ملك مالكه ، للأصل حتى يحصل سبب يقتضي النقل ، وما وقع إنما يعلم منه إفادة الإباحة ، قال : « والفرق بينه وبين مباح الأصل واضح ، لأن ذلك لا ملك لأحد عليه ، فإثبات اليد عليه مع نية التملك كاف في تملكه ، بخلاف المملوك إذا أبيح بالإذن ، فإن ذلك لا يخرج عن أصل الملك وإثبات يد المأذون له فيه ليس من الأسباب الناقلة شرعا ، فيتمسك بالاستصحاب إلى أن يعلم المزيل » وفيه أن الأصل مقطوع بما عرفت ، ولعل منه الأنفال التي أباحوها عليهم‌السلام لشيعتهم ، فإنه لا ريب في تملكهم لها بالحيازة بهذه الإباحة ، ومن تسلط المالك على ملكه اباحة تملكه.

ثم إنه بعد أن ذكر التفريع على القولين جوز الرجوع به ما دامت عينه باقية‌

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٨٨ مع اختلاف يسير.

٥٢

في يد الأخذ ، فلو أتلفه ولو بالأكل زال ملك المالك عنه ، قال : « ولو نقله الأخذ عن ملكه ببيع ونحوه فالأقوى زوال ملك المالك عنه » وفيه أنه مع فرض بقائه على ملك المالك لا يزيله البيع ، بل مقتضاه انتقال الثمن إليه ، لأن الفرض عدم حصول سبب يقتضي ملكه له ، والثمن يقوم مقام المبيع للمالك ، بل مقتضى ذلك أنه بالموت يرجع الى ورثة المالك أيضا ، الى غير ذلك من الأحكام المعلوم خلافها فيما نحن فيه وفي نظائره ، من المال الذي غرق في البحر وغيره.

ثم قال : « والكلام في أكل الحاضر منه الذي حكم بجوازه في أنه هل يباح الأكل من غير أن يحكم بالملك أم يملك؟ القولان ، وعلى المختار لا يزول ملك المالك إلا بالازدراد ، ومثله الطعام المقدم للضيف ويزيد الضيف عن هذا أنه لا يجوز له التصرف بغير الأكل مطلقا إلا بإذن المالك ، نعم يترجح في نحو إطعام السائل والهرة وإطعام بعضهم بعضا إلى قرائن الأحوال ، وهي مما تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأوقات ، وجنس الطعام » وفيه أن المباح أكله لا يجرى فيه هذا الكلام ، ضرورة كون الفرض اختصاص الإباحة بالأكل الذي لا يتوقف على الملك ولا يزيد هذا عن الضيف ، وإطعام السائل والهرة وغيرها مما ذكره مما جرت السيرة به وقامت القرائن القطعية على تناول الاذن له.

وكيف كان فبناء على عدم الملك فلا ريب في أولويته بما يأخذه ، فليس لغيره أخذه منه قهرا بل لو بسط حجره لذلك فوقع فيه شي‌ء منه لم يبعد أولويته به أيضا ، نعم لو سقط منه قبل أخذه ففي سقوط حقه منه وجهان ، كما لو وقع في شبكته شي‌ء ثم أفلت ، ولو لم يبسط حجره لذلك ، ففي المسالك لم يملك ما يسقط فيه قطعا ، وهل يصير أولى به؟ وجهان يأتيان فيما يعشش في ملكه بغير اذنه ويقع في شبكته بغير قصد ، وفيه أنه يمكن المناقشة فيما ذكره من القطع بناء على عدم اعتبار نية التملك في الحيازة ، ضرورة إمكان دعوى الملك هنا ولو لم يبسط حجره له ، بل هو غير بعيد إذا نوى به التملك بعد وقوعه فيه بناء على ما سمعته من التملك بالحيازة ، لمثل هذا المباح ، كالأصلي والله العالم.

٥٣

( الثاني )

من آداب الخلوة يكره الجماع في أوقات ثمانية ليلة خسوف القمر ، ويوم كسوف الشمس ، لكراهة التلذذ عندهما ، بل قيل : إنه إن صار فيهما ولد كان في ضر وبؤس حتى يموت ، وفي خبر سالم عن أبى جعفر عليه‌السلام (١) « قلت هل يكره الجماع في وقت من الأوقات وإن كان حلالا؟ قال : نعم ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ، ومن مغيب الشمس إلى مغيب الشفق ، وفي اليوم الذي ينكسف فيه الشمس ، وفي الليلة التي ينكسف فيها القمر ، وفي الليلة واليوم اللذين يكون فيهما الريح السوداء والريح الحمراء والريح الصفراء ، واليوم والليلة اللذين يكون فيهما الزلزلة ، وقد بات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند بعض أزواجه في ليلة انكسف فيها القمر فلم يكن منه في تلك الليلة ما كان يكون منه في غيرها حتى أصبح ، فقالت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألبغض كان هذا منك في هذه الليلة؟ قال : لا ، ولكن هذه الآية ظهرت في هذه الليلة ، فكرهت أن أتلذذ وألهو فيها ، وقد عير الله أقواما ، فقال جل وعز في كتابه ( وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ ، فَذَرْهُمْ حَتّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ) (٢).

ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام : وأيم الله لا يجامع أحد في هذه الأوقات التي نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنها وقد انتهى اليه الخبر فيرزق ولدا فيرى في ولده ذلك ما يحب ».

وكذا يكره عند الزوال بعده حذرا عن الحول ، إلا يوم الخميس فيستحب ، لأن الشيطان لا يقرب من يقضى بينهما حتى يشيب ، ويكون فهما ( قيما خ ل )

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٢) سورة الطور : ٥٢ ـ الآية ٤٤ و ٤٥.

٥٤

ويرزق السلامة في الدين والدنيا (١).

وعند غروب الشمس أى من مغيبها حتى يذهب الشفق لما سمعته من الخبر (٢) المعتضد بما ورد (٣) في الجماع في الساعة الأولى من الليل من أن الولد يكون ساحرا مؤثرا للدنيا على الآخرة.

وفي المحاق مثلثا : وهو ليلتان أو ثلاث آخر الشهر ، حذرا من الإسقاط أو جنون الولد وخبله وجذامه (٤) خصوصا آخر ليلة منها التي يجتمع فيها كراهتان من حيث كونها من المحاق وكونها آخر الشهر ، فإنه يكره الجماع في الليلة الأخيرة منه (٥) فتشتد الكراهة لذلك ، كما أنها تشتد في خصوص الأخيرتين من شعبان اللتين إن رزق فيهما ولد يكون كذابا أو عشارا أو عونا للظالمين أو يكون هلاك فئام من الناس على يديه (٦) والمراد كراهة الوطء في هذه الليالي ، سواء كان ليلة الدخول أو‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٤٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١ والباب ـ ١٥١ ـ منها الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٦٢ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٥٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٦٣ و ٦٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢ وفيه هكذا‌ « يا علي لا تجامع أهلك في آخر درجة إذا بقي يومان ، فإنه ان قضي بينكما ولد يكون عشارا وعونا للظالمين ، ويكون هلاك فئام من الناس على يده » الا أن في البحار ـ ج ١٠٣ ص ٢٨٢ الطبع الحديث نقلا عن العلل والأمالي للصدوق ( قده ) هكذا‌ « يا على لا تجامع أهلك في آخر درجة منه‌ ـ يعني إذا بقي يومان ( من شعبان )ـ فإنه ان قضى بينكما ولد كان مفدما ، يا على لا تجامع أهلك على شهوة أختها فإنه ان قضى بينكما ولد يكون عشارا أو عونا للظالم ، ويكون هلاك فئام من الناس على يديه ».

٥٥

غيرها ، كغيره مما تسمع ، نعم‌ عن الكاظم عليه‌السلام (١) « من تزوج في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد » والتزويج حقيقة في العقد ، فيمكن الحكم بكراهتهما معا لذلك أيضا وبعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس للخبر السابق (٢) ولأنه لا يرى في الولد ما يحب.

وفي أول ليلة من كل شهر حذرا من الإسقاط أو الجنون أو الخبل أو الجذام (٣) خصوصا ليلة الفطر التي يكون الولد فيها كثير الشر ، ولا يلد إلا كبير السن (٤) إلا في الليلة الأولى من شهر رمضان فلا كراهة ، بل تستحب إعدادا للصيام وإجراء لسنة الإباحة ، وفي المرسل قال علي عليه‌السلام (٥) : « يستحب للرجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان ، لقول الله عز وجل ( أُحِلَّ ) (٦) ـ إلى آخرها ـ والرفث المجامعة ».

وفي ليلة النصف من كل شهر ، للإسقاط أو الجنون أو الخبل أو الجذام‌ (٧) وخصوصا نصف شعبان ، « فان الولد فيها يكون مشوما ذا شأمة في (٨) وجهه‌ وفي السفر إذا لم يكن معه ماء ليغتسل به إلا أن يخاف على نفسه كما في الخبر (٩) وفي آخر (١٠) « يا على لا تجامع أهلك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن ، فإنه إن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣ عن على بن محمد العسكري عن آبائه عليهم‌السلام ، ورواه عن أبى الحسن عليه‌السلام في الباب ـ ٦٣ ـ منها الحديث ١ وفيه‌ « من أتى أهله في محاق الشهر » إلخ.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٠.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٤٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤.

(٦) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٨٧.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٠.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ١٤٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٩) الوسائل ـ الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(١٠) الوسائل ـ الباب ـ ١٥٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

٥٦

قضى بينكما ولد يكون عونا لكل ظالم ».

وعند هبوب الريح السوداء والصفراء والحمراء والزلزلة لما عرفت ، بل عن سلار وابن سعيد وكل آية مخوفة ، وربما أومأ إليه الخبر السابق (١).

والجماع وهو عريان الذي هو من فعل الحمار ، وتخرج الملائكة من بينهما ويكون الولد جلادا (٢).

وعقيب الاحتلام قبل الغسل خوفا من جنون الولد (٣) وفي المتن ومحكي النهاية والمهذب والوسيلة وغيرها أو الوضوء أي وضوء الصلاة.

ولم نعرف له سندا كما اعترف به في كشف اللثام نعم لا بأس أن يجامع مرات من غير غسل يتخللها ، ويكون غسله أخيرا للأصل ، وفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) بل فرق في الخبر بأن الاحتلام من الشيطان بخلافه ، لكن يستحب غسل الفرج وضوء الصلاة بلا خوف ، كما عن المبسوط وروى الوشاء الوضوء عن الرضا عليه‌السلام (٥) وكذا‌ ابن أبى نجران مرسلا عن الصادق عليه‌السلام (٦) « في الجارية يأتيها ثم يريد إتيان‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣ وليس فيه‌ « أنه يكون جلادا » وانما ذكر ذلك للمجامعة تحت الشجرة المثمرة في الوسائل في الباب ـ ١٤٩ ـ منها الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١ و ٣.

(٤) سنن البيهقي ج ٧ ص ١٩١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الوضوء الحديث ٢ من كتاب الطهارة.

(٦) ليس في المقام رواية لابن أبى نجران إلا رواية واحدة وهي التي ذكرها بعد هذه بعنوان مرسلة التميمي.

٥٧

أخرى » وفي مرسل التميمي عن أبى عبد الله عليه‌السلام (١) « إذا أتى الرجل جاريته ثم أراد أن يأتي الأخرى توضأ » وعن الرسالة الذهبية المنسوبة إلى الرضا عليه‌السلام (٢) « الجماع بعد الجماع من غير فصل بينهما بغسل يورث الولد الجنون » والظاهر ضم غين الغسل ، ويحتمل الفتح.

ويكره أيضا أن يجامع وعنده من ينظر اليه من ذوي العقول على وجه يراهما ويسمع كلامهما ونفسهما كما في النص لإيراثه زنا الناظر ، ف‌ في خبر زيد عن الصادق عليه‌السلام (٣) قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي نفسي بيده لو أن رجلا يغشى امرأته وفي البيت صبي مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ونفسهما ما أفلح أبدا ، إن كان غلاما كان زانيا أو جارية كانت زانية ، وكان علي بن الحسين عليهما‌السلام إذا أراد أن يغشى أهله أغلق الباب وأرخى الستور وأخرج الخدم » وفي خبر راشد (٤) « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته وفي البيت صبي ، فإن ذلك مما يورث الزنا » نعم لا فرق بين المميز وغيره كما هو مقتضى إطلاق المتن وغيره ، لإطلاق النص ، وربما خص بالأول ، بل‌ في خبر النعمان بن علي بن جابر (٥) عن الباقر‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥٥ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١ عن عثمان بن عيسى عمن ذكره ، وهو سهو ، فان الموجود في التهذيب ج ٧ ص ٤٥٩ ـ الرقم ١٨٣٧ ـ ابن أبى نجران ( وهو التميمي ) عمن رواه ، واما عثمان بن عيسى فقد روى رواية أخرى مرسلا ذكرها في التهذيب قبل هذه الرواية ، والظاهر أن صاحب الوسائل اشتبه تلك بهذه الرواية ، ولذلك نسبها الى عثمان بن عيسى.

(٢) المستدرك الباب ـ ١١٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢ عن عبد الله بن الحسين ابن زيد عن أبيه عن أبى عبد الله عليه‌السلام.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٦٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٨ عن النعمان بن يعلى عن جابر.

٥٨

عليه‌السلام « إياك والجماع حيث يراك صبي يحسن أن يصف حالك ، قال : قلت : يا ابن رسول الله كراهة الشنعة؟ قال : لا ، فإنك إن رزقت ولدا كان شهرة علما في الفسق والفجور » لكن لا ينافي الإطلاق السابق ، ويمكن أن يراد بالمميز ما في الخبر وعن بعض الكتب (١) عن الصادق عليه‌السلام « نهى أن توطأ المرأة والصبي في البيت ينظر إليهما » وربما احتمل إرادة غير المميز من الصبي والغلام والجارية في أكثر النصوص (٢) لكونه الذي لا يجتنب عنه غالبا ، ويعرف منه حكم الكبير بالأولوية.

وكذا يكره النظر الى فرج المرأة خصوصا باطنه في حال الجماع ، بل وغيره بل عن ابن حمزة حرمته عملا بظاهر النهي المحمول على الكراهة قطعا ، خصوصا بعد‌ موثق سماعة (٣) « سألته عن الرجل ينظر فرج المرأة وهو يجامعها ، قال : لا بأس به إلا أنه يورث العمى » وخبر أبي حمزة (٤) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أينظر الرجل الى فرج امرأته وهو يجامعها؟ فقال : لا بأس » وفي خبر إسحاق بن عمار عنه عليه‌السلام (٥) أيضا « في الرجل ينظر إلى امرأته وهي عريانة ، قال : لا بأس بذلك ، وهل اللذة إلا ذاك؟ » لكن يمكن أن يريد ما عدا الفرج هذا. وقد يستفاد من خبر (٦) الوصايا استحباب غض البصر ، والأمر سهل.

ويكره الجماع مستقبل القبلة ومستدبرها لخبر محمد بن العيص (٧) « سأل أبا عبد الله عليه‌السلام ، فقال : أجامع وأنا عريان؟ فقال : لا ، ولا مستقبل القبلة ولا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٩ مع الاختلاف في اللفظ.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ـ ٠.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣ وفيه‌ « ينظر في فرج المرأة ».

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٥٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٥٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٥.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٦٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

٥٩

مستدبرها » والمرسل (١) « نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الجماع مستقبل القبلة ومستدبرها » وفي خبر غياث بن إبراهيم عنه عليه‌السلام (٢) أيضا « أنه كره أن يجامع الرجل مقابل القبلة » بل في كشف اللثام‌ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) لعن المستقبل » ، لكن من الغريب جزمه في أحكام التخلي بحرمة الاستقبال والاستدبار حال الجماع من غير نقل خلاف مع جزمه هنا بالكراهة كذلك ، وهو الصواب ، فانا لم نجده لغيره هناك ولا هنا ، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه ، والله العالم.

ويكره أيضا الجماع في السفينة للنهي عن ذلك في المرسل (٤) وما قيل من عدم استقرار النطفة.

والكلام عند الجماع بغير ذكر الله خصوصا الكثير منه ، وخصوصا إذا كان من الرجل ، للنهى عنه في النصوص (٥) وفي بعضها (٦) « أنه يورث الخرس في الولد » الى غير ذلك مما اشتملت عليه النصوص ، كالدخول بالمرأة ليلة الأربعاء (٧) والجماع وهو مختضب بل‌ في خبر سالم (٨) عن أبى الحسن عليه‌السلام « لا يجامع الرجل مختضبا ولا يجامع مع المرأة مختضبة » والجماع على الامتلاء والعجوز ، بل‌ في المرسل (٩)

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب القبلة ـ الحديث ٣ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٦٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح.

(٦) الوسائل الباب ـ ٦٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح.

(٧) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح.

(٨) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الجنابة الحديث ٣ عن سلم مولى على بن يقطين نقلا عن التهذيب ، ورواه في المستدرك عن ثاقب المناقب عن على بن يقطين في الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١ ـ ورواه في البحار ج ١٠٣ ص ٢٨٩ الطبع الحديث عن سالم مولى على بن يقطين عن على بن يقطين.

(٩) الوسائل ـ الباب ـ ١٥٢ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

٦٠