جواهر الكلام - ج ٢٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

لكنه كما ترى تأباه أدلة كلا الطرفين ، على أن محل البحث في أن الوجه والكفين عورة بالنسبة إلى النظر أو ليسا بعورة كما في الصلاة وإن يزيد القدمان فيها معهما ، فدعوى كونهما ليسا بعورة في النظر الأولى العمدي دون الثاني واضح الضعف.

على أن محل البحث مع الأمن من الفتنة ، فلا وجه للفرق بينهما بذلك ، كما أنه لا وجه للحكم على إطلاق تلك الأدلة كتابا وسنة بالمراسيل الغير الظاهرة الدلالة ، بل يمكن دعوى ظهورها في إرادة النهي عن اتباع النظر الاتفاقي بالنظر العمدي ، كما هو الواقع غالبا ، فيكون حينئذ دليلا للمختار.

وكيف كان ففي المتن وغيره وكذا الحكم في نظر المرأة الى الرجل ، وأنه غير جائز إلا إلى وجهه وكفيه مرة عند المصنف ومن وافقه ، قيل : لوجود المقتضى فيهما ، ولقوله تعالى (١) ( قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ ) لكن فيه ـ بعد الإغضاء عن اقتضاء ذلك التفصيل الذي ذكره المصنف ـ أن مقتضى المنع من الآية وغيرها متحقق إنما الكلام في الاستثناء ، وليس إلا دعوى التلازم ، وأنه متى جاز له النظر الى ذلك منها جاز لها النظر إليهما منه ، وفيه منع إن لم يكن إجماعا كما ادعاه في الرياض ، قال : « تتحد المرأة مع الرجل ، فتمنع في محل المنع ، ولا تمنع في غيره إجماعا » وفي محكي التذكرة منع أكثر علماؤنا نظر المرأة الي الرجل كالعكس ، فلا يجوز لها النظر إلا إلى وجهه وكفيه ، بل قد يشهد له انسياق اتحاد المراد من لفظ « من » في الآية ، فبناء على إرادة ما عدا الوجه والكفين منها في المؤمن يتجه ارادة ذلك في المؤمنات ، مضافا إلى دعوى العسر والحرج ، وإن كان فيهما معا منع ، إلا أنه يسهل الخطب عندنا ما عرفته من أن الأقوى الحرمة ، فيحرم حينئذ ذلك منها أيضا كما يحرم منه.

أما مع التلذذ والفتنة فلا إشكال ولا خلاف في حرمته ، ولعل منه المروي‌

__________________

(١) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣١.

٨١

في عقاب الأعمال (١) : قال « اشتد غضب الله على امرأة ذات بعل ملأت عينها من غير زوجها وغير ذي محرم منها ، فإنها إن فعلت ذلك أحبط الله كل عمل عملته. » نعم في المسالك تبعا لجامع المقاصد لا بد من استثناء الصغيرة التي ليست مظنة الشهوة من الحكم ، وكذا العجوز المسنة البالغة حدا ينتفي الفتنة والتلذذ بنظرها غالبا على الأقوى ، لقوله تعالى (٢) ( وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ ) ومن استثناء غير المميز بالنسبة إلى المرأة ، وهو الذي لم يبلغ مبلغا بحيث يصلح لأن يحكي ما يرى ، لقوله تعالى ( أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا ) إلى آخره ، ولأنه حينئذ بمنزلة سائر الحيوانات.

وأما المميز فان كان فيه ثوران شهوة وتشوق فهو كالبالغ في النظر ، فيجب على الولي منعه منه ، وعلى الأجنبية التستر عنه ، وإلا ففي جوازه قولان : من إيذان استئذان من لم يبلغ الحلم في الأوقات الثلاثة التي هي مظنة التكشف والتبذل دون غيرها بالجواز ، ومن عموم قوله تعالى ( أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ ) فيدخل غيره في النهي عن إبداء الزينة له ، وهذا أقوى ، والأمر بالاستئذان في تلك الأوقات لا يقتضي جواز النظر ، كما لا يخفى. هذا كله مع الاختيار ، أما مع الاضطرار فسيأتي.

قلت : قد يقال : إن حكم العورة في الصبي والصبية محدود بالبلوغ الذي هو أول تحقق اسم المؤمن والمؤمنة والرجل والامرأة ، فقبله ليستا بعورة لكل من الرجل والمرأة مطلقا ، نعم يحرم التلذذ لكل منهما ونحوه ، إنما البحث من حيث حكم العورة ، قال البجلي (٣) : « سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن الجارية التي لم تدرك متى ينبغي لها أن تغطي رأسها ممن ليس بينها وبينه محرم؟ ومتى يجب عليها أن تقنع رأسها للصلاة؟ قال : لا تغطي رأسها حتى تحرم عليها الصلاة » يعني حتى تحيض أى تبلغ ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٢) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

٨٢

بناء على أن المراد منه عدم حرمة النظر على من ليس بينه وبينها محرم ، وقال الرضا عليه‌السلام في صحيح البزنطي (١) الذي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وأقروا له بالفقه المروي في الفقيه : « يؤخذ الغلام بالصلاة وهو ابن سبع سنين ، ولا تغطي المرأة شعرها منه حتى يحتلم » ونحوه‌ صحيحه الآخر المروي (٢) عن قرب الاسناد عن الرضا عليه‌السلام أيضا « لا تغطي المرأة رأسها عن الغلام حتى يبلغ الحلم » متمما ذلك بعدم القول بالفصل ومعتضدا بالأصل بمعنى الاستصحاب ، بل وغيره بناء على انسياق غير الصبي والصبية من الأدلة ومؤيدا بما يشعر به آية الاستئذان في الأوقات الثلاثة دون غيرها المحمول على ضرب من الأدب في الثلاثة ، مضافا الى مفهوم قوله تعالى (٣) فيها ( وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا ) الى آخرها. بل لعل ذلك هو المراد من الظهور على عورات النساء ، بمعنى القوة على نكاحهن ، فلا ينافي حينئذ ما يستفاد من الآية الثانية من كون الاعتبار في التستر منه والاستئذان في غير الأوقات الثلاثة الحلم ، بل حمل الآية على ذلك أولى من حمل الصحيحين على غير المميز الذي لا يحسن أن يصف ، لكونهما كالصريحين بخلافه.

نعم ينبغي عدم وضع الصبية في الحجر وتقبيلها إذا كان قد أتى لها ست سنين بل خمس ، فان ذلك ربما يثير الشهوة ، ف‌ في مضمر أبي أحمد الكاهلي (٤) « سألته عن جويرية ليس بيني وبينها محرم تغشاني فأحملها وأقبلها ، فقال : إذا أتى عليها ست سنين فلا تضعها في حجرك » ورواه‌ في الفقيه عنه (٥) أنه قال : « سأل أحمد بن النعمان أبا عبد الله عليه‌السلام ، فقال له : جويرية ليس بيني وبينها رحم ولها ست سنين ، قال : لا‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤‌ « حتى يبلغ الحلم ».

(٣) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٥٩.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٢٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٥) أشار إليه في الوسائل الباب ـ ١٢٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١ ـ والفقيه ج ٣ ص ٢٧٥ الرقم ١٣٠٧ ولكن فيه‌ « سأل محمد بن النعمان ».

٨٣

تضعها في حجرك » وفي خبر زرارة عن أبى عبد الله عليه‌السلام (١) قال : « إذا بلغت الجارية الحرة ست سنين فلا ينبغي لك أن تقبلها » وفي خبر هارون بن مسلم عن بعض رجاله (٢) عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام « إن بعض بنى هاشم دعاه مع جماعة من أهله ، فأتى بصبية له فأدناها أهل المجلس جميعا إليهم ، فلما دنت منه سأل عن سنها فقيل : خمس فنحاها عنه » وفي مرسل عتبة (٣) قال : « كان أبو الحسن الماضي عليه‌السلام عند محمد بن إبراهيم والي مكة ، وهو زوج فاطمة بنت أبي عبد الله عليه‌السلام ، وكانت لمحمد بن إبراهيم بنت يلبسها الثياب ، وتجي‌ء إلى الرجال فيأخذها الرجل ويضعها اليه ، فلما تناهت الى أبى الحسن عليه‌السلام أمسكها بيديه ممدودتين ، قال : إذا أنت على الجارية ست سنين لم يجز أن يقبلها رجل ليس بمحرم ، ولا يضمها إليه » وفي مرفوع زكريا المؤمن (٤) قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إذا بلغت الجارية ست سنين فلا يقبلها الغلام ، والغلام لا يقبل المرأة إذا جاز سبع سنين » ولا يخفى عليك ما في تخصيص القبلة والوضع بالحجر بالنهي ، مع التعبير بلفظ « لا ينبغي » من التلويح بجواز النظر الذي يدل عليه الأصل بمعنى الاستصحاب وغيره ، خصوصا مع عدم أمر الرضا عليه‌السلام بالغض عن الجارية ، بل لا يخفى أن النهي عن ذلك لما فيه من تخوف الفتنة ، نحو‌ قول على عليه‌السلام في خبر (٥) غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه‌السلام : « مباشرة الامرأة بنتها إذا بلغت ست سنين شعبة من الزنا » كل ذلك مضافا الى ما جاء من تغسيل الرجل بنت خمس سنين.

وبالجملة يمكن اشتراط حرمة النظر من حيث العورة بالبلوغ إن لم يكن إجماعا ، وربما أيد ذلك السيرة المستمرة ، نعم لا يمكن رجحان التجنب عن الصبي المميز القابل للتلذذ ، الظاهر عليه ذلك كما يتفق في بعض الأولاد ، بل ظاهر غير واحد من الأصحاب المفروغية من وجوب التستر عليه ( عنه خ ل ) ومنع الولي إياه ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٢٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٦ عن على بن عقبة عن بعض أصحابنا.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٢٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٢٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٥.

٨٤

بل في جامع المقاصد نفي الخلاف فيه بين أهل الإسلام ، كما أن فيه أيضا الإجماع على عدم جواز نظر البالغ الأجنبية التي بلغت مبلغا صارت به مظنة الشهوة من دون حاجة الى نظرها ، فان تم ذلك كان هو الحجة ، وإلا كان محل بحث ، لكن لا ريب في أنه أحوط.

ويمكن أن يريد البلوغ في معقد الإجماع بل ينبغي تجنبه إذا كان مما يحسن أن يصف ما يرى لعدم ائتمانه ، وربما كان وسيلة بوصفه الى حصول الفتنة ، بل ربما يكون من مصائد الشيطان وأحد أبوابه ورسله ، قال الصادق عليه‌السلام (١) : « سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن الصبي يحجم المرأة ، قال : ان كان يحسن أن يصف فلا. »

وأما القواعد من النساء فالذي يظهر بقاء حكم العورة بالنسبة الى ما يعتاد ستره من الأجساد في مثلهن من البطن ونحوها ، نعم لا بأس ببروز وجوههن وبعض شعرهن وأذرعهن ونحو ذلك مما يعتاد في العجائز المسنة ، فالمراد من الآية أن القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا أى يئسن من المحيض والولد والطمع في النكاح لكبر السن لا جناح عليهن إذا خرجن من بيوتهن أن يضعن ثيابهن التي يسترن بها ، ثياب الزينة وغيرها من الملحفة والجلباب والخمار ونحوها ، بشرط أن يكون ذلك لا على وجه التبرج بزينة ، بل يكون للخروج في حوائجهن ، ومع ذلك فان يستعففن ويسترن خير لهن ، لا أن المراد ارتفاع حكم العورة بالنسبة إليهن الذي يمكن دعوى ضرورة المذهب أو الدين على خلافه ، فضلا عن عموم الأدلة وإطلاقها من‌ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « النساء عورة » (٢) وغيره ، وفي خبر يونس (٣) قال : « ذكر الحسين أنه كتب إليه يسأل عن حد القواعد من النساء التي إذا بلغت جاز لها أن تكشف رأسها‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٣١ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٥ عن على بن أحمد ابن يونس إلا أن الموجود في التهذيب ج ٧ ص ٤٦٧ الرقم ١٨٧١ عن على بن احمد عن يونس.

٨٥

وذراعها ، فكتب : من قعدن عن النكاح » وفي صحيح البزنطي المروي عن قرب الاسناد (١) عن الرضا عليه‌السلام « سألته عن الرجل يحل له أن ينظر الى شعر أخت امرأته؟ فقال : لا ، إلا أن تكون من القواعد ، قلت له : أخت امرأته والغريبة سواء؟ قال : نعم ، قلت : فمالي من النظر اليه منها؟ قال : شعرها وذراعها » والمراد إذا كانت من القواعد بقرينة أوله ، وفي خبر الحلبي (٢) عن أبى عبد الله عليه‌السلام « إنه قرأ ( أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ ) ، قال : الخمار والجلباب ، قلت : بين يدي من كان؟ فقال : بين يدي من كان غير متبرجة بزينة ، فان لم تفعل فهو خير لها » الحديث.

وفي خبر حريز (٣) عنه عليه‌السلام أيضا « أنه قرأ ( أَنْ يَضَعْنَ ) من ( ثِيابَهُنَّ ) ، قال : الجلباب والخمار إذا كانت المرأة مسنة » وفي خبر محمد بن مسلم (٤) عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : « في قوله تعالى ( وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ ) ـ الى آخره ـ ما الذي يصلح أن يضعن من ثيابهن؟ قال : الجلباب » بل‌ في خبر الكناني (٥) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القواعد ما الذي يصلح لهن أن يضعن من ثيابهن؟ فقال : الجلباب إلا أن تكون أمة فليس عليها جناح أن تضع خمارها » وفي خبر محمد بن أبي حمزة (٦) عن أبى عبد الله عليه‌السلام « قال : القواعد ـ الى آخره ـ قال : تضع الجلباب وحده ».

فما عساه يظهر من عبارة الشهيد وغيرها من ارتفاع حكم العورة عن جميع أجسادهن في غير محله ، بل لا يبعد الاقتصار في الرخصة لهن على المستفاد من النصوص المزبورة من خصوص الوجه والكفين بناء على ما سمعته منا من الحرمة ، وفي الذراع والشعر وما يخرج بعد وضع الخمار ، وفي وضع الملاحف ونحوها مما يستعمله غيرهن مما يسترن به زينتهن ، كما أنه لا يبعد استفادة وجوب ستر الزينة من الحلي والثياب الجدد من هذه الآية ، بل ومن قوله تعالى ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ) (٧) وقوله تعالى (٨)

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١١٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١١٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١١٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٦.

(٦) الوسائل الباب ـ ١١٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٧) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣١.

(٨) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣١.

٨٦

( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ ) فليحق حينئذ بالعورة في وجوب الستر نفس الزينة من الحلبي وغيرها إذا كانت في محالها ، وهو غير بعيد ، لما فيه من مظنة الفتنة وغيرها.

وأما استثناء غير أولى الإربة فستعرف المراد منه في البحث عن الخصى.

وأما ما ذكروه من تقييد ذلك بالاختيار فهو كذلك ، إذ لا ريب في أنه يجوز عند الضرورة نظر كل من الرجل والمرأة إلى الأخر ولمسه ، بل وغيرهما مما تقتضي الضرورة به ، لقوله عليه‌السلام (١) : « ما حرم الله شيئا إلا وأحله عند الاضطرار اليه » وقوله عليه‌السلام (٢) : « كلما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر » وخبر الثمالي (٣) عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : « سألته عن الامرأة المسلمة يصيبها البلاء في جسدها إما كسر أو جراح في مكان لا يصلح النظر اليه ويكون الرجل أرفق بعلاجه من النساء أيصلح له أن ينظر إليها؟ فقال : إذا اضطرت اليه فليعالجه إن شاءت » ومكاتبة الصفار إلى أبى محمد عليه‌السلام (٤) « في رجل أراد أن يشهد على امرأة ليس لها محرم هل يجوز أن يشهد عليها وهو من وراء الستر ويسمع كلامها إذا شهد رجلان عدلان أنها فلانة بنت فلان وهذا كلامها أو لا تجوز له الشهادة حتى تبرز من بيتها بعينها؟ فوقع عليه‌السلام : تتنقب وتظهر للشهود ».

ولعله لذا جعل المصنف وغيره ذلك من أفراد الضرورة ، فقال في المثال : كما إذا أراد الشهادة عليها بل ظاهره عدم الفرق فيها بين التحمل والأداء ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القيام الحديث ٦ و ٧ من كتاب الصلاة مع اختلاف في اللفظ.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب قضاء الصلوات الحديث ٣ ـ ١٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٣٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٤) الفقيه ج ٣ ص ٤٠ الرقم ١٣٢.

٨٧

كما صرح به في المسالك بل زاد فيها أيضا على ذلك المعاملة معها ليعرفها إذا احتاج إليها ، بل قال بعد أن حكى الإجماع على جواز النظر للحاجة : إن من ذلك النظر إلى من يريد نكاحها أو شراءها.

نعم فيها وفي المتن وفي غيرهما أنه يقتصر الناظر منها أو منه على ما يضطر الى الاطلاع عليه ، كالطبيب إذا احتاجت اليه للعلاج ولو الى العورة دفعا للضرر بل الظاهر جواز اللمس كذلك إذا توقف عليه ، كما صرح به في المسالك ، لكن قال : « لو أمكن الطبيب استنابة امرأة أو محرم أو الزوج في موضع العورة في لمس المحل ووضع الدواء وجب تقديمه على مباشرة الطبيب ، ثم قال : والأقوى اشتراط عدم إمكان المماثل المساوي له في المعرفة أو فيما تندفع به الحاجة ، ولا يشترط في جوازه خوف فساد المحل ، ولا خوف شدة الضنى ، بل المشقة بترك العلاج أو بطء البرء » قلت : ينبغي أن يعلم أولا أنه لا فرق فيما ذكره أولا بين اللمس والنظر ، وثانيا أن ظاهر كلامه السابق كفاية الحاجة ، وهي أوسع دائرة من الضرورة ، بل ربما نافاه اشتراط عدم إمكان المماثل ، والذي يقوى في النظر الجواز للضرورة دون الحاجة ، لأنها هي التي دلت عليها النصوص (١) بخلافها ، إذ لم نعثر على ما يدل على جعلها عنوانا في الجواز في شي‌ء مما وصل إلينا من الأخبار ، نعم قد سمعت الإجماع المحكي ، فإن تم كان هو الحجة ، وإن كان المظنون أن حاكيه قد استنبطه من استقراء بعض الموارد التي ذكرت في النصوص ، مضافا الى ما يستعمله الناس في القصد ونحوه ، إلا أن ذلك كله لا يقتضي جعل العنوان الحاجة ، كما هو واضح.

فالأولى الاقتصار في الجواز على خصوص ما في النصوص ، وعلى ما قضت به السيرة المعتد بها ، وعلى ما يتحقق معه اسم الاضطرار عرفا ، سواء كان ذلك بمعارضة ما هو أهم في نظر الشارع مراعاة من حرمة النظر واللمس من واجب أو محرم أولا ، فيكون ذلك حينئذ هو المدار في الجواز ، وليس من الضرورة النظر الى من يريد‌

__________________

(١) المتقدمة في ص ٨٧.

٨٨

نكاحها أو شراءها ، بل ذلك لدليل خاص ، ولذا جاز ولو تمكن من وصف الغير ونحوه مما يرتفع به الاضطرار ، بل جاز في غير محل الاضطرار.

بل من ذلك يعرف ما في القول بجواز النظر الى فرج الزانيين ، لتحمل الشهادة ، وأن الأقوى فيهما حينئذ المنع ، كما عن التذكرة ، لأنه نظر الى فرج محرم ، وليست الشهادة على الزنا عذرا ، للأمر بالستر ، وحينئذ فالشهادة عليه انما تكون مع اتفاق الرؤية من دون قصد أو معه بعد التوبة ، ان جعلناه كبيرة ، خلافا للفاضل في القواعد ، فجوزه لأنه وسيلة إلى إقامة حد من حدود الله ، ولما في المنع من عموم الفساد ، واجتراء النفوس على هذا المحرم ، وانسداد باب ركن من أركان الشرع ، ولم يسمع الشهادة بالزنا ، لتوقف تحملها على الاقدام الى النظر المحرم وإدامته ، لاستعلام الحال بحيث يشاهد الميل في المكحلة ، وإيقاف الشهادة على التوبة يحتاج الى زمان يعلم منه العزم على عدم المعاودة ، فيعود المحذور السابق ، وفي المسالك « وهذا القول ليس بذلك البعيد ـ ثم قال ـ : وأما نظر الفرج للشهادة على الولادة ، والثدي للشهادة على الرضاع ، فإن أمكن إثباتهما بالنساء لم يجز للرجال ، وإلا فوجهان ، أجودهما الجواز لدعاء الضرورة إليه وكونه من مهام الدين ، وأتم الحاجات خصوصا أمر الثدي ، ويكفي في دعاء الضرورة إلى الرجال المشقة في تحصيل أهل العدالة من النساء على وجه يثبت به الفعل ».

قلت : قد عرفت كون المدار على ثبت في النص وعلى ما جرت به السيرة وعلى صدق الاضطرار الى فعل المحرم ، وليس المدار على الحاجة ونحوها نعم قد يتوقف في صدقه مع التمكن من الامرأة أو المحرم ، بل وفعل ما يكون به محرما ، فالأحوط مراعاة عدم ذلك كله ، بل هو الأقوى في الأولين ، والله العالم.

٨٩

( مسألتان ) :

( الأولى )

هل يجوز للخصي البالغ النظر إلى المرأة المالكة له أو الأجنبية عنه ولو لكونه حرا وبالعكس؟ قيل : نعم يجوز ، وقيل : لا يجوز ، لكن لم نعرف القائل بالأول سابقا على زمن المصنف من الأصحاب على وجه العموم ، نعم عن الفاضل في المختلف جوازه في المملوك بالنسبة إلى مالكته ، وعن ابن الجنيد أنه‌ قال : روي (١) عن أبى عبد الله عليه‌السلام وأبى الحسن عليه‌السلام « كراهة رؤية الخصيان الحرة من النساء ، حرا كان أو مملوكا ، » وهو مع احتمال إرادة الحرمة من الكراهة غير صريح في الفتوى بذلك بعد اقتصاره على نسبته إلى الرواية ، بل لعله ظاهر في الخلاف كظهور المحكي عن ابن إدريس في أن مذهب الإمامية عدم الجواز في الخصي المملوك ، فضلا عن غيره ، قال : فأما إذا ملكت المرأة فحلا أو خصيا فهل يكون محرما لها حتى يجوز له أن يخلو بها ويسافر معها؟ قيل : فيه وجهان : أحدهما وهو مذهبنا أنه لا يكون محرما لها ، ولا يجوز له النظر الى ما يجوز لذوي محارمها النظر اليه ، والقول الآخر يكون محرما ، ويحل له النظر إليها ، وهو مذهب المخالف ، ثم ذكر أنهم تمسكوا بقوله تعالى (٢) ( أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ ) وبما روى من حديث (٣) فاطمة عليها‌السلام ، وأجاب عن الآية بأن أصحابنا رووا عن الأئمة عليهم‌السلام في تفسيرها أن المراد الإماء دون الذكران ، وعن الخبر بأنه رواية المخالف ، مع أنه‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٢٥ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١٠.

(٢) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣١.

(٣) سنن أبى داود ج ٢ ص ٣٨٣ ( الطبعة الأولى بمصر ) كتاب اللباس الباب ـ ٢٣٥.

٩٠

خبر آحاد ، بل لعل ذلك أيضا هو مقتضى إجماع الشيخ في الخلاف ، قال فيه : « إذا ملكت المرأة فحلا أو خصيا أو مجبوبا لا يكون محرما لها ، فلا يجوز أن يخلو بها ولا يسافر معها » ثم استدل بإجماع الفرقة وطريقة الاحتياط ، قال : وأما الآية فقد روى أصحابنا أن المراد بها الإماء دون العبيد الذكران ، وعن ظاهر فقه القرآن للراوندي الإجماع أيضا على عدم الجواز في الخصي المملوك للمرأة ، فضلا عن غيره كما أن فيه أيضا تفسير ( ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ ) بالإيماء ناسبا له إلى رواية الأصحاب ، نحو ما سمعته من ابن إدريس ، وربما يؤيده إرادة ذلك مما ملك في جميع القرآن أو أغلبه.

ولا ينافيه ما عن المبسوط « إذا ملكت المرأة فحلا أو خصيا فهل يكون محرما حتى يجوز له أن يخلو بها ويسافر معها؟ قيل : فيه وجهان : أحدهما وهو الظاهر أنه يكون محرما ، لقوله تعالى (١) ( أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ ) والثاني وهو الأشبه بالمذهب أنه لا يكون محرما ، وهو الذي يقوى في نفسي ـ إلى أن قال ـ : وقد روى أصحابنا في تفسير الآية أن المراد الإيماء » إذ هو كما ترى انما نسب الوجهين الى القيل ، ويمكن كونه من العامة وإن قال في أولهما : إنه الظاهر مريدا به من الآية لو لا نصوص التفسير ، ولكن مع ذلك كله قد اختاره في المسالك الجواز مطلقا ، بل ربما مال إلى جواز رؤية الفحل الى مالكته ، وتبعه بعض من تأخر عنه.

وعلى كل حال فلا ريب في أن الثاني هو الأظهر ، لعموم المنع المستفاد من السنة (٢) والإجماع بقسميه على أن المرأة عورة ، بل ذلك من ضروري المذهب أو الدين وملك اليمين المستثنى في الآية المراد به الإماء التي لم تندرج في نسائهن المنساق منهن الحرائر المسلمات ، خلافا لعائشة والشافعي ، فالمملوك مطلقا ، وخبر البصري (٣) محمول على التقية التي يكفي فيها قطعا قول بعضهم بذلك ،

__________________

(١) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٢٥ ـ من أبواب مقدمات النكاح.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٢٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤.

٩١

خصوصا في مثل المقام المعروف بين السلاطين والحكام ، ولا يعتبر فيها اتفاقهم على ذلك ، كما في المسالك‌ قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المملوك يرى شعر مولاته ، قال : لا بأس ».

وخبر ابن (١) عمار قال : « كنا جلوسا عند أبى عبد الله عليه‌السلام نحوا من ثلاثين رجلا إذ دخل أبى فرحب به أبو عبد الله عليه‌السلام وأجلسه إلى جنبه ، فأقبل عليه طويلا ، ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن لأبي معاوية حاجة فلو خففتم ، فقمنا جميعا ، فقال لي أبي : ارجع يا معاوية ، فرجعت ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : هذا ابنك ، قال : نعم وهو يزعم أن أهل المدينة يصنعون شيئا لا يحل لهم ، قال : وما هو؟ قلت : المرأة القرشية والهاشمية تركب وتضع يدها على رأس الأسود وذراعيها على عنقه ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا بني أما تقرأ القرآن؟ قال : بلى ، قال : اقرأ هذه الآية ( لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ ) ـ حتى إذا بلغت ـ ( وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ ) ، ثم قال : يا بنى لا بأس أن يرى المملوك الشعر والساق ».

وخبره الآخر (٢) أيضا قال : « قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام : المملوك يرى شعر مولاته وساقها ، قال : لا بأس » خصوصا مع معلومية كون عمار ثقة في العامة وجها يكنى أبا معاوية كما عن فهرست الشيخ ، ولعله لذا عظمه بما سمعت ، على أن مقتضاها الجواز في الفحل المعلوم عدم جوازه عندنا ، بل ربما يشعر إنكار عمار على أهل المدينة بكون ذلك معلوما في مذهب الشيعة.

وخبر إسحاق بن عمار (٣) « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أينظر المملوك إلى شعر مولاته؟ قال : نعم وإلى ساقها ».

والمرسل المروي في كتب فروع الأصحاب (٤) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « إنه أتى‌

__________________

(١) ذكر صدره وذيله في الوسائل في الباب ـ ١٢٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٥ وتمامه في الكافي ج ٥ ص ٥٣١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٦.

(٤) سنن ابى داود ج ٢ ص ٣٨٣ ( الطبعة الأولى بمصر ) كتاب اللباس الباب ـ ٢٣٥.

٩٢

فاطمة عليها‌السلام بعبد قد وهبه لها وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت رأسها لم يبلغ رجليها ، وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها ، فلما رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إنه ليس عليك بأس ، انما هو أبوك وغلامك » المحتمل كونه صغيرا أهدى للحسنين عليهما‌السلام.

وخبر عبد الرحمن (١) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المملوك يرى شعر مولاته قال : لا بأس ».

أو يحمل ذلك على النظر الاتفاقي الذي تكون مقدماته اختيارية منها ومنه ، كما يومي اليه‌ خبر يونس بن عمار ويونس بن يعقوب (٢) عن أبى عبد الله عليه‌السلام « لا يحل للمرأة أن ينظر عبدها إلى شي‌ء من جسدها إلا إلى شعرها غير متعمد لذلك » والمرسل (٣) في الكافي « لا بأس أن ينظر الى شعرها إذا كان مأمونا » والمروي عن قرب الاسناد عن الحسن بن علوان (٤) عن جعفر عن أبيه إنه كان يقول : « لا ينظر العبد الى شعر مولاته؟ » وإلا كانت هذه الأخبار هي التي استقر عليها عمل الطائفة.

قال القاسم الصيقل (٥) « كتبت إليه أم علي تسأله عن كشف الرأس بين يدي الخادم ، وقالت له : إن شيعتك اختلفوا على في ذلك ، فقال بعضهم : لا بأس ، وقال بعضهم : لا يحل ، فكتب عليه‌السلام : سألت عن كشف الرأس بين يدي الخادم ، لا تكشفي رأسك بين يديه ، فان ذلك مكروه » فان الظاهر إرادة الحرمة من الكراهة فيه التي علل بها النهي الذي هو حقيقة في التحريم الذي لا يعارضه لفظ الكراهة في التعليل بعد كونها للقدر المشترك في العرف السابق ، وكان اختلاف الشيعة التي أشارت إليه مما وقع منه عليه‌السلام لتقية وغيرها ، حتى ظن سامع الأول أن الحكم كذلك ، ولذا بعد أن ظهر الحال استقر مذهب الشيعة على عدم جواز نظر المملوك الفحل الى سيدته ، وكونه كالأجنبي.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٢٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٨ عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن على عليهم‌السلام وفيه‌ « الى شعر سيدته ».

(٥) الوسائل الباب ـ ١٢٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٧.

٩٣

بل وكذا استقر على عدم الفرق بين الخصي الحر أو المملوك بالنسبة الى غير سيدته ، أيضا ، ففي خبر عبد الملك بن عتبة النخعي (١) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أم الولد هل يصلح أن ينظر إليها خصي مولاها وهي تغتسل؟ قال : لا يحل ذلك » وفي خبر محمد بن إسحاق (٢) « سألت أبا الحسن موسى عليه‌السلام ، قلت : يكون للرجل الخصى يدخل على نسائه فينا ولهن الوضوء فيرى شعورهن ، قال : لا » والمرسل (٣) عن مكارم الأخلاق « لا تجلس المرأة بين يدي الخصي مكشوفة الرأس » ولا يعارض ذلك‌ خبر ابن بزيع (٤) « سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن قناع الحرائر من الخصيان ، فقال : كانوا يدخلون على بنات أبى الحسن عليه‌السلام ولا يتقنعن ، قلت : فكانوا أحرارا قال : لا ، قلت : فالأحرار يتقنع منهم ، قال : لا » بعد قصوره من وجوه : منها الموافقة للعامة وللمتعارف عند سلاطينهم وحكامهم ، بل لعل في قوله عليه‌السلام في الجواب : « كانوا » إلى آخره رائحة التقية ، كما يؤيد ذلك ما في‌ حديث آخر (٥) من أنه لما سئل عن هذه المسألة « فقال : أمسك عن هذا » ضرورة ظهور ذلك في كونه للتقية ، كتركه الجواب‌ في المروي عن الحميري عن الخثعمي (٦) عن أبى الحسن عليه‌السلام قال : « كتبت إليه أسأله عن خصي لي في سن رجل مدرك يحل للمرأة أن يراها وتنكشف بين يديه ، فلم يجبني عليه‌السلام » فمن الغريب تردد بعض أصحابنا في ذلك.

وأغرب منه دعواه اندراجه في غير أولى الإربة المتفقة أخبارنا على تفسيره بغير ذلك ، قال زرارة (٧) في الصحيح : « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عنه ، فقال : الأحمق الذي لا يأتي النساء » وقال أيضا‌ في صحيحه الآخر (٨) : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، فقال : هو الأحمق الذي لا يأتي النساء » وفي موثق البصري (٩) سألته عليه‌السلام عنه قال :

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢٥ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢٥ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢٥ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٩.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٢٥ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٢٥ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٦.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٢٥ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٨.

(٧) الوسائل الباب ـ ١١١ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٨) التهذيب ج ٧ ص ٤٦٨ الرقم ١٨٧٣.

(٩) الوسائل الباب ـ ١١١ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

٩٤

« الأحمق المولى عليه الذي لا يأتي النساء » وفي خبر القداح (١) عن أبى عبد الله عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال : « كان بالمدينة رجلان يسمى أحدهما هيت والآخر مانع ، فقال لا لرجل ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسمع : إذا افتتحتم الطائف إن شاء الله فعليك بابنة غيلان الثقفية ، فإنها شموع بخلاء مبتلة هيفاء شنباء إذا جلست تثنت ، وإذا تكلمت غنت ، تقبل بأربع وتدبر بثمان ، بين رجليها مثل القدح ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا أراكما إلا من أولى الإربة من الرجال ، فأمرهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعزب بهما في مكان يقال له : العرباء ، وكانا يتسومان في كل جمعة » قلت : الظاهر ، أن هذين الرجلين كانا مخنثين.

ودعوى كون الخصي مقطوع الشهوة يدفعها منع كونه بأقسامه كذلك وإن قلنا باختصاص محل البحث في مقطوع الذكر والأنثيين منه ، فان انقطاع الشهوة منه أيضا مطلقا ممنوع ، مع أن الظاهر صدق اسم الخصي على الجميع ، وعن المصباح والقاموس والمجمع وغيرها أنه من سل خصيتاه ، فما عن بعضهم من إلحاق من بقي ذكره بالفحل مجرد تشه ، وفي كنز العرفان قيل : المراد بهم الشيوخ الذين سقطت شهوتهم ، وليس لهم حاجة الى النساء ، وهو مروي (٢) عن الكاظم عليه‌السلام ، والإربة الحاجة ، وقيل : هم البله الذين لا يعرفون شيئا من أمور النساء ، وهو مروي (٣) عن الصادق عليه‌السلام وابن عباس ، وعن الشافعي انه هو الخصي المجبوب ، ولم يسبق الى هذا القول ، وعن أبي حنيفة هم العبيد الصغار ، وهو كما ترى صريح في تفرد الشافعي بما سمعت.

وقد ظهر من ذلك أن المراد بغير أولى الإربة من لا يشتهي النكاح لكبر سن‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١١ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤ عن أبى عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام ولم يذكر اسم الرجلين وذكرهما في الكافي ج ٥ ص ٥٢٣ ورواه هناك عن أبى عبد الله عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام.

(٢) كنز العرفان ص ٣٢٢ الطبعة القديمة.

(٣) معاني الأخبار ص ١٦٢ وفيه‌ « هو الأبله المولى عليه الذي لا يأتي النساء ».

٩٥

ونحوه ، شبه القواعد من النساء التي لا ترجو نكاحا ولا تطمع فيه ، على أن الظاهر جواز إبداء الزينة لمثله ، بمعنى عدم وجوب وضع نحو الملحفة والخمار ونحوهما على ثياب الزينة وحليها ، لا أن المراد ارتفاع حكم العورة بالنسبة إليه في جميع الجسد وصيرورته كالمحرم ، كما يدعيه الخصم الذي يمكن دعوى ضرورة المذهب أو الدين على خلافه ، وقد سمعت سابقا إطلاق الفتوى ، ومعقد الإجماع على عدم جواز النظر إلى الأجنبية عدا الوجه والكفين ، نعم في جامع المقاصد ولو كان شيخا كبيرا جدا هرما ففي جواز نظره احتمال ، ومثله العنين المخنث ، وهو المشبه بالنساء ، واختار في التذكرة أنهم كالفحل ، لعموم الآية (١) وهو قوى ، وربما نزل على الأبله الذي لا يحتاج الى النساء ولا يعرف شيئا من أمورهن ، وهو كما ترى لم يحكم بشي‌ء ، ولعل ذلك منه ومن غيره مؤيد لما ذكرناه سابقا من حرمة نظر الوجه والكفين مطلقا إلا غير أولى الإربة ، حتى يكون موضوعا للآية التي لم أقف على من قال إنها منسوخة بآية الغض (٢) أما على القول بالجواز لغيرهم فضلا عنهم وعدم جواز غيرهما لهم أيضا ، فلا موضوع لاستثنائهم ، اللهم إلا أن يلتزموا بجواز نظر من لا إربة له زائدا على الوجه واليدين ، كما هو مقتضى كلام جماعة ، منهم ثاني الشهيدين وغيره ، خصوصا من كتب منهم في آيات الأحكام ، فيكون ذلك استثناء منهم على نحو استثناء القواعد من الأجنبية.

وأغرب من ذلك كله عدم استبعاد إرادة خصوص الخصى من الآية مع اندراجه في غير أولى الإربة عند هذا القائل ، واستبعاد إرادة الإماء مما ملكت أيمانهن بعد ما سمعت ما عن المبسوط والخلاف وفقه القرآن للراوندي والسرائر من نسبة ذلك إلى رواية أصحابنا ، بل ركن اليه ابن إدريس الذي لا يعمل بأخبار الآحاد ، مع أن ظاهر الآية ذكر الذكور أولا ثم ذكر الإناث بقوله (٣) تعالى ( نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ ) لبيان عدم كون محال الزينة مثل العورة المحرم نظرها على الرجال‌

__________________

(١) سورة النور : الآية ٣١.

(٢) سورة النور : الآية ٣٠.

(٣) سورة النور : الآية ٣١.

٩٦

والنساء والواجب سترها منهما ، إلا أنه لما كان من المعلوم عدم اندراج الإماء في النساء ذكرها بالخصوص ، فلا تكرار حينئذ ، كما توهم ، بل الظاهر عدم إرادة خصوص المملوكة بالنسبة إلى مالكتها ، بل المراد المملوكة ولو لغيرها ، وكذا النساء مع احتمال إرادة خصوص ذلك ، ويتمم الباقي بعدم القول بالفصل ، كل ذلك بعد الإغضاء عما هو معلوم من دين متديني الإمامية من عدم ذلك ، فلا يحل لمؤمن التردد في ذلك مخافة أن يكون ذلك منه سببا للجرأة من غيره.

ومن ذلك يعلم الحال فيما في الروضة أيضا واتباعها كالكفاية وغيرها ، بل ويعلم ما في الرياض المبني على أن الأصل بالإباحة ، لعدم عموم يقتضي حرمة النظر في المقام وفيما سبق من المقامات ، مع أنه يمكن دعوى الضرورة فضلا عن الإجماع ، والنصوص على أن « المرأة جميعها عورة » (١) أى بحكمها في حرمة النظر ، ووجوب الستر على وجه القاعدة ، كما سمعته من المقداد في الكنز سابقا في حكم الوجه والكفين.

المسألة ( الثانية )

الأعمى فضلا عن المبصر لا يجوز له سماع صوت المرأة الأجنبية مع التلذذ أو الريبة وخوف الفتنة قطعا ، أما مع عدم ذلك فقد يظهر من المتن والقواعد والتحرير والإرشاد والتلخيص الحرمة أيضا ، لأنه عورة فيحرم سماعه حينئذ ، ويجب عليها ستره على كل حال ، بل قيل : إنه المشهور وإنه مقتضى المستفيض من محكي الإجماع ، ولعل مراده ما تقدم في الصلاة من حرمة الجهر عليها مع سماع الأجانب ، فان في كشف اللثام وغيره الاتفاق على أن صوتها عورة ، ولذا حرم عليها ذلك ، بل‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤ ـ ٦ والباب ـ ١٣١ ـ منها الحديث ١.

٩٧

وبطلت صلاتها كما حررناه في محله ، قال الصادق عليه‌السلام في خبر (١) : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ولا تبدؤوا النساء بالسلام ولا تدعوهن إلى الطعام ، فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : النساء عي وعورة ، فاستروا عيهن بالسكوت واستروا عوراتهن بالبيوت » وقال عليه‌السلام ، أيضا في خبر غياث بن (٢) إبراهيم : « لا تسلم على المرأة » وغير ذلك مما سمعته وغيره الذي منه النهي عن الجهر بالتلبية (٣) بل قد تقدم في كتاب الصلاة ما يقتضي المفروغية من حرمة الجهر عليها بالقراءة مع سماع الأجانب ، وبدونه مخيرة ، وكذا الكلام في الأذان.

لكن ذلك كله مشكل بالسيرة المستمرة في الأعصار والأمصار من العلماء والمتدينين وغيرهم على خلاف ذلك ، وبالمتواتر أو المعلوم مما ورد من كلام الزهراء وبناتها عليها وعليهن السلام ، ومن مخاطبة النساء للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام على وجه لا يمكن إحصاؤه ولا تنزيله على الاضطرار الدين أو دنيا ، بل قوله تعالى (٤) : ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ ) دال على خلاف ذلك أيضا ، ولعله لذا وغيره صرح جماعة كالكركي والفاضل في المحكي عن تذكرته وغيرهما ممن تأخر عنه كالمجلسي وغيره بالجواز ، بل بملاحظة ذلك يحصل للفقيه القطع بالجواز فضلا عن ملاحظة أحوالهم في ذلك الزمان ، من كونهم أهل بادية ، وتقام المآتم والأعراس وغيرها فيما بينهم ، ولا زالت الرجال منهم مختلطة مع النساء في المعاملات والمخاطبات وغيرها. نعم ينبغي للمتدينة منهن اجتناب إسماع الصوت الذي فيه تهييج للسامع وتحسينه وترقيقه حسبما أومأ إليه الله تعالى شأنه بقوله (٥) ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ ) الى آخره ، كما أنه ينبغي للمتدينين ترك سماع صوت الشابة الذي هو مثار الفتنة حسبما أومأ إليه‌ أمير المؤمنين عليه‌السلام في تعليم الناس فيما رواه عنه الصدوق (٦) قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣١ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٣١ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب الإحرام الحديث ٣ من كتاب الحج.

(٤) سورة الأحزاب : ٢٣ ـ الآية ٣٦.

(٥) سورة الأحزاب : ٢٣ ـ الآية ٣٦.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٣١ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

٩٨

يسلم على النساء ويرددن عليه ، وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام يسلم على النساء ويكره أن يسلم على الشابة منهن ، ويقول : أتخوف أن يعجبني صوتها فيدخل على من الإثم أكثر مما أطلب من الأجر » بل ينبغي ترك ما زاد على خمس كلمات لخبر (١) المناهي قال : « ونهى أن تتكلم الامرأة عند غير زوجها أو غير ذي محرم منها أكثر من خمس كلمات مما لا بد لها منه » المحمول على الكراهة قطعا ، لضعف سنده ، واشتماله على كثير من النواهي المراد منها ذلك ، ولإجماع الأمة على جواز الأزيد مع الضرورة ، وفي المروي عن الخصال (٢) عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه‌السلام أنه قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعة تميت القلب : أحدها كثرة مناقشة النساء ، يعنى محادثتهن » الى غير ذلك مما لا يخفى على من أعطاه الله تعالى معرفة لسانهم ورمزهم ظهور إرادة الكراهة ، وبالجملة سماع أصواتهن كسماعهن أصوات الرجال في القطع بالجواز ما لم يكن أحد الأمور السابقة ، من غير فرق بين الأعمى والمبصر.

كما أنه لا فرق بينهما نصا وفتوى وسيرة في أنه لا يجوز للمرأة النظر إليه ، لأنه يساوي المبصر في تناول النهي المستفاد من آية الغض وغيره ، وفي المرسل (٣) عن أم سلمة قالت « كنت أنا وميمونة عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأقبل ابن أم مكتوم فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : احتجبن عنه ، فقلنا : إنه أعمى فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه ».

نعم لا بأس بمصافحة الامرأة الأجنبية للرجل من وراء الثياب ، وبالعكس فضلا عن مصافحة كل منهما لمماثله مع عدم التلذذ ونحوه ، كما صرح به بعضهم ، قال سماعة (٤) : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن مصافحة الرجل المرأة قال : لا يحل للرجل أن يصافح المرأة إلا امرأة يحرم عليه أن يتزوجها : أخت أو ابنة أو عمة أو خالة أو بنت‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠٦ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤ مع اختلاف في اللفظ.

(٤) الوسائل الباب ـ ١١٥ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

٩٩

أخت أو نحوها ، فأما المرأة التي يحل له أن يتزوجها فلا يصافحها إلا من وراء الثوب ، ولا يغمز كفها » وقال أبو بصير (١) : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : هل يصافح الرجل المرأة ليست له بذي محرم؟ فقال : لا إلا من وراء الثوب » هذا.

وفي القواعد والعضو المبان كالمتصل على إشكال ، قلت : لعل وجهه من ظهور الأدلة في أنه عورة حال الاتصال لا حال الانفصال الذي يكون فيه كالحجر ، واستبعاد حرمة النظر الى مثل الأظفار ولمسها والسن والشعر ، خصوصا بعد ما ورد (٢) من النهي عن الوصل بشعر الغير مع عدم التعرض فيه ، لحرمة لمسه والنظر إليه الذي ، هو مظنته ، خصوصا الأخير ، ومن ثبوت حرمته قبل الانفصال فيستصحب ، وعدم مدخلية الاتصال وحكم العورة ، واستلزام جواز النظر واللمس الى المجموع المقطع أجزاء ، وصدق اسم الذكر ونحوه على المقطوع ، ولعل الأخير أقوى كما صرح به في جامع المقاصد.

ثم لا يخفى عليك أن كل موضع حكمنا فيه بتحريم النظر فتحريم اللمس ( المس خ ل ) فيه أولى ، كما صرح به بعضهم ، بل لا أجد فيه خلافا ، بل كأنه ضروري على وجه يكون محرما لنفسه ، وفي خبر (٣) مبايعتهن للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دلالة عليه ، ولذا « أمر بقدح من الماء فوضع يده ، ثم وضعن أيديهن » مضافا الى ما سمعته من النهي عن المصافحة إلا من وراء الثياب وغير ذلك ، ولو توقف العلاج على مس الأجنبية دون نظرها فتحريم النظر بحاله ، وكذا العكس ، فإنه لا تلازم بينهما في جانب العدم ، وحينئذ فجواز النظر الى وجه الأجنبية وكفيها لو قلنا به لا يبيح مسها.

نعم لا بأس بلمس المحارم على حسب ما سمعته في النظر من غير خلاف يعتد به ، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه ، ولو بملاحظة السيرة القطعية.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١٥ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب ما يكتسب به من كتاب التجارة.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١٧ ـ من أبواب مقدمات النكاح.

١٠٠